بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

أيهما سيلد الآخر... دولة «داعش» أم يهودية إسرائيل؟ بسام البدارين

مصالح الأردن ودول الاعتدال العربي وتحديدا الدول «السنية» محشورة بين ثلاثة قوى متطرفة تستخدم الدين وتسعى للصراع على أساس ديني.
هذه الزاوية في تحليل المشهد العربي كانت على نحو أو آخر محصلة نهائية ليس فقط لموجات الربيع العربي
وتداعياتها بقدر ما هي ثمرة لاحتلال الأمريكيين للعراق وإخراجه عن السكة مع مفارقة غاية في الغرابة وتتمثل في أن كل ذلك تم وأنجز في الواقع بمال عربي ووسط حالة تواطؤ غريبة للنظام الرسمي العربي مع إيذاء النفس والذات.
هي بالمحصلة ثمرة للأداء الإسرائيلي المتواصل الذي تمكن من خدمة وإسناد التفكير الطائفي في المنطقة وسط بحر من الإحباط والعجز على مستوى كل الدول والقوة الفاعلة في المجتمعات العربية حتى بدأت النخب العربية تتعامل مع «يهودية دولة إسرائيل» وكأنها حقيقة فاعلة سيهضمها المجتمع في نهاية الأمر.
بطبيعة الحال وبكل الأحوال تحول إسرائيل لدولة يهودية يساعدها في الإفلات من معركة الديمغرافية ويتطلب دوما وجود مواجهات طائفية في المنطقة وولادة دول مشوهة على أساس ديني أو طائفي.
اتفق مع ما قاله سياسي أردني كبير من وزن طاهر المصري لأحد سفراء الدول الغربية حول إصرار الغرب على التساهل مع مشروع يهودية إسرائيل باعتباره مشروعا غير جدي وهو أمر يعني بأن جيلنا المقبل قد يشهد هذه الدولة على أساس ديني ليتحول مسار الصراع برمته في المنطقة إلى المساحة الدينية مما يعني تلقائيا الغرق في الفوضى والظلام لسنوات طويلة أيضا. 
النظام العربي المعتدل البائس يتعامل مع مسار الأحداث بردود فعل حاليا وهو محاط بكل الأحوال بثلاثة مشاريع تؤسس لإطالة أمد الاحتقان والصراع الديني.
إيران بمشروعها الذي يتغاضى عن الطائفية في اليمن والعراق وداعش التي ترتكب تصرفات بات يعرفها الضمير البشري ويسجلها على الإسلام والمسلمين ومشروع يهودية الدولة.
يهودية الدولة تحديدا تخلق مبررا للإرهاب على أساس طائفي وديني مستقبلا وتحرج الدول المعتدلة وتدعم الموتورين المتشددين من أهل السنة.
ونزعم في السياق ان أوروبا لا تنتبه لمسألتين في غاية الأهمية:
يهودية الدولة مشروع أخطر بكثير مما يبدو ومما تدعيه إسرائيل ويطيل عمر الإرهاب وهو مشروع جدي تماما وطويل الأمد وقد ينمو كالخيار المهرمن في الظل حتى يصبح سقف الحوار على تفاصيله وليس على جوهره.
ضغوط أوروبا تحت عنوان استقرار المنطقة لا تأخذ بالاعتبار خطورة هذه الاتجاهات الدينية في الصراع والانقسام وتجازف بمصالح النظام الرسمي السني المعتدل في مصر والسعودية والأردن ومنظومة دول الخليج.
وفي هذا السياق لابد من التحدث مع الدول المعتدلة الحليفة لأوروبا بلغة أكثر وضوحا في ملف الإصلاح مع الانتباه لأن لا تتخذ هذه الدول الحرب على الإرهاب ذريعة لتكريس الفساد والاستبداد والاعتداء على حقوق الإنسان لأن حماقات الاستبداد والفساد من الأسباب الرئيسية للتطرف في منطقتنا.
سعدت شخصيا بما قيل لوزير خارجية هولندا وهو يزور عمان عن خطورة غياب عملية سلام وعدم ولادة دولة فلسطينية حقيقية حيث انها تنحصر في أنها تمنع أبناء المنطقة من التفكير والتنمية والخيال والإبداع.
وبالتالي تعوق الاستقرار وتخدم التطرف وإسرائيل بموقفها الحالي ضد مشروع الدولة الفلسطينية تجازف بمستقبل أجيال كاملة لا زالت تؤمن بأن قضية فلسطين هي أساس كل شيء. بالتالي لابد لأوروبا ان تفهم ذاك جيدا فلن تنعم المنطقة بالاستقرار ولا أوروبا بالاسترخاء ما لم تسحب كل الذرائع ويرى الفلسطيني والمواطن العربي ان دولة فلسطينية ولدت ويعيشها أولادها بكرامه وتملك مقومات الاستمرار.
لذلك دولة فلسطين حاجة كونية أمنية وليس فقط حاجة عربية ومن يريد إحتواء الإرهاب فعلا عليه ان يعمل على خطين متوازيين …إسرائيل أولا كمنتج أساسي لكل تصنيع الإرهاب وثنائية الفساد والاستبداد ثانيا.
دون ذلك نقترح على الأوروبيين التوقف عن الاستطلاع والمراجعة وسنبقى معهم ندور في نفس الدائرة المغلقة وستستمر أوروبا كما هي الآن في الواقع قلقة من جنوب المتوسط ومترددة وفي بعض الأحيان تساهم في تصدير «إرهابيين» لمنطقة تعج أصلا بهم.
لافت جدا ان أوروبا لم تعد هدفا للإرهاب فقط بل مصنعا له حيث يوجد اليوم أكثر من 1700 إرهابي في العراق وسورية حضروا من الغرب ومن القارات الخمس بسبب مغامرات أجهزتها الأمنية التي حاولت التركيز على المعلومة ونسبت القيم فحضنت متشددين من منتجي الأفكار الظلامية. ويبقى سؤالنا المركزي الحائر: أيهما ولد أو سيلد الآخر …دولة داعش أم إسرائيل اليهودية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق