بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 ديسمبر 2014

أكذوبة التحالف الدولي في العراق عمار مرعي الحسن

من البديهي القول ان مقياس النجاح والفشل في التحالف المشكل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ـ وهو بالمناسبة يعد اكبر تحالف دولي قد شهدته البشرية في تاريخها ـ يعتمد بدرجة كبيرة على تحقيق المصالح والاهداف الأمريكية، اذ ان التحالف الدولي هو جزء من استراتيجية أمريكية شاملة لإعادة صياغة وترتيب المنطقة جغرافيا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا بما يتلاءم والمصلحة الأمريكية القائمة على محاولات تحقيق هيمنة أمريكية على العالم وادامتها إلى اطول وقت ممكن. 
فان الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تتحرك شبراً خارج أراضيها إن لم تكن هنالك مصلحة أمريكية في هذا التحرك، وتاريخها السياسي يشهد لها بذلك، فقد صاغت العديد من المشاريع فيما يتعلق بالمنطقة الاقليمية التي يقعالعراق في قلبها (حلف بغداد ومن ثم مشروع الشرق الاوسط الجديد ومن ثم الكبير).
كل تلك المشاريع تهدف إلى تعزيز المكانة والنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الاوسط، أي ان الأهداف الأمريكية تقتضي أن تكون هنالك أولويات في تنفيذ المشاريع، ونظراً لأهمية العراق وضرورة مكانته في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الاوسط فقد جرى اختياره من بين كل دول المنطقة ليكون بوابة الانطلاق في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الأمريكية، وهذه الحقيقة اكدتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كوندليزا رايس) في عام 2003 عندما قالت: «مثلما تحولت المانيا إلى حجر الزاوية لاوروبا فيما يتعلق لضمان عدم شن الحرب، فان عراقاً مختلفاً سيصبح نوعاً من حجر الزاوية لشرق اوسط مختلف لن تظهر فيه ايديولوجيات الكراهية».
ونظرة فاحصة إلى التحركات الأمريكية في قيادة التحالف الدولي تؤكد ان الولايات المتحدة الأمريكية لحد الآن ليست جادة تماماً في محاربة الجماعات المسلحة أو ما يعرف إعلامياً بـ (داعش)، وبالتالي فان التحالف الدولي كذلك لم يفعل الكثير أو يقدم أكثر من الضربات والطلعات الجوية ـ ربما تزويد العراق واقليم كردستان بالخصوص بأسلحة الغاية منها هو بيع اكبر قدر ممكن من الاسلحة التي اصبحت تقليدية وفقاً للتطورات المتسارعة في عالم التسلح ـ أي ان الولايات المتحدة الأمريكية تريد اتباع استراتيجية النفس الطويل في محاربة الجماعات المسلحة، وهذه الاستراتيجية تكمن وراءها اهداف بعيدة المدى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية يأتي في مقدمتها إيصال الرأي العام العراقي والأمريكي والعالمي إلى قناعة فحواها ان «خطورة امتداد تلك الجماعات في أراض واسعة من العراق وسوريا يتطلب تدخلا عسكريا أمريكيا قبل فوات الاوان».
لكن هذا التدخل العسكري الأمريكي سيكون مختلفا عن التدخل الذي حصل في عام 2003. أي ان التكتيك والتخطيط لعملية الدخول ستستغرق وقتاً طويلاً ـ وربما الانتظار إلى حين انتهاء فترة حكم الرئيس اوباما ومن ثم تأتي الادارة الجديدة بحلول جديدة ـ مع محاولة ابقاء القوات الأمريكية في الخطوط الخلفية ودفع القوات العراقية أو قوات التحالف الدولي في المقدمة في محاولة أمريكية لتقليل الخسائر البشرية إلى اقصى حد ممكن.
أو جعل القوات المشكلة من العشائر العراقية وتسليحها وتدريبها في مقدمة خط المواجهة ضد الجماعات المسلحة. فالغاية الأمريكية من ذلك هو ان يكون الحل عراقياً، أي ان يتصدى العراقيون لوحدهم لما يسمى اعلامياً بقوات (داعش) مع بقاء الاشراف الأمريكي على سير المعارك.
وفي حالة عجز البديل العراقي عن تحقيق الحسم العسكري في الوقت الذي تزداد فيه انتصارات الجماعات المسلحة، ستتقدم الحكومة العراقية وفقاً لبنود الاتفاقية الأمنية الموقعة في عام 2008 بطلب رسمي إلى الولايات المتحدة تطالب فيه الاخيرة بضرورة الاستعجال بالتدخل العسكري وانقاذ العراق من خطورة الاستحواذ والسيطرة الكاملة عليه من قبل الجماعات المسلحة (داعش). 
من هنا سيبدأ السيناريو الأمريكي يتحقق شيئاً فشيئاً، اذ ستزداد الحاجة إلى الخدمات الأمريكية في ظل قلة العرض أو ندرة البديل أو عجزه عن تقديم نفس المواصفات.
فدهاء السياسة الأمريكية سيبرز عندما يكون من الصعوبة تحقيق اي تقدم أو نجاح في الاهداف المرجوة من التحالف الدولي ما لم يتم دفع حساب الخدمات الأمريكية في المقدمة، أي أن تقسيم المغانم سيكون بشكل غير عادل، وكذلك الحال بالنسبة للمغارم التي ستتحملها الدول المنضوية تحت القيادة الأمريكية.
وكأن ما جرى في عام 2001 هو نفسه اليوم يحدث في عام 2014، اذ كانت هنالك خسائر أمريكية قليلة مقارنة بالأرباح المتحققة من أحداث أيلول 2001.
٭ كاتب من العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق