بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

, الحل ومآلاته في قضية الصحراء أخليفة أعراب

تكون ‘نقطة التصلب ‘، إذا، في واحدة من أجزائها، خاضعة للكيمياء السياسية الجديدة، أما الجزء الآخر المرتبط بظروف الدولة الداخلية، فليست سوى تابعة لها.
ولهذا السبب يكون الجزآن معا خاضعين للكيمياء السياسية الجديدة ككل، التي تربط المصالح مع حركة الشعوب من خلال التناغم معها بطريقة يستحيل معرفة كيفية التعامل مع المعطيات اللاحقة، إنها عملية غاية في الدقة تراوح بين اللين والقسوة، وهي دقيقة إلى حد انه يصعب تقدير أي موقف مستقبلي وهو ما يجعل لعبة الأمم تزداد تعقيدا وإثارة، وهذا لا يتناقض مع الزعم بأن جزء من المتغيرات الداخلية وجزءا من المتغيرات الإقليمية، وهو الجزء الأشد وطأة على التجربة السورية

وأكثرها تأثيرا على حرب المواقع، هما أيضا من الكيمياء السياسية الجديدة. لكن كان يجب القول بأن هذه الكيمياء تتمتع بخاصية، أن عملية التأثير بين الجزء والكل متوازية وتخضع لتفاعل يجعل من الأجزاء البسيطة تؤثر في الأجزاء المركبة عند أي عملية إدخال أي جزء جديد، وهو ما حدث في تجارب الربيع العربي والسبب أن عملية التأثيرات المتبادلة تكون عادة خاضعة لمنطق القوة، أما النموذج المترتب عن الكيمياء السياسية الجديدة فهو يعيد حركة الجزء داخل الكل عن طريق إعادة توزيع جديد لمصادر القوة، وهو الأمر الذي يعيد ترتيب الأجزاء بشكل مضطرب خاضع لترتيب القوة وهو ما يفسر طبيعة التوزيع الجديد للقوة المشروط بالطبيعة العالمية الجديدة.

يؤدي بنا هذا العرض إلى التساؤل عن الصعوبات المتضمنة في التمييز بين الجزء المؤثر خلال حركته في الكل، والجزء غير المؤثر، والذي يثير بدوره تساؤلات حول الإمكانات التي تمنحها هذه العملية في تحديد دقيق لمعنى ‘نقطة التصلب’ وهو ما يجعل الإحالة على علاقة هذا المعنى بالكيمياء السياسية غامضة.
لهذه الأسباب أمكن القول أن المعارضة والنظام في دول الربيع العربي يؤديان على ما يبدو الوظائف الثانوية الخاصة بالكيمياء السياسية الجديدة، إن الحيرة تزداد في ظل عدم الانتشار التام لهذه الكيمياء في الدول العربية التي عرفت الربيع العربي على نمط واحد وعلى نموذج واحد، على الرغم من أوجه الشبه العديدة التي تجمع بين تجارب الربيع العربي، يظهر السبب في أن الكيمياء السياسية الجديدة ليست معدة سلفا لاحتواء التأثيرات الجانية التي سببها تفكيك الكيانات السياسية والاجتماعية لدول الربيع العربي دفعة واحدة، وهو ما يفسر الحذر التام في عملية إدخال مفاعيل هذه الكيمياء دفعة واحدة على نظم الحكم العربية، الأمر الذي يؤكد أن عملية التغطية التي تقوم بها الدول هي جد سطحية، فمصطلحات من قبيل الاستثناء والممانعة وغيرها سوف لن تصمد طويلا أمام المفاعيل الجديدة التي تسعى الكيمياء الجديدة ترسيخها. وهو ما سيؤدي لا محالة لتفاعل جميع الكيانات السياسية العربية مع هذه المفاعيل الجديدة. لكن السؤال الذي يجب أن يطرح في هذا الصدد، هل تقبل الكيمياء السياسية الجديدة بالتفاعل مع هذه الاستجابات؟
لقد فرضت الكيمياء السياسية على نظم الحكم في البلدان العربية استجابات مختلفة، فقد تفاوتت بين الاعتراف بقانون الردع للكيمياء الجديدة أي الاعتراف بالحقوق التامة للشعوب، أو مواجهتها وتنصيبها العداء باعتبارها مشروعا جديدا يسعى لتمزيق المنطقة، لكن هل ردود الفعل هذه كافية لتعطيل حركة هذه الكيمياء.
إذا، الديمقراطية الكاملة ليست معدة لأن تتعايش مع أي جزء يناقضها داخل الكل، أما السبب فيعود إلى أن عمليات التأخير قد تكون مفضوحة، إلا أن عملية التأخر قد تكون كذلك مرتبطة بقوة الجزء الأكثر تصلبا وهو ما يفسر نزول القرآن الكريم منجما، وهو الجزء الذي لا يقبل بالديمقراطية في مقابل الجزء الذي لم يقبل التشريع الإلهي وقوانينه من الملأ من قريش، إنها الرسالة العالمية الجديدة التي لا تقبل منزلة بين المنزلتين، إما مؤمن أو كافر.
لقد استلهمت الكيمياء السياسية مفاهيمها الأساسية من الدين إن نقطة التصلب المعبر عنها بطرق مختلفة هي النقطة التي توازي سد أبواب التوبة، فبعد إقفال هذا الباب ترد جميع الأعمال على صاحبها وتعتبر مرفوضة. هي نفسها درجة التأثير في نقطة التصلب إن سرعة الاستجابة فيما يخص الإصلاحات حقيقية أو مزيفة بإمكانها تأجيل مؤقت إلا أنها غير قادرة على جعل الأجزاء لا تترابط فيما بينها بشكل منسجم داخل الكل، حتى تتم عملية الرفض التام للأعمال التي بإمكان نظام ما تأجيل مفاعيل الكيمياء السياسية، إنها لا تنزل عند أي تنازل ‘تسليم الكيميائي’ ولا هي خاضعة لمعنى التخويف ‘الإرهاب سيضرب كل مكان من العالم’.
التقاطعات الدولية ومدى تصلب النقط الإشكالية: بالعودة إلى طبيعة الكيمياء السياسية الجديدة التي تدمج العناصر المختلفة ضمن مضمونها الخاص، فإن التميز بين نقط التقاء التقاطعات الدولية تتم على النحو التالي: تقدم كل قوة إقليمية أو دولية خطوط إما متوازية أو منعرجة حسب شدة المصالح. إذ تعد قوة التقاطعات مصدر شدة تصلب نقطة ما، على سبيل المثال تقاطعت العديد من الخطوط الدولية والإقليمية في الملف السوري على نحو جعلها نقطة تصلب دولي مشدودة إلى قوة وانحدار الخطوط المتقاطعة من جهة نجد الخط الغربي ‘الأمريكي، البريطاني، الفرنسي’ وحلفائه في منطقة الشرق الأوسط ‘تركيا، والسعودية’ يشكلون نقطة تصلب تتمثل في تنحي الرئيس السوري وتغيير النظام وهي خطوط خاضعة للكيمياء السياسية الجديدة التي خلفت طبيعة جديدة بشكل تام في الشرق الأوسط، إلا أننا نجد خطوطا متوازية للخط السابق متمثلا في الخط الروسي الصيني والخط الإيراني، الذي تصلب في نقطة الشرعية الدستورية للرئيس السوري.
ومن هنا، يصبح العالم عبارة عن خطوط تتصل بوضعيات محددة لدول وحكومات، وهي لا تهتم بمدى تطبيق الديمقراطية ‘حالة ليبيا’ بالقدر الذي يضمن تحقيق أهداف محددة في نقط وجب تحصيلها على منوال تراتبي أي أن عملية الفشل في تحقيق نقطة ما يتم بموجبها الانتقال إلى النقطة التي تليها بشكل آلي، بحيث لا يتم التخلي الكلي عن النقطة السابقة، أنظر على سبيل المثال ولا حصر ‘تشيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بتعاون النظام في دمشق مع المفتشين الدوليين، وفي نفس الوقت التصريح بأن الرئيس السوري قد فقد شرعيته’ وهي السبيل للإبقاء على إمكانية تحقيق كل النقط المسطرة في ملف معين، ولما كان العالم ما بعد الأزمة السورية مجموعة نقط تختلف من حيث شدتها وتصلبها أو رخوتها فإنه بالإمكان فهم الأسباب الكامنة وراء اختلاف مفاعيل الكيمياء السياسية الجديدة على أنظمة الحكم في الدول العربية من المحيط إلى الخليج، الأمر الذي نجم عنه نقط تصلب رئيسية ‘ملف النووي الإيراني، الملف السوري، الملف الأمني العراقي وتأثيراته على الخليج، وحزب الله اللبناني’ ونقط تصلب ثانوية ‘تونس، ليبيا،اليمن، مالي’ ونقط تصلب هامشية ‘مشكل الصحراء الغربية’ وتبقى حالة مصراستثنائية باعتبارها نقطة تصلب رئيسية إلا أنه يتم التعامل معها باعتبارها ثانوية.
إن هذا الوصف لمعنى نقطة تصلب داخل التقاطعات الدولية الحيوية وهو جزء من عملية شاملة تتحدد في فقدان اليقين المرتبط بتحديد علاقات طبيعية بين حكومات الدول العربية، إذ أن عملية تحصيل النقط تخضع لقانون الانتقال المرن من نقطة إلى أخرى بحيث لا تتداعى كل النقط الأمر الذي يصعب معه تحديد النقطة الأهم وبما أن مجموع النقط التي تحدد الوضع الإقليمي تكون متشابكة الأمر الذي يفرض عملية تشريح دقيقة يكون بمقدورها بتر جزء من الكل وتغيير شكله بدون أن تشعر الأجزاء الأخرى أنها فقدت شيء على الرغم من أنها جزء فعلي من الكل، إن عملية التخلي هذه خاضعة لميزة وهي الأكثر بروزا للطبيعة العالمية الجديدة، هي اهتمامه بنقطة معينة بالموازاة تقديم ضمانات على أن الوضع الذي مرت به هذه النقطة لن يكون هو نفسه بالنسبة للنقطة التي وجب معالجتها، وهو ما تجلى في نتائج دول الربيع العربي، هروب، موت عنيف، سجن.
استنتاج: إننا لا محال أمام أمر جديد غاية في التعقد، وأن فهمه لا يزال عصيا، وأن العملية الديمقراطية لا تزال في البدايات، تتخذ فيها عملية الهدم اتجاه تعزيز التناقضات.
الصحراء الغربية والعالم: إن نقطتي التصلب التي اعتمدتها كل من المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، المتمثل عند الأول في ‘السيادة الوطنية خط أحمر’ وعند الثانية ‘حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير خط أحمر في أي تسوية مستقبلية للمشكل’ لا تجد لهما أي انسجام حقيقي والكيمياء السياسية الجديدة اللهم بعض مظاهر التعاطف الدولي لكلا الطرفين وهو ما يبرز في تأكيد بعض الدول للأطروحة المغربية ودول أخرى لأطروحة حق تقرير المصير.
إن غياب نقطة تصلب تجمع طرفي النقيض أمر لم يحصل وهو غير وارد في المستقبل المنظور، نظرا لأن الملف يتسم بالمرونة الكافية، إلا أنه لا يجب أن تفهم على أنها ليست قضية تخلق تأثيرات هامة في المنطقة، فهذا قول مردود عليه، إلا أنها في الوقت ذاته تحمل نتيجة لعدم انتمائها لنقط التصلب الرئيسية، إمكانات كبيرة للحل، فقد يكون من الذكاء التخلي عن القاموس التقليدي ‘خصوم القضية الوطنية، المرتزقة، في مقابل ‘قوات الاحتلال، المستعمرين’ فإذا ما تخلت كل من إيران ‘قوى الاستكبار، أمريكا الشيطان الأكبر’ وتخلت الولايات المتحدة عن رؤيتها التقليدية على مستوى التوصيف على الأقل ‘إيران: محور الشر’ وذلك عن طريق فتح خطوط مباشرة للتواصل بين القوتين العالمتين، فكيف لا نجد مثل هذا السعي بين المملكة المغربية والبوليساريو بالخصوص إذا ما تأكد أن الروابط كبيرة تفوق بأي حال ما يربط أمريكا بإيران بكثير. لا على مستوى التاريخ والدين والعرق.

"القدس العربي"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق