بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 أكتوبر 2013

الانتصار" الكيميائي و"الانتصار الإلهي" -احمد عياش

لم يعد خافيا ان الرئيس بشار الاسد هو المسؤول الوحيد في هذه المنطقة الذي اعطى اكبر عدد من المقابلات الصحفية والتلفزيونية بعد صفقة موسكو وواشنطن لاتلاف مخزون السلاح الكيميائي لدى النظام السوري. وقد فازت وسائل اعلام لبنانية بقدر لا بأس به من هذه المقابلات. فبدا وكأن هذه الصفقة قد فكت عقدة عند الرئيس السوري حتى راح يحلل مبتهجا ابعادها والبناء عليها بما يذكّر اللبنانيين بـ"الانتصار الالهي" الذي احرزه "حزب الله" في صيف العام 2006 حيث رفع الامين العام
للحزب حسن نصرالله شارة النصر بعد انتهاء هذه الحرب التي انتجت قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1707. ربما يطول شرح القواسم المشتركة بين "الانتصار" الكيميائي و"الانتصار الالهي" لكن لا ضير في التركيز على الابرز بينها الا وهو التسليم للشرعية الدولية بعد طول ممانعة .فمن ناحية الامين العام لـ"حزب الله" ارتضى بانتشار العديد من جيوش العالم في جنوب لبنان ممهدين للجيش اللبناني الانتشار في هذه المنطقة بعدما كانت هذه الخطوة مرفوضة بصورة مطلقة قبل "انتصار" الـ 2006 .أما من ناحية الاسد فقد راحت فرق منظمة حظر الاسلحة الكيميائية تتلف بنشاط المخزون السوري من هذا السلاح الذي كان يعتبره النظام السوري مصدر توازن مع ترسانة اسرائيل النووية.ولكن ويا للاسف ,وبنتيجة ابتهاج نصرالله بنتائج حرب 2006 لا يزال لبنان يدفع الثمن تعطيلا لحياته الطبيعية سياسيا وامنيا واقتصاديا فيما تغرق سوريا,بفعل ابتهاج الاسد ,اكثر فأكثر في حرب تدمير لا يزال يشنها النظام منذ آذار 2011 وحتى اليوم!

في مقابل ابتهاج الاسد ونصرالله بدا وكأن الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل في حال من "الكآبة" ادت بهما الى الصمت .لكن وبعد التدقيق تبيّن ان ابتهاجا مماثلا يجتاح الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مع فارق ان الابتهاج الاميركي –الاسرائيلي من النوع الذي يؤدي بصاحبه الى الصمت فلا يعود قادرا على شرح مشاعره علما ان اوباما يتربع سعيدا على الاتفاق الكيميائي الذي وفّر عليه مؤونة ضربة عسكرية كان قد قرر توجيهها الى النظام السوري فيما يحظى نتنياهو بسعادة مماثلة بعدما ضمن ان انياب الاسد الكيميائية قد جرى نزعها ولم تعد قابلة للاعارة لاحد بمن فيهم "حزب الله".

اذا كانت هناك من كآبة حقيقية فهي عند الشعب السوري بعدما مدد مجلس الامن الدولي للنظام السوري رخصة القتل بالسلاح غير الكيميائي. وبطريقة غير مباشرة توهم هذا النظام انه نال فرصة املاء الشروط على لبنان ليحدد له معايير سياسة "النأي بالنفس" ويبرئ متهما بجرائم دبرها هذا النظام عبر اللواء السوري علي المملوك الفار من وجه العدالة اللبنانية والوزير السابق ميشال سماحة الذي وقع في قبضتها.ووصل الامر بالاسد الى الطموح لنيل جائزة نوبل .وفي المقابل تقول الـ"نيويورك تايمز" ان ماكدونو المساعد الاكثر قربا لاوباما يرى "ان القتال في سوريا بين حزب الله والقاعدة يمكن ان يكون في مصلحة اميركا!" هل من داع بعد ذلك للكآبة؟
النهار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق