بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

تعايشوا مع الإرهاب!- مشاري الذايدي

سؤال: هل يمكن القضاء على الإرهاب الديني؟ 
جواب: في المدى المنظور، لا.
مشكلة الإرهاب الديني أنه يستند، في الأساس، إلى خطاب مغلق ناف للآخر، خطاب واثق، مصمت، مجروح، غاضب، هائج، لن يقر له قرار حتى يهدم المعبد على من فيه.

خطاب يعتقد أن الكمال مفقود، والمشروعية غائبة، ونحن نعيش بشكل مؤقت بهذا الملوث، وكل ما علينا فعله السعي لجلب المشروعية من جديد.
لذا من السهل أن ترى شابا عاديا يتحول فجأة إلى انتحاري إرهابي، دون سابق تدين، ولا انخراط في هذه الجماعات، كما حصل هذه الأيام مع شاب سعودي غض كان يسمي نفسه «السمبتيك» له مقاطع مصورة على موقع «كيك»، بقصة شعر شبابية، وهو يسخر من الآخرين، فجأة ودع أهله إلى سوريا للقتال مع جماعة «داعش» القاعدية، وهذا خبر بالطبع يسر بشار الأسد وشقيقه ماهر!
منذ عقود، حتى قبل 11 سبتمبر (أيلول) 2001، هناك موجات إرهاب ديني تضربنا، لا تهدأ موجة حتى تغير موجة أخرى، مما يضعف التفسير السطحي بأن هذه الظواهر الإرهابية نتيجة فقدان الحريات السياسية، والهيمنة الغربية والاحتلال الإسرائيلي، وكما قلنا منذ عقد، ونعيد، فهذه عوامل «مساعدة» لتجنيد الإرهابي، وليست عوامل «خالقة» له.
لا يمكن القضاء على ولادة جندي إرهابي إلا بالقضاء على المناخ الثقافي والاجتماعي الذي يسهل عملية ولادته، ولا يمكن القضاء على هذا المناخ إلا بمواجهة قاسية مع علل الذات. ليس في هذا نكران للهوية، ولا هجاء لحضارتنا، بل دفاع عنها وعمن يسوقنا كلنا إلى انتحار جماعي كالحيتان المجنونة.
من يستفيد في هذا العالم من وجود إرهابنا الديني؟ لا ريب أن آخر من يستفيد هم من تشغلهم مصلحة العرب والمسلمين. وحتى نصل إلى لحظة المواجهة العميقة مع الذات، فلا حل.
ليس لنا إلا «التعايش» مع مرض الإرهاب، كما نتعايش مع مشكلة الاحتباس الحراري في الكوكب، ومشكلة مرض السرطان، وفيضانات الأنهار وحرائق الغابات.
ليس لنا إلا التقليل من الضرر، ومحاولة وقاية من لم تمسه لعنة العقل الإرهابي، وهي سموم تبدأ من تكوين الشخص المتطرف دينيا، حتى لو لم يكن ورعا في سلوكه، فالخطر في تطرف العقل لا في السلوك نفسه.تعايشوا مع مرض الإرهاب بكل يقظة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق