بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 مارس 2014

فلسطين هل تذكرون؟ كلام أميركي تصعيدي ضد إسرائيل! عادل مالك

 
فلسطين؟ هل ما زلتم تذكرون؟ لقد غيبت أحداث العالم العربي في السنوات الأخيرة الحديث عن «القضية المركزية والمحورية».
فلسطين؟ هل تذكرون؟ إنها الضحية الأكبر والأبرز لما أطلق عليه تجاوزاً «الربيع العربي». دعونا نُعِدْ إلى الأذهان، ونتذكر معاً ما جديد القضية؟ الجديد – القديم هو
استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من التوقف. كيف حدث ذلك؟
أجرى الرئيس الأميركي باراك أوباما عملية تقويم لسياساته ومواقفه في المنطقة فوجد أنها ليست لمصلحته، فاستدعى وزير خارجيته جون كيري وطلب إليه إحياء المفاوضات على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا ما حدث وحدد مهلة تسعة أشهر للخروج بنتائج «محددة»، وأهمها تكريس قيام دولتين: فلسطينية و «يهودية»، وهذا يعني التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على «اتفاق إطار» بمشاركة الوزير جون كيري وحضوره. فما الذي حدث؟
التسويف الإسرائيلي الذي اعتاد باستمرار ممارسة أقصى أنواع الابتزاز من الجانب الفلسطيني. لكن هذه المرة قررت الإدارة الأميركية الحالية التعاطي بنوع من «الحزم» مع إسرائيل لم نشهده من قبل. وورد ذلك خلال الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو إلى واشنطن المتزامنة مع انعقاد المؤتمر السنوي لـ «إيباك» (لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية، وهذه مناسبة سنوية مهمة تعول عليها إسرائيل لتحريك «اللوبي» الصهيوني الفاعل والمتحرك في الأوساط الأميركية).
لكن، ولعلها المرة الأولى التي سمع فيها نتانياهو كلاماً أميركياً من نوع جديد. فحذر أوباما «من أن الولايات المتحدة، قد لا تكون قادرة على حماية إسرائيل في حال فشل حل الدولتين مع الجانب الفلسطيني». ولوح بأن «فشل المفاوضات سيعني مخاطرة إسرائيل في مواجهة عقوبات دولية».
وفي حديث صحافي لـ «وكالة بلومبرغ» نشر عشية وصول نتانياهو إلى واشنطن، دعا الرئيس أوباما «إلى اغتنام الفرصة لتحقيق اتفاقية إطار لمفاوضات السلام، أشار إلى أنه يرى أن نتانياهو يمكن أن يقود الدولة الإسرائيلية إلى مسار السلام إذا اختار ذلك وقال: إذا لم يفعل ذلك الآن، فمتى؟ وإذا لم يفعل ذلك نتانياهو فمن سيقوم بذلك غيره؟».
ومضى أوباما قائلاً: «نتانياهو لا يؤمن أن اتفاق سلام مع الفلسطينيين هو الشيء الصحيح الذي ينبغي لإسرائيل عمله، إذاً هو في حاجة إلى توضيح نهج بديل»، وأضاف: «إننا قادمون إلى نقطة حيث سيكون على الأطراف اتخاذ بعض القرارات حول كيفية المضي قدماً، وإنني آمل وأتوقع، على رغم التحديات السياسية الصعبة، أن يستطيع كل من نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاوز خلافاتهما والتوصل إلى الإطار الذي يمكن أن يدفعنا إلى السلام».
ليس هذا فحسب، بل إن أوباما لوح بما أطلق عليه «تداعيات دولية»، محذراً من استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات اليهودية. وأردف: «عندما يصل الفلسطينيون إلى الاعتقاد بأن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ليس قائماً، فإن قدرتنا في إدارة تداعيات دولية ستكون محدودة». ودافع الرئيس الأميركي عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووصف مقترحات وزير خارجيته في التعامل مع غور الأردن والتهديدات المحتملة لأمن اسرائيل، بأنها «إجراءات لم يسبق لها مثيل».
وسبق التصريحات التى أطلقها كيري الكثير من الجدل حيث أشار، في ضغوط على إسرائيل، إلى أخطار اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، وكرر التلميح إلى أخطار المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات من إسرائيل.
وقد شهدت جلسة «إيباك» الكثير من الخطب المتضاربة البعض منها شديد التطرف مع إسرائيل ونتانياهو، والبعض الآخر شديد الانتقاد للسياسات الإسرائيلية القائمة، ولوحظ أن الرئيس أوباما لم يشارك في مؤتمر «إيباك» لهذا العام»، والسبب الرسمي الذي أعطي هو انشغاله بأزمة أوكرانيا.
ولكن، ماذا كان وقع كل هذا الكلام التحذيري الأميركي الجديد على الداخل الإسرائيلي؟
بعدما عكف مساعدو نتانياهو على دراسة تصريحات أوباما، وصفوها بأنها «تحذيرية وقاسية». وقال نتانياهو: «إن إسرائيل معنية بتسوية جيدة، لكن رقصة التانغو في الشرق الأوسط تحتاج إلى ثلاثة أطراف»، وتابع مهاجماً الفلسطينيين: «ثمة اثنان حتى الآن، إسرائيل والولايات المتحدة، ويجب أن نرى ما إذا كان الفلسطينيون موجودين أم لا؟».
وطبعاً، في هذا الكلام إعادة للأسطوانة الإسرائيلية المشروخة عن عدم اعتراف إسرائيل بوجود «مفاوض فلسطيني»! مستغلة الانقسامات القائمة بين السلطة الوطنية وعمادها حركة «فتح» وحركة «حماس» في غزة.
ما هي ردود فعل المواقف الأميركية الجديدة لدى الجانب الإسرائيلي؟
هذه نماذج عن بعض الردود: وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتز الذي رافق نتانياهو قال: «لا أعتقد أن هناك أي سبب يدعو إلى الضغط على إسرائيل»، وزاد: «نحن مستعدون للسلام، ونريد التوصل إلى اتفاق ديبلوماسي، لكننا نشعر حقاً بقلق وخوف على أمننا القومي، ولن نجبر على تعريض أمن الدولة اليهودية للخطر».
ردّ آخر وردَ على لسان وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت: «نتانياهو سيحافظ على مصالح إسرائيل الاستراتيجية، ولن يقدم تنازلات ولن يوقع عليها»، وأضاف: «أن حزبه «البيت اليهودي» لن يقبل بأن تقدم الحكومة أي تنازل للسلطة الفلسطينية، وأنه يجب علينا ألا نوافق على كل شيء تطرحه الولايات المتحدة، فليس كل شيء تقدمه (أميركا) الأفضل لنا، وهنا يبدأ واجب رئيس الحكومة». وتساءل: «مع من سنوقع هذه الاتفاقية؟ مع أبو مازن؟ من يمثل بالضبط؟».
وفيما كانت واشنطن تشهد كل هذه النشاطات «المتصلة بالقضية العربية المركزية»، كانت أحداث أخرى في المنطقة تتفجر لتضيف إلى خطورة الوضع القائم، المزيد من التوتر. فقد أعلنت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سحب سفرائها من قطر.
وتأتي هذه الخطوة في شكل مفاجئ، ومن دون تمهيد مسبق علني على الأقل، وفي الأسباب الكامنة وراء هذا القرار الذي يعرض مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي لأكبر تصدع وأخطره منذ قيامه في حقبة الثمانينات. وركز البيان الصادر عن الدول المعنية على عـدم احترام دولة قطر بعضَ «الاعتـبارات الأمنـيـة» ومنها أن ارتـبـاطاً وثـيـقاً بين قـطر وحـركة «الإخوان المسلمين» هو الذي أدى إلى هذا التطور.
إنها أزمة ثقة بين مجموعة الدول الست التي كانت تتغنى بالقضايا المشتركة التي تجمع دول مجلس التعاون كافة. وهذا التطور يطرح مسألة مهمة تتعلق بمصير المنظومات أو المنظمات الإقليمية، وهل لا تزال قادرة على مواكبة تطورات العصر، خصوصاً وسط الظروف العاصفة التى تجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه.
ومع الإشارة إلى هذا التصدع الخليجي، لا يمكن تجاهل الإشارة إلى التصدع العربي الذي يتمثل بالجامعة العربية، فهذه المنظومة التي تُناط بها المواكبة والإشراف على العمل العربي المشترك أصيبت بالترهل وبالتصدع. والمعادلة كانت منذ البداية ولا تزال: هل يريد العرب بالفعل جامعة قوية؟ أم إن الجامعة العربية بوضعها الحالي ومنذ انطلاقتها ما بعد الحرب العالمية الثانية، تعكس حال الانقسام والتشرذم القائمين داخل صفوف الدول العربية.
الحقيقة الواضحة وعلى طريقة كما تكونون يولى عليكم، تقوم على الطرح الآتي: الجامعة العربية هي على صورة أعضائها وشاكلتهم بكل تناقضاتهم وخلافاتهم، وأي كلام آخر أو غير هذا الكلام هو من قبيل ذر الرماد في العيون. وعملية تجميل لفشل التضامن العربي منذ ما يزيد على نصف قرن وما يشهده العالم العربي من غليان لم يعد باستطاعة منظومة الجامعة العربية احتواءه، أو القيام بدور أكثر فعالية لرأب صدعه هنا، ولملمة الصفوف هناك. وانتزاع مقعد سورية من الدول التي لا تزال قائمة، على رغم كل ما يحدث، ومنح المقعد لفصيل من فصائل المعارضة السورية، سابقة لم تشهدها الجامعة العربية طوال تاريخها.
وبعد... إلامَ تعود التطورات الجارية في العالم العربي؟
أولاً: ما تعانيه الدول العربية بوجه الإجمال حالياً، ليس من النوع الذي يطلق عليه «الأزمات العابرة»، بل على العكس، فإن الخطورة الماثلة تكمن في أن دول المنطقة من دون استثناء تدخل في «مدار تقسيمي» بالغ الخطورة، الأمر الذي يؤكد حدوث التحول التاريخي في واقع المنطقة من حيث سقوط منظمات ومنظومات التعاون التي كانت قائمة منذ ربع قرن وحتى الأمس القريب، وهذا يعني غلبة الاتجاه العام نحو الفردية والنزعة الاستقلالية على كل ما عداه من «صيغ تعاونية».
ثانياً: الزلزال السوري لا تزال ارتداداته تقض مضاجع الأمة من محيطها إلى خليجها وسيتضح في وقت ليس ببعيد أن كل ما تشهده سوريه خارج السيطرة الإقليمية وحتى الدولية.
ثالثاً: إن لبنان هو في خضم عملية الاستهداف على أكثر من جبهة وغير اتجاه، بداية من الإرهاب الذي نشر أجواء من الرعب في طول البلاد وعرضها. وتفعل أجهزة الدولة قدر استطاعتها وإمكاناتها لمواجهة هذا المد الإرهابي الخطير، لكن هذا المخطط يمتلك معطيات ومقدرات بشرية و «حركات جهادية» تدعي النضال، الأمر الذي يعني تواصل وجود لبنان في هذا المدار الخطر. تتعاظم هذه الأخطار عندما نعلم أن الشهور المقبلة ستشهد الكثير من الاستحقاقات، بعضها معلوم كانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعضها الآخر ما زال مجهولاً، من حيث ما يخطط لهذا البلد، وفي ظل الانقسامات الحادة داخل مكونات المجتمع اللبناني. وكم كان مؤسفاً بلوغ «الحوار» بين رأس هرم السلطة الرئيس ميشال سليمان، و «حزب الله»، الدرك الذي بلغه حول معادلات «الذهب والخشب». وإضافة إلى ذلك، فإن أزمة الاتفاق على صيغة البيان الوزاري للحكومة الجديدة تعكس حال التصدع القائم في البلاد، لكن السؤال الذي يطرح: هل الجهات المعلومة والمجهولة التي أوحت بتشكيل الحكومة بعد عشرة أشهر وعشرة أيام من الجهود، هي نفسها يجب أن تكون قادرة على تذليل عقبة البيان الوزاري وغيره من الأزمات التي تعصف بلبنان؟
واستناداً إلى بعض المعطيات الظاهر ومنها والمستتر، يجب القول ولو تكراراً إن الآتي من الأيام ومن التطورات سيكون هو الأعظم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق