بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 مارس 2014

العراق ومشهد الفوضى الأمريكية عبد الجبار الجبوري

ما يجري في العراق الآن هو المشهد الدامي لصورة الديمقراطية والفوضى الخلاقة، التي جلبتها إدارة جورج بوش حين غزا العراق قبل احد عشر عاما، تماما كما أرادتها إدارة الشر والعدوان للعراق والمنطقة، وها هي المنطقة كلها تشهد بشاعة الفوضى الخلاقة، ففي العراق تتجسد هذه الفوضى بأبشع صورها، وهي جزء من مشروع أمريكي تآمري على المنطقة وضعه برنارد لويس منذ زمن طويل، والآن حان وقت تنفيذه وتطبيقه في المنطقة والمشروع أو المخطط هو تفتيت وتفكيك وتقسيم وتجزيء المنطقة على أسس طائفية وعرقية وقومية واثنية، ونظرة واحدة إلى خارطة المنطقة الآن يظهر لكم ما أخفاه المشروع المشبوه أعلاه.
انظروا ماذا حصل ويحصل في العراق والبحرين وسوريا وليبيا وتركيا واليمن ومصر وتونس وغيرها، أليس هذه خطوات لتنفيذ المشروع العسكري الامريكي لإقامة الشرق الأوسط الكبير، ولكن في العراق الأمر مختلف، ففي العراق مشهد دموي أكثر دموية وتعقيدا وفوضوية من بقية الدول، والسبب كثرة الأحزاب الطائفية الحاكمة وصراعاتها مع بعضها البعض وتبعيتها لإيران سياسيا ودينيا وعسكريا، هو من أوصل البلاد إلى الحرب الأهلية الطائفية بين السلطة والشعب المنتفض ضد حكومتها، التي يتفرد فيها دكتاتور طائفي كما وصفه أكثر من خصم وشريك له، فالمشهد العراقي الآن هو كالآتي، بلد بلا رئيس منذ سنتين، بلد يعيش الحرب الطائفية بأبشع صورها بين السلطة المتمثلة بالحزب الحاكم ورئيسه، وبين محافظات منتفضة على سلطته الدكتاتورية الدموية، والتي تطالب بحقوقها المشروعة التي اعترف بها رئيس الحكومة نفسه، مما أوقعه في شر أفعاله وسياسته الغبية في فتح جبهة واسعة وعريضة ورطه بها حلفاؤه ومستشاروه الأغبياء لإسقاطه، ونقصد بذلك حربه على ما يسمى داعش، وهو الطعم الامريكي الذي بلعه المالكي في الانبار، واتسعت إلى باقي المحافظات وبشكل لا يمكنه السيطرة عليه، بل على العكس من ذلك أصبح يشكل خطورة على حكومته التي تترنح بفشلها، مع ازدياد خصومها يوما بعد آخر.
لم يبق المالكي له شريكا واحدا في الحكومة إلا و(خمش وجهه) وجعله من جماعة داعش، اليوم يبدو المشهد أكثر انهيارا وسوءا وكارثيا بعد توسع العمليات العسكرية في ديالى والانبار ونينوى وكركوك وصلاح الدين، وتوسع الخلافات مع شركائه التي وصلت إلى طريق مسدود مع العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري وبعض الشيء مع المجلس الإسلامي وغيرهم،ماذا بقي من حكومة المالكي إذن غير الانهيار، لكن رئيس الوزراء يريد أن يمضي في الفشل إلى نهايته، قبل الانتخابات، فقد فرض سيطرته وهيمنته الكاملة على المفوضية العليا للانتخابات والمحكمة الاتحادية والبنك المركزي العراقي والجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، والميلشيات التي تقاتل مع جيشه في الانبار وديـالى وسوريا وبشكل علني يتباهى به قادتها.
المالكي يذهب بالبلاد الى شفير الهاوية بكل شيء ويستخدم شعار الأرض المحروقة مع الشعب، ومع شركائه في العملية السياسية العرجاء، في ظل غياب الرئيس ومجلس النواب الفاشل في مواجهته للحكومة ومحاسبتها، بل وصل الأمر برئيس الحكومة إلى أن يخون المجلس ويصرح بأنه فقد شرعيته (وإذا فقد شرعيته معها فقدت حكومتك شرعيتها أيضا ؟) وهناك مؤامرة في المجلس وووو اتهامات وتهميش وتجهيل وتغول وانتقاص لدور المجلس واهانته أمام العالم كله (وهي علامة مخجلة ضد المجلس ونوابه ورئيسه الساكتين على تصريحات وتجاوزات واهانات المجلس ورئيسه من قبل رئيس الوزراء وهي سابقة نادرة في برلمانات العالم الا في العراق)، وهي اهانة لكل شركائه في العملية السياسية التي لم يستطع أي منهم لجم طموحات المالكي غير الشرعية وتجاوزه على الدستور وخرقه له عشرات المرات،دون أن يقف بوجهه احد من جهابذه العملية السياسية، وقسم منهم بلسانه الطويل وأكاذيبه صدع رؤوسنا بالالتزام بالدستور والشراكة والديمقراطية دون أن يجرؤ أن يسمي الأشياء بأسمائها، ويقول للمالكي كفى اهانة للدستور والبرلمان والشعب، المالكي يأخذ البلاد كما اشرنا إلى الهاوية والحرب الأهلية الطائفية بحربه على الشعب في المحافظات بحجج واهية فضحتها الأحداث على الأرض، وسط صمت المرجعيات والشركاء العاجزين عن وقف العنف والحرب الأهلية الطائفية التي يمارسها ويغذيها ويشجعها المالكي بتجاهله مطالب الشعب وافتعال الأزمات مع خصومه في العملية السياسية وآخرها قضية مقـــتــل مدير إذاعة العراق الحر الأمريكية الدكتور محمد بديوي ألشمري من قبل ضابط البشمركة.
يقينا أننا ذاهبون إلى حرب يرفضها كل العراقيين عربا وكردا وتركمانا ومسيحيين وشبك ويزيدين، ويريدها المالكي ودولة (قانونه)، لتحقيق هدفه وهدف إيران وأمريكا للحصول على ولاية ثالثة في السلطة، وخطف البلاد إلى المجهول بأزمات لا مبرر لها، إلا شهوة السلطة والتسلط على رقاب الآخرين وتهميشهم، بطائفية انتقامية كما يحصل الآن في محافظات ديالى والانبار، حيث شاهد العالم ما يفعله جيش المالكي بالمواطنين من إعدامات جماعية عشوائية وسحل الجثث في الشوارع (حتى وان كانوا إرهابيين كما تقول فضائياته) فمن أعطى جيشه من قوات غير نظامية وغير قانونية حق إعدام الخصوم في شوارع البلاد ، العراق يسير بكل ثقة إلى الحرب الأهلية الطائفية بفضل العنف الطائفي والحرب الطائفية والعنف المقابل لهذه الحرب التي تمارس ضد المواطنين.
نعم هناك إرهاب منظم تمارسه جهات دولية معروفة في المنطقة من جماعات مسلحة وميليشيات طائفية تعمل علنا مع جيش المالكي ونحن هنا ندين كل الأعمال الإرهابية ضد الشعب العراقي لإيماننا أن دم العراقيين حرام وخط احمر من أية جهة كانت، ولكن أيضا نحن نعلم من يغذي ويدعم ويمول ويسلح هذه الجماعات والميليشيات لأجندته الخاصة، نعم هناك فوضى عسكرية وفوضى سياسية وإدارية واجتماعية وطائفية وحرب أهلية طائفية بين السلطة وبين الشعب وليس بين الشعب وطوائفه، العراق يشهد حربا وفوضى أمريكية خلاقة، وهذا ما خططت له إدارة بوش وإدارة اوباما ولهذا تم الانسحاب من العراق على هذا الأساس بعد أن ضمنت انتشار وباء الفوضى الخلاقة في العراق في مشهد أمريكي لا نحسد عليه …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق