بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 مارس 2014

عباس ودحلان محمد كريشان

أمر لا يصدق! سيل الاتهامات والشتائم التي ساقها القيادي الأمني السابق محمد دحلان في حق الرئيس محمود عباس. لقد انحدر الحديث إلى مستوى لم تعرفه الساحة الفلسطينية منذ عقود، ليس فقط بين الإخوة المختلفين داخل حركة ‘فتح’، بما في ذلك عندما حدث انشقاق عام 1983 الشهير، ولكن حتى بين هذه الحركة وألد خصومها من الحركات الأخرى
يسارييها وإسلامييها.ليس مهما التوقف عند هذه الاتهامات التي أوردها القيادي الأمني السابق، ولا إعادة سردها لا سيما إذا كنت غير قادرعلى تأكيد أونفي صحتها ويختلط فيها السياسي بالأمني بالمالي. المهم هوالوقوف عند الحالة المزرية التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، ليس فقط بسبب عجرفة القوة عند العدو والظروف العربية والدولية غير المؤاتية، وإنما بسبب وجود نوعية من المسؤولين لا يتورعون عن نشر غسيلهم على الملأ بطريقة مثيرة. يكفي هنا إلقاء نظرة سريعة على ردود الفعل الأولية في مواقع التواصل الإجتماعي بعد متابعة مقابلة دحلان في إحدى القنوات المصرية لتدرك حجم الامتعاض، وحتى القرف، لدى الفلسطينيين خاصة من هذا الدرك الذي وصل إليه بعض ساستهم في وقت يقاسون فيه الأمرين بفعل الاحتلال واستمرار الانقسام ومآسي اللجوء في سوريا ولبنان وغيرها.
ليس مهما كذلك التوقف عندما قاله دحلان عن السيسي ومرسي وتركيا وقطر وغير ذلك من القضايا التي أدلى فيها بدلوه من زاوية معينة معروفة في سياق هذا الاستقطاب الحاد الذي يشمل الجميع. هذا من حقه كما هو حق من يذهب عكس رأيه . ليس هذا مربط الفرس، مربطه هو: أي فائدة شخصية يمكن أن يحققها ‘أبوفادي’ من هذا الهجوم الشرس على ‘أبومازن’ ناهيك طبعا عن التساؤل عن أية مصلحة يمكن أن تجنيها ‘القضية’ من وراء هذا الردح .
لنفترض أن الرئيس عباس أخطأ فعلا في التشهير بدحلان في خطاب عام أوردته كل وسائل الإعلام، ولنفترض كذلك أن من حق دحلان طبعا أن يرد ويدافع عن نفسه. هل كان من الأنسب واللائق أن يتم ذلك بهذا الإسهاب وهذه الحدة؟! هل كان من الحكمة أن يخرج السياسي، فما بالك بالأمني السابق، عن طوره ويشرع في ‘إطلاق النار’ على سياسي آخر، دعك من كونه رئيسا لحركة فتح ومنظمة التحرير والدولة المنشودة، دون حد أدني معقول من الرصانة المدروسة في انتقاء المفردات ؟!!. الأنكى أن هذا يحدث والرجل يتعرض إلى هجوم شرس من أوساط رئيس الحكومة الإسرائيلية نتياهو ومن أكثر الدوائر الإسرائيلية تشددا بدعوى أنه يرفض الإقرار بيهودية الدولة وغير ذلك من الشروط الإسرائيلية المجحفة، بل ويجري تهديده وهوعلى أبواب زيارة قريبة إلى واشنطن بمآل شبيه بمآل الزعيم الراحل ياسر عرفات. وبالمناسبة، فإن ما يبديه دحلان الآن من إشادة ب ‘الختيار’ ليس على كل حال ما كان يقوله عنه في حياته، وأحيانا والرجل في أشد اللحظات ضنكا بما في ذلك خلال حصاره الأخير.
المسألة لا تتعلق بالدفاع عن أبومازن، فالرجل محاط بمن هوأفضل مكانة وقدرة على القيام بذلك، ولكن المسألة تتعلق بضرورة صيانة الحد الأدنى من مراعاة أدب الاختلاف والابتعاد عن الفجور فيه، خاصة إذا راعى المشتغل في السياسة، ولوقليلا، ضرورة المحافظة على خط رجعة مهما كان واهنا. نقطة أخيرة: أليس لافتا أن تنطلق هجمة دحلان من القاهرة أين استقبل مؤخرا رجل مصر القوي عبد الفتاح السيسي الرئيس عباس وحثه بلا فائدة، وفق ما نشرت بعض وسائل الإعلام، على التصالح مع دحلان المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة ؟! القاهرة التي لا فائدة في تذكير دحلان بالوصف الذي أطلقه عنه رئيسها السابق حسني مبارك قبل سنوات عندما ذكر إسمه أمامه!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق