بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 مارس 2014

الإضرابات العمالية تهدد محاولات إنعاش الاقتصاد المصري

من المرجح أن تكون على جدول أعمال رئيس مصر القادم مشكلة أكثر تعقيدا من إحتواء الإسلاميين، وهي تلبية مطالب العمال الذين يسعون إلى تحسين ظروف العمل والاُجور.

ويدرك المسؤولون أنه لا يمكن تجاهل مطالب العمال إذ من شأن موجة إضرابات أن تزيد تعقيد حالة عدم الإستقرار في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الجديد لإصلاح الاقتصاد.
ويصر العاملون في مصنع الجوهرة للمنسوجات قرب القاهرة على كسب مزيد من الحقوق، ويقولون ان الإنتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 لم تحقق أي تحسن على صعيد العدالة الإجتماعية.
ويقول عصام الحسيني الذي يعمل في المصنع منذ 20 عاما ولا يجني من عمله سوى 1300 جنيه (190 دولارا) شهريا تكفي بصعوبة لتوفير نفقات الغذاء لأسرته ان عمال المصنع لم يتكلموا أو يطالبوا بحقوقهم طوال 20 عاما. ويضيف أن الأمور تغيرت الآن إذ تبخر الخوف ولم يعد العمال يخشون المطالبة بحقوقهم التي قال انهم سينالونها بوحدتهم.
ويقول مالكو المصنع ان مطالب العمال ليست مشكلتهم الوحيدة، إذ تعرقل عملهم أيضا مشاكل الإضطراب السياسي، والروتين وتردد الحكومة، وهو ما إضطرهم إلى تعليق خطط للتوسع يمكن أن تحقق مزيدا من الأرباح.
ويأمل المستثمرون أن يتمكن المشير عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع، من إعادة الإستقرار إذا رشح نفسه في إنتخابات الرئاسة وفاز بها في وقت لاحق هذا العام كما هو متوقع على نطاق واسع.
مشاكل الاقتصاد
سيتعين على الرئيس القادم فور توليه السلطة التصدي لحل مشاكل ملحة من بينها أعمال العنف التي يقوم بها بعض الإسلاميين وتعقد جهود إحياء الاقتصاد.
وشكلت مصر ست حكومات في السنوات الثلاث الأخيرة. وإبتعد كثير من السياح والمستثمرين عن البلاد بسبب الإضطراب السياسي وهبط إحتياطي العملات الأجنبية إلى مستوى حرج العام الماضي الأمر الذي جعل البلاد تعتمد على المعونات والقروض من دول عربية خليجية.
وكان حجم الإستثمارات الخارجية المباشرة ثلاثة مليارات دولار في السنة المنتهية في يونيو/حزيران 2013، وهو ما يقل مليار دولار عن السنة السابقة ويقل كثيرا عن المستويات في عهد مبارك.
ويشعر عمال المصانع منذ أمد طويل بالإستياء من الدولة التي يتهمهونها بمحاباة نخبة السياسيين ورجال الأعمال على حساب الفقراء.
ويعيش واحد من كل أربعة مصريين تحت خط الفقر، في مناطق فقيرة تفتقر إلى إمدادات المياه النقية الكافية والصرف الصحي اللائق، بينما يعيش الأغنياء في فيلات تطل على بحيرات صناعية في مجمعات مُسَورة.
ويتفشى الإستياء في مصنع الجوهرة في مدينة العاشر من رمضان الصناعية على الطريق بين القاهرة والإسماعيلية على قناة السويس. وقال العامل محمد صلاح الذي يبلغ دخله الشهري 800 جنيه بعد العمل خمس سنوات في الجوهرة ‘نحن نعرف حقوقنا جيدا وسنطالب بها: زيادة الاُجور والعدالة الإجتماعية والحياة الكريمة’.
وقال الحسيني ‘الشركة التي نعمل بها أغني كثيرا منا، ولم نعد نريد هذا الفارق الكبير… فنحن أيضا لنا الحق في الحياة. يريدوننا أن نعمل كهذه الآلات… مجرد أن نعمل لجني المال لهم. نحن مستعدون للعمل لكن عليهم التجاوب. إن لم يفعلوا فسنعود إلى الإضراب.’
وأضرب موظفو الجوهرة ثلاث مرات في ثلاث سنوات. وحقق آخر إضرابين زيادات صغيرة في المرتبات، لا تجاري معدل التضخم الذي يبلغ الآن نحو عشرة في المئة. ويريد العمال مزيدا من المكتسبات بما في ذلك نسبة مئوية من الأرباح وتأمين صحي.
ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين في الجوهرة، لكن أيمن رضا الأمين العام لجمعية مستثمري العاشر من رمضان قال إن أصحاب الأعمال يسعون جاهدين لتلبية توقعات عمالهم.
وقال رضا، وهو أيضا المدير التنفيذي لشركة في المنطقة، ان مطالب العمال تزيد كل يوم ‘وحتى من يتمتعون بظروف مريحة يقولون لأنفسهم ولم لا نحصل على المزيد’.
وأضاف أن كل شهر كان يشهد فتح شركات جديدة، وكان لدى شركات كثيرة خطط للتوسع، لكن كل هذا توقف الآن بسبب الوضع الأمني في البلاد وإضرابات العمال.
وكان معدل نمو الاقتصاد المصري 2.1 في المئة فقط العام الماضي، وهو ما لا يكاد يكفي لإيحاد فرص عمل تواكب النمو السكاني السريع. وخفضت الحكومة توقعات النمو للسنة المالية التي تنتهي في يونيو/حزيران 2014 إلى 2 في المئة من 2.5 في المئة. وأغلق ما يزيد على أربعة آلاف مصنع منذ انتفاضة 2011.
ظروف عصيبة
تكفي نظرة في أنحاء مدينة العاشر من رمضان لتبين سبب وجود شعور بالإهمال. فالطرق غير مكتملة الرصف تشيع بها حفر المجارير وتحفها أكوام ‘الخُردة’ والأرصفة المتداعية.
ويبدو المسؤولون الذين يمكنهم أن يحسنوا ظروف الحياة غير قادرين على إتخاذ القرار بسبب التردد. فمنذ الإطاحة بمبارك حوكم العشرات بتهمة الفساد بسبب تعاملات قاموا بها أثناء توليهم مناصبهم.
وبسبب هذا التردد تبدو بعض أنحاء المنطقة الصناعية وكأن الزمن توقف بها. فمثلا لم يتم إيصال خطوط الغاز إلى بعض المصانع التي أنشئت حديثا برغم حصول أصحابها على الموافقة منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.
وقال مدحت سامي – وهو مدير مشروع في أحد مصانع المنطقة – ان المسؤولين السابقين إتهموا بالفساد، ومن كان يفترض بهم العثور على مقاولين لإصلاح الطرق وتوقيع الإتفاقات معهم وإنفاق المال يخشون الآن إتخاذ القرارات لئلا يتهموا هم أيضا بالفساد.
وقال أحمد السيد – وهو مدير في شركة للزجاج- ان البيروقراطية كانت موجودة أيام مبارك وما زالت، لكن أضيف إليها الخوف من إتخاذ القرار.
وقررت شركته تأجيل خطط التوسع إلى أن تحظى البلاد بخطة إقتصادية واضحة، لا مجرد الإعتماد على مليارات الدولارات من الخليج التي تتوقف على إستمرار الحكومة في الحفاظ على علاقات طيبة مع حلفائها.
ويعبر حتى بعض من أكبر المستثمرين في مصر عن شعورهم بالإحباط بسبب العقبات القائمة منذ عقود.
وأثار سقوط مبارك الأمل في إمكان تفكيك البيروقراطية الهائلة وانطلاق صفقات الأعمال لكن هذا ما زال يبدو أمرا بعيد المنال.
وقال الملياردير نجيب ساويرس، أحد أكبر المستثمرين في مصر، ان كل وزير أو موظف حكومي يخشى التوقيع وبدء أي مشروع جديد يحتاج إلى توقيع وقد صارت هذه مشكلة كبيرة حقا.
وقال ساويرس إن المسؤولين الذين يخشون أن يلحقوا بمن سبقوهم إلى السجن يسببون حالة من الشلل. وأضاف في مقابلة ‘أكثر السبل أمانا هو عدم التوقيع. لا توقع فلا يحدث شيء’.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق