إن أحداث التاريخ يصنعها الوعي والسلوك الإنساني ( الفردي –
الجماعي) وتفاعله الوجداني مع محددات الزمان والمكان ومعطياتهما , فهي سلسلة من التحديات
والاستجابات التي تعكس قدرة الإنسان على
الفعل ورد الفعل تحقيقاً لذاته وإشباعاً لمصالحه , فهي المرآة الحقيقية التي تكشف
لنا عن شخصيته ودوافعه ومكنوناته وإن تسترت بغطاء
التمدن والتحضر أو تسربلت بدعاوي إنسانية
أو دينية , فالحدث التاريخي وإن كان مصدره فردياً أو جماعياً, بدائياً أو
متطوراً فهو يعبر عن القوة المادية و الغرائزية
أو الروحية و الفكرية ,كما ويعبرعن الدوافع وراء استخدام تلك القوة وعن
الهدف العام الذي تسعى لتحقيقه, وعن
الأهداف الأخرى المختلفة والمتناقضة التي تمثل أهداف الأفراد ورغباتهم , أو حاجات
الفرد المتعددة والمختلفة و التي يرغب في تحقيقها ضمن الهدف العام ( للفرد –
للجماعة) , وعندما تكون الاستجابة للتحديات بالسرعة والفعالية بحيث يتم تجاوزها
بنجاح , تكون الجماعة من يصنع الفعل وعندما تكون الاستجابة بطيئة و بليدة ودون
مستوى التحدي يكون الأخر من يصنع الفعل ,
وعندما تتحقق أهداف الإفراد أو بعض الأفراد دون أن يتحقق هدفها العام , فإنه لا
وجود هناك لها, أو أنها تعاني من حالة انقسام وتشذي أومن حالة تردي في التنظيم و
نخبه , تعجز فيه الجماعة عن تحقيق هدفها الذي تسعى لتحقيقه والذي تقف الجماعة من
ورائه , تكون الجماعة تسير نحو حتفها
وتحيك كفنها , وتصنع هزائمها بيدها , لا يمكن لجماعة أن تحقق وجودها وتصنع حاضرها
دون هدف يوحدها وينظمها ويعبر عن شخصيتها ويحقق مصالحها كجماعة ويتيح لأفرادها
بتحقيق طموحاتهم ورغباتهم ومصالحهم كأفراد , وعليه نستطيع أن نفسر واقع الشعب
الفلسطيني وحالة الضعف عن الفعل ورد الفعل
والتراجع الذي أصاب قواه ونخبه وفصائله الوطنية , وحالة الغثيان والتقيؤ التي يعيشها الشعب
الفلسطيني ومؤسساته التي تعاني من الانقسام والفساد والضعف الإداري و فوضى
الأولويات وغياب الأجندة الوطنية , وأن نقرأ سياسات الاحتلال وإجراءاته التصعيدية التي تستهدف مدينة القدس ومقدساتها , وحالة الصمت المريبة وكأن الأمر
شأن داخلي يخص بعض دول الجوار العربي , وردة فعل الشعب الفلسطيني التي تتراوح بين
العدم ولا شيْ , كأن الموضوع يتعلق بالأشخاص الذين وقعوا على اتفاقية حماية المقدسات
, لذا لا غرابة إذا ما خرجنا من التاريخ وأصبحنا يهوده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق