كنت ادردش في الملف الامني مع رجل في المنطقة الخضراء عمل مهندسا في سوريا وتلقى
تدريبا في السياسة الدولية وأمضى اكثر من خمس سنوات مسؤولا لمكتب اهم وزارة مهمة
في البلد لا اريد الإفصاح عنها لدقة الظرف السياسي والامني الذي نحن فيه!.
سألته عن التداعيات الامنية الاخيرة والتأثير السياسي الذي تتركه مثل هذه
العمليات على كيان الحكومة والدولة والعملية السياسية وكل ما يتحرك في البلد من
مفردات فقال لي ان المسألة لها علاقة بالمستويات المحلية والاقليمية والدولية
وما لم تجر عملية تفكيك مهمة
لتلك الشبكة العنكبوتية من العلاقات الواقعية بين
المحلي والاقليمي والدولي فان الملف الامني سيبقى مفتوحا على المجهول او كما عبر
هو عن ذلك .. ملف في مهب الريح!.سألته ما الذي يعنيه بالمحلي أجابني ان الخلافات
السياسية المستعرة بين القوى في الشمال والجنوب السنية والشيعية وبروز احتمالات
الحرب الطائفية ويضاف الى ذلك وجود القوى السياسية الكردية وصراع داعش مع
الاسايش وهو أمر يضع الملف الامني على فوهة النار ويمنحنا نحن الذين نعبأ انفسنا
لتلك الحرب المزيد من فرص الكراهية!.
اقليميا.. يتوزع الاقليمي على محورين اساسيين هما التداعيات التي خلفتها الازمة
السورية في الملف الامني واستلام بندر بن سلطان رئاسة جهاز الاستخبارات
السعودية، اذ منذ تسلمه لهذا المنصب والتفجيرات الارهابية في العراق على قدم
وساق حتى ان الرياض تمادت في التدخل بالشؤون الداخلية للعراق حد تحليق طائرة من
دون طيار على احد السجون العراقية في مدينة الناصرية!.
ان التدخل السعودي في الملف العراقي وبقاء العلاقات السياسية بين بغداد والدول
الخليجية على ما هي عليه قبل سقوط النظام الدكتاتوري العراقي مؤشر على فداحة
الامر وتردي الامن وما لم يعمل العراق على المزيد من الانفتاح لإحداث انفراج
حقيقي في بنية علاقاته العربية فان الملف الامني سيبقى كما هو!.
ايران لاعب اساسي في الملف الامني وكذلك تركيا والاردن واذا كان تنظيم داعش هزم
في سوريا على يد القوات السورية وتخسر السعودية وتركيا ثمن الدعم اللوجستي
والمالي المقدم لها فان المطلوب من الاجهزة الامنية العراقية وقبلها من صانع
القرار السياسي في بغداد ان يكون منفتحا على آفاق كل الحلول المطروحة على طاولة
النقاش العربي حول الملف الامني العراقي!.
اود ان اقول هنا ان واحدا من اسباب التدهور الامني هو الضعف الذي اصاب هيبة
الدولة بعد حادثة سجن ابي غريب ولولا تلك الحادثة لما استطاعت المجموعات المسلحة
الارهابية من تحقيق جملة من المكاسب على الارض.
ان ضعف الاجهزة الاستخبارية وعدم التنسيق بينها وبين المؤسسات الامنية
الاخرى سيضع الملف الامني في مكان آخر من اهتمامات الدولة العراقية وسيدفع
بالمجموعات الارهابية الى المزيد من استهداف الابرياء وتبقى الدولة والمواطن
ينزفان الى اجل غير معلوم!.
واحد من اسباب الفشل الامني هو السونار البريطاني والادهى عدم اعتراف الحكومة ان
هذا الجهاز فاشل بالرغم من ان القضاء العراقي ادان مدير عام مكافحة المتفجرات في
وزارة الداخلية اللواء جهاد الجابري والقضاء البريطاني ادان الشركة المصنعة ووضع
مديرها في السجن.. وهنا أسأل..
كيف يمكن ادانة المستورد والمصنع ولا نستطيع ايقاف السونار عن الاستخدام؟!.
ان اعتراف الحكومة بفشل السونار البريطاني سيفتح الباب امام بقية الاسئلة الخاصة
بالاجهزة والآليات الامنية وغير الامنية التي فشلنا في تقديمها او شراء النوعي
منها لحماية اهلنا في العراق!.
منذ 8 سنوات ونحن نستمع للكلام السياسي الذي يقول بأن الحكومة ماضية في تغيير
الستراتيجية الامنية مع ان الستراتيجية التي يتحدثون عنها هي عبارة عن سونار
وسيطرة ثابتة ومجموعة من الجنود في الجيش او الشرطة العراقية من دون اي شيء له
علاقة بالامن والاستخبارات والمخبر الوطني!.
المشكلة ان العراقيين صاروا يعرفون السيطرة العسكرية ومتى يتعب الجندي ويفتش في
جهاز الموبايل عن ارقام الاتصال الخاصة بعائلته من دون ان يكون هنالك فعل امني
يكبح جماح المجموعات المسلحة ويطوق الارهاب ويشل قدرته العملية على العمل
ويستأنف النشاط الامني في حماية الناس وتأكيد ثقة الامة بالنظام السياسي والامني
الموجود في البلد!.
الاهم من ذلك ان الفشل في ادارة الملف الامني انعكس على طبيعة العلاقة بالجانب
الدولي فارتبكت الاتفاقية الاطارية بواشنطن ولم تسلمنا الادارة الاميركية صفقة
الطائرات أف 16 المتفق على تسليمها الى العراق في موعدها المقرر وهو امر يعود
الى هبوط العلاقة مع الشريك الكردي والوصول الى درجة القتال على الحدود الادارية
مع الاقليم والخشية من سقوط البنية العسكرية العملاقة التي لدى العراق في ايدي
المجموعات الارهابية!.
انا مع وقفة شبكة الاعلام العراقي مع قواتنا المسلحة وهي تقاتل الارهاب وتتحدى
الخطط الاقليمية التي تشتغل على هدف الاطاحة بالتجربة الوطنية والدولة العراقية
لكنني مع المعالجات التي تضمن ارتقاء الملف الامني الى مستوى الحساسية الشديدة
لدى صانع القرار السياسي ووضع الرجال الاشداء واصحاب الخبرة في المكان الامني
المناسب وتسليم الملف الى نخبة امتهنت الامن ولم تأت الى الامن من الجيش وادارة
الفرق العسكرية والاهم ان لديها رؤية امنية واضحة!.
الصباح العراقية"
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق