بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 فبراير 2014

نشرة أخبار... «غير» ماجدة موريس

أصبحت يوميات عمال غزل المحلة ضمن أولويات نشرات الأخبار في مصر منذ 4 شباط (فبراير) الجاري. والحكاية أن عمال الشركة التي تعمل في مجال غزل القطن ونسجه منذ 70 عاماً أعلنوا الإضراب عن العمل إلى حين تحقيق مطالبهم الحديثة و(القديمة). ولأن هذا الحدث، بعد ثورتين في 2011 و2013، لا يمكن التعتيم عليه،
فإن وفود المراسلين والمصورين للقنوات المصرية، الخاصة غالباً، بدأت تتوافد على مقر الإضراب.
ولم تتصور الحكومة المصرية أن الإحتجاج سيصمد أمام تجاهلها الأمر في البداية، لكنهم صمدوا ليتسع الحرج بفعل اتساع التغطيات الإعلامية للحدث، وخروجه من إطار الإعلام المحلي إلى الإعلام الدولي، وزيادة اهتمام «الجزيرة» به لكونه حدثاً يمكن استخدامه ضمن طريقتها للدفاع عن زمن «الإخوان» واتهام «خريطة الطريق» بالتسبب في هذا الإضراب.

لكنّ كثراً لا علم لهم بتاريخ هذا الحديث «الجديد»، فإضرابات عمال الغزل والنسيج تمتد إلى 10 سنوات، غير أن الإعلام المرئي كان مغلقاً أمامهم سواء في تلفزيون الدولة، أو في القنوات الخاصة. ففي ذاك الزمن لم يكن مسموحاً للرأي المعارض بالظهور على الشاشات العامة إلا وفق برامج تمثل نوعاً من «التوك شو» الذي تنتجه شركات خاصة ويعرض على تلفزيون الدولة مثل برنامج «البيت بيتك» أول برنامج ظهر فيه محمود سعد، ثم خيري رمضان بعد تركه «القاهرة اليوم» على «أوربت». وأخيراً لميس الحديدي التي سجل برنامجها «في قلب مصر» أعلى معدل لمظاهر الاحتجاج على حكم مبارك أثناء هذا الحكم، وكان من بين ما سجلته لقاء ذهبت فيه إلى تسجيل إحدى ثورات عمال المحلة من بعيد.

أما اليوم فأصبحت أخبار هؤلاء ضمن الأخبار الثابتة في النشرات اليومية على القناة الأولى لتلفزيون الدولة، وعلى قنوات «النيل» للأخبار والفضائية المصرية، وهو تطور كبير لهذا الإعلام الذي لا يزال يخرج من فم الدولة المصرية. وإذ نتابع يومياً كل تفاصيل المعركة بين العمال والحكومة، فإن هذا يشير إلى أن التغيير الذي اعتبره الجميع غائباً عن الإعلام المصري الرسمي، يحدث... ولو ببطء شديد. فمن المستبعد أن ينتج هذا الإعلام البرامج التي تحتاج إلى إنفاق ضخم مثل برامج اكتشاف النجوم الجدد أو حتى إعادة استخدام النجوم القدامى في تقديم برامج جديدة، وهو لن يأتي بنجوم إعلاميين أصبحوا فرسان الرهان في قنواتهم الجديدة وارتفعت أجورهم، لكنه - تلفزيون الدولة - عليه أن يبذل جهداً جباراً لتحسين أدائه، وتحسين أخباره كي تصل إلى اهتمامات غالبية المشاهدين. وأول هذا أن تكون نشراته الإخبارية معبرة عن كل ما يحدث في البلد، من دون تجاهل أو نسيان أو انحياز، ولهذا سيسجل تاريخ الإعــــلام ما حدث ويحدث على شاشة التلفزيون المصري في أكثر من عشرة أيام في ظهور العمال بزحامهم وآرائهم ولافتاتهم على مدى اليوم في كل نشرات الأخـــبار، مثلـــهم مــثل رجال الدولة الكبار ووزرائها.. فهذا هو التغيير بالفعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق