بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 فبراير 2014

«جنكيز خان ... الحياة والموت» للباحث البريطاني جون مان

«جنكيز خان، الحياة والموت والانبعاث» كتاب للمؤرخ البريطاني جون مان المتخصص في تاريخ الصين ومنغوليا، صدرت ترجمته العربية عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وقد أنجزها حسن عبدالعزيز عويضة.
يقدم المؤلف صورة مفصلة لحياة وشخصية جنكيز خان الغامضة والتي ظلت محل جدل على مر العصور، فعلى رغم قلة المصادر المتعلقة بزعيم القرن الثالث عشر إلا أن الكاتب يورد رواية آسرة وشائقة لحياة جنكيز منذ ميلاده وحتى وفاته. ويذهب المؤلف في رحلة للبحث عن جنكيز خان عبر سهوب آسيا الوسطى والصين وجبالها، ويغوص في أعماق شخصية هذا القائد الذي اقترن اسمه دوماً بالموت والدمار، ليسلط الضوء على شخصية جنكيز خان الإنسان المحب لأمته والذي استطاع النهوض بها من القبيلة إلى الإمبراطورية. ويعرج الكاتب على العبقرية العسكرية والذكاء السياسي والولاء والشجاعة في حياة «فاتح العالم» كما يلقب، ويتجلى ذلك من خلال الإرث الكبير الذي تركه لأبناء أمته بعد وفاته، لدرجة أنه لم يزل حياً في الذاكرة الشعبية بعد مرور ثلاثة عشر قرناً من الزمن.
ويصف المؤلف كتابه بأنه «محاولة لفهم تأثير جنكيز في عالمه وعالمنا» وقد اتضحت بعض هذه التأثيرات في وقت لاحق، كما يقول، إذ دُفع جنكيز بسبب الفقر والإذلال أو بأوامر إلهية كما يدعي هو، إلى حياة الغزو، ليصبح مؤسساً لإمبراطورية هي الأكثر اتساعاً من حيث المساحة في العالم، وليصبح أيضاً رجلاً خالداً، ليس في جينات أحفاده ولكن أيضاً في عالم تغير كلية بهجوم مقاتليه البدو. لذا تضمن مسعى الرحلات نوعين: العودة بالزمن إلى الوراء، بمساعدة ما أمكن العثور عليه من الكتب، وعبر آسيا الوسطى، بدءاً من الجبال التي أمضى فيها جنكيز شبابه، إلى مسارح الأحداث التي وقع فيها كثير من غزواته، إلى الوادي الخفي الذي قد يكون مات فيه، وأخيراً إلى الجبل المقدس الذي اعتبره مصدر إلهامه، حيث يرجح أنه يرقد في قبر سري، لكنه لا يرقد بسلام، إذ جمعت إمبراطورتيه منغوليا والصين معاً، بنتائج اجتماعية وسياسية مروعة أدت إلى اندلاع النزاع طوال القرون الماضية، وما زال النزاع حتى اليوم، ففي كل مكان يسافر إليه المغول يلازمهم فيه طيف جنكيز.
ويورد المؤلف مقالة في المجلة الأميركية لعلم الوراثة البشرية منشورة في آذار (مارس) 2003 تفترض أن رجلاً واحداً عاش في منغوليا في القرن الثاني عشر قد بعثر مادته الوراثية عبر نصف «أوراسيا» بحيث أصبحت الآن مشتركة مــــع رجل واحد من كل مئتي رجل يعيشون اليوم. ويرى المؤلف أن غزوات جنكيز صاغت روابط جديدة بين الشرق والغرب، إذ بنى هو وورثته أو أعادوا بناء أسس الصين الحديثة، وروسيا وإيران وأفغانستان وتركيا وسورية والتيبت والبلدان الجديدة في آسيا الوسطى وأوكرانيا والمجر وبولندا، وأعادت الغزوات ترتيب أديان العالم الرئيسة، وأثرت في الفن وأسست أنماطاً جديدة من التجارة، وبقيت التأثيرات كحجارة أساس في التاريخ الأوراسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق