بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

حزب الله والمجازفة بـ’إحراق’ لبنان! بسام البدارين

‘سيد المقاومة’ حسن نصرالله يقترح على ‘الشرفاء’ دون أن يحددهم ـ إيقاف الحرب في سوريا حتى تتفرغ الأمة لمعركتها الأساسية مع العدو الصهيوني.
.. كلام يماثل ‘عد الليرات’ لا يمكن الإعتراض عليه لو كان الشيخ الجليل أول من يبادر في هذا الإتجاه ويضرب لنا مثلا يحتذيه الجميع في سوريا ومحيطها وخارجها.
لا نشك لحظة ان حسن نصر الله كان في تصورنا من شرفاء هذه الأمة.. لذلك عليه أن يبدأ بنفسه وبرجاله فيسحبهم من الأرض السورية ويسجل هدفا في مرمى المتآمرين الصهاينة على هذه الأمة التي تتصدر ذيل الأمم في كل شيء.
الجنون الذي استخدمه العقائديون في حزب الله وهم يقدمون لنا رواية دخولهم الحرب في سوريا على أساس′ تحرير قبر السيدة زينب’ سحب رجل المئات من مجانين التطرف في أهل السنة فاقلق مثلهم في أهل الشيعة.
يستطيع حزب الله الاستدراك وتقديم مساهمة فعالة في ‘وقف الحرب’ المجنونة في بلاد الشام إذا عمل على تغيير سريع في إستراتيجية التعاطي مع المشهد السوري.
أولا- يمكنه فعلا تنفيذ مبادرة حيوية للغاية تبلغ كل من أساء فهم حزب الله بان الحزب معني بمصالحة قومية وعربية- عربية حقيقية تبدأ من سحب الحزب لرجاله من سوريا كبادرة حسن نية على أقل تقدير .
ثانيا- المبادرة وفورا للتخلص من النظام في دمشق الذي سمح بسبب حماقاته المؤسسة على الدفاع عن مجموعة لصوص وفاسدين وتفكيك التحالف معه فتلك باتت اليوم الوسيلة الوحيدة لإنقاذ ما تبقى من سوريا ولإظهار ولو قدر قليل من الأمل.
حديث حزب الله عن وقف الحرب في سوريا لا يمكن إضفاء المصداقية عليه ما دام رجال الحزب مشتبكين بالتفاصيل في الداخل السوري ووضعوا كل بيضهم بسلة نظام دمشق مجازفين بكل الأوراق الرابحة بمن فيها أهلهم وشركاؤهم في الوطن اللبناني قبل عمقهم الإستراتيجي العربي ‘السني’ الذي صفق للحزب وهتف للمقاومة اللبنانية في الشوارع بعدما توجهت البندقية بإتجاه يتيم ووحيد فقط هو العدو الصهيوني .
يمكن أن نقترح على الشيخ نصر الله ما دام يرى بان إسرائيل هي العدو الأساسي أن يعمل على توجيه سلاح المقاومة ضد هذا العدو فقط بدلا من تلويثه في معارك ذات بعد طائفي تحت ستار تحرير قبور أو قصور أو تلويثه في الدفاع عن نظام لم يعد من الممكن له بكل الأحوال أن يستمر والشيخ حسن نصرالله يعرف ذلك جيدا قبل غيره بدليل أنه تحدث مع وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف بإستراتيجة سوريا ما بعد الأسد.
لماذا تطيل علينا الألم يا شيخ نصر الله وتطيل المعركة ؟…لمصلحة من؟..أي سلاح عربي يتوجه للشقيق والرفيق خاسىء وشرير وأشرف الرصاص هو ذلك الذي يتجه نحو العدو المحتل وقواته العسكرية فلماذا يتورط حزب الله ويساهم بدوره في تفعيل الأجندات الإقليمية التي تتآمر بالتأكيد على سوريا وعلى المقاومة وعلى فلسطين معا.
ما هو بصورة محددة الذي يميز بين الشيخ نصرالله وهو يعلن بأن ‘الجهاديين’ مثلهم مثل إسرائيل وبين خصوم الشيخ وحزبه من الطرف الآخر الذين يساوون أيضا بين إسرائيل وبين حزب الله ؟…فقط أطالب بتحديد الفارق بين نفس الخطاب الذي نعاني منه جميعا مع اننا إعتبرنا حزب الله في الماضي حزبا مستنيرا لا علاقة له بالظلام قبل أن يفاجئنا بقصة ‘هلموا لتحرير قبر السيدة زينب’.
زينب نفسها تغمدها الله برحمته والرسل والأنبياء جميعا والصحابة أبرياء من كل الذين يهدرون دم الأبرياء باسمهم فالقاتل مجرم حتى ولو ادعى أنه يقتل من أجل السماء .
كل أدبيات التطرف او ما يوصف بالتشدد في بيروت وعمان وحلب ودرعا والأنبار قائمة على منطق البعد الطائفي في حرب نوري المالكي على أهل الأنبار وحرب حزب الله والحرس الجمهوري على الشعب السوري .
نزع التطرف أو ‘التكفير’ كما يسميه الشيخ نصر الله غير ممكن في إستعمال أدوات وعبارات وتكتيكات التحشيد الطائفي فأي كلمة طائفية هنا او هناك يمكن أن تستخدم كذريعة في عملية ‘تدوير مبرمجة ودائمة’ لثقافة الكراهية ورفض الآخر والقتل والدم.
اتفق مع الشيخ زكي بني إرشيد وهو يلاحظ بان حجم المغامرة وقدرات التضحية عند الشباب العرب من كل الطوائف الذي ظهر مؤخرا ضد بعضهم البعض كان يمكن أن يسقط دول الكيان الصهيوني لو توجه لها.
أداء حزب الله في المسألة السورية ‘ذريعة’ تستخدم لإسكات كل المعتدلين او حتى المحبين لمسيرة هذا الحزب ونضالاته والفارق بين المجموعات المتطرفة التي تدعي التحدث بإسم الله وأهل السنة أنها منفلتة ولا تحظى بالإجماع ولا تعبر عن مؤسسات إجتماعية أو سياسية خلافا لحزب الله مما يعني أن مسؤولية قيادة الحزب أكبر في العمل على تجنيب الأمة ويلات الصراع الطائفي.
لدينا أسئلة ثقافية لا إجابات عليها حتى الآن عن الأسباب الحقيقية التي تدفع حزبا مؤسسيا له سجل طويل ومحترم في مناجزة العدو الإسرائيلي لدخول معركة وجودية لصالح نظام متعسف ووحشي فقد أصلا مبررات الوجود في اللحظة التي سمح فيها بدخول ‘الدببة’ إلى بيدر بلاد الشام وسوريا الحبيبة.
الحزب لديه إمكانات مؤسسية على الأرض تدفعه لتصدر مواقع المسؤولية في ضرب المثال على الرغبة الفعلية في حقن دماء المسلمين ولا أعتقد أن إنسحاب حزب الله من المعركة العسكرية يمكنه أن يؤذي الإستقرار في سوريا فالدولة السورية الجديدة ستولد وسيستطيع الشعب السوري العظيم بناء مؤسساته التي تميز بين من يخضع للقانون او يخالفه.
تخلص الشعب السوري من القوى المتطرفة معركة سهلة قياسا بالمعركة الأصعب مع نظام ظالم أخفق في إقتناص كل الفرص التي أتاحها شعب رقص في الساحات العامة لستة أشهر قبل ذبحه وقتله وقصفه بالبراميل .
ضميريا يقف حزب الله في مساحة فاصلة على المستوى الأخلاقي وغالبية أهل السنة الحقيقيين سيقدرون موقفه ويصفقون له بل ويمتنون له لو سحب قواته وترك المعركة لأهلها بدلا من التمترس خلف الطرف الخاسر أخلاقيا على الأقل وتاريخيا حتى وإن لم يخسر ميدانيا .
اي خطاب عن الشرفاء وحقن دماء المسلمين لا مكان له في عالم المصداقية ما دامت الأجندة المتشددة في حزب الله مصرة على التضحية بلبنان كله ونصف سوريا وكل الأمة ووحدتها مقابل الرهان على نظام ظلم الطائفة العلوية والشيعة العرب قبل السنة وبقية الطوائف.
نحن معا صحيح ..العدو واضح صحيح لكن الصحيح أيضا أن حسن نصرالله لا يستطيع إقناعنا بالعمل على حقن الدماء وتوجيه البندقية نحو إسترجاع فلسطين ما دام قد ترك بدوره فلسطين ووضع كل سلاحه في خدمة معركة المستفيد الوحيد منها إسرائيل.
اي مبادرة ولو صغيرة للانسحاب من سوريا عسكريا ستضيق الخناق على المتطرفين من كل الجهات…فليبدأ الشيخ نصر الله لنرى ما الذي سيحصل وكيف ستنحصر موجة ‘التكفير’ التي لا يمكنها ان تتكثف كحجة لتبرير المشاركة لصالح النظام السوري بمعركة ضد الشعب السوري والمجازفة بإحراق لبنان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق