بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 فبراير 2014

حكومة لبنانية مفخخة - احمد الجارالله

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. أخيرا أصبح للبنان حكومة, ولأن هذا اللبنان يعني العرب, كل العرب, فهو دائما تحت أنظارهم, يؤلمهم ما يؤلمه, ويفرحهم ما يفرحه, والضرر الذي يصيبه يطالهم, لذلك حين ساده الفراغ الحكومي في الاشهر العشرة الماضية وضعوا أيديهم على قلوبهم خوفا من ان يمتد الفراغ الى بقية المؤسسات.
لا شك ان الوضع في لبنان هش الى أبعد الحدود, وهو أشبه بصالة زجاجية اقتحمتها مجموعة فيلة تتقاتل على ما تبقى من فتات في بلد تتناتشه وحوش المصالح الشخصية والسياسية, وتسعى بعض القوى الاقليمية الى جعله مكبا لنفاياتها وليس حديقة خلفية, لأن الحدائق الخلفية يبقى فيها بعض أزهار جميلة او فسحة أمل.
لهذا حين رمت بعض الدول العربية الفاعلة بكل ثقلها لحض اللبنانيين على تشكيل حكومة كان الهدف منع الانهيار, لكن هل تألفت حكومة, أقله, بمستوى طموح اللبنانيين ولن نقول العرب؟
بعد 315 يوما بالتمام والكمال أبصرت الحكومة النور وبيان وفاتها في يدها, أو في أحسن الاحوال, هي سلطة تنفيذية غير قادرة على التنفيذ, فلن تستطيع إجبار “حزب الله” على سحب مقاتليه من سورية, بل ستتحول شاهد زور على واحدة من أفظع المجازر الممنهجة التي ترتكبها هذه الميليشيا ضد الشعب السوري, وهي أيضا لن تكون قادرة على جلب المتهمين بقتل رفيق الحريري ورفاقه المعروفين الى العدالة, وبالطبع لن تستطيع فتح ملف الاغتيالات المستمرة منذ عشرة أعوام.
الحكومة اللبنانية المشلولة هذه لن تستطيع أيضا ان تمنع الانتحاريين والسيارات المفخخة من حصد الابرياء, ولا هي قادرة على إزالة المتاريس من بعض المدن, او نزع سلاح الميليشيات, او وقف غزوات الخطف والنهب والسطو وأسواق المخدرات الرائجة في غير منطقة.
الحكومة المولودة بعملية قيصرية مشارط جراحيها ملوثة بجراثيم التسويات والصفقات وتقاسم الحصص وتوزيع الحقائب, والتي استهلكت كل هذا الوقت للاتفاق على أسماء الوزراء, هل تستطيع فعلا الاشراف على انتخابات رئاسة جمهورية؟ وهل الذين أمضوا 10 أشهر وعشرة أيام في تأليف حكومة من 24 وزيرا سيتفقون في شهرين على رئيس للجمهورية؟ وهل حكومة بدأت التراشق حول بيانها الوزاري منذ لحظة ولادتها, ويبدو ان هذا البيان لن يخرج من مطبخ صياغته بسهولة, ستؤمن الظروف المناسبة لاعادة الحياة الى دولة أجهزت عليها تسويات المصالح؟
هل حكومة مفخخة بشتى أنواع المتفجرات ستعيد الأمن الى ربوع لبنان كي يعود اليه العرب والخليجيون؟ أليس الاولى بمن طلب الدعم السياسي الخليجي والعربي ان يفتح البرلمان أمام نواب بلده كي يستعيدوا الثقة بأنفسهم قبل استجداء الثقة العربية والدولية بلبنان؟
سنبقى نرثي حال اللبنانيين ولبنان الى ان يكتب له الله الخلاص من هذه الطغمة الانتهازية, وسنبقى نؤمل النفس بلبنان الذي عرفناه, وليس ذاك الذي يعمل على تشويه وجهه صناع الشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق