بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

رقصة الوطن البديل ومن يمارسها في الأردن بسام البداري

لا يخفى على الجميع ان موظفين سابقين تقاعد بعضهم للتو من اجهزة الدولة الاردنية يشاركون وبكفاءة أو شاركوا مؤخرا في ترويج اتهامات وكذبة الوطن البديل وهي الاتهامات التي دفعت القصر الملكي للاعلان وبصورة صارمة عن انزعاجه الشديد منها.
بين هؤلاء وزراء اعلام ورؤساء ديوان ملكي سابقون وبينهم نشطاء متقاعدون من المؤسسة وبينهم ايضا اصحاب مال ورجال أعمال تقلدوا عشرات المرات مواقع رسمية وأصحاب أقلام في غاية التوتر.
وليس سرا بالسياق ان بعض محترفي نميمة الوطن البديل اذا جاز التعبير يحاولون الان لعب دور الاب الروحي للاردنيين ومنهم من اختير بقرار سياسي لرعاية مؤسسات أو لجان استشارية الهدف منها مساعدة صاحب القرار وليس احباطه او إعاقته او زرع المطبات في طريقه.
شخص مخضرم أبلغني بأن القصر الملكي يعرف كل شيء عن النخب السياسية التي تحاول اعاقة المسيرة وتعارض حتى توجهات الملك الاصلاحية من داخل ماكينة النظام.
الشخص نفسه عبر عن قناعته بأن بعض هؤلاء موجودون اليوم في مناصب ووظائف رفيعة وعلى رأس هيئات استشارية وفي مؤسسات مهمة والهدف من تحشيدهم وجمعهم هو التخفيف من تأثيرهم السلبي على المجتمع والبرنامج والخط الاصلاحي الملكي.
يبدو ان هذه الفكرة ايضا لم تعد منتجة فالمغردون خارج السرب كثر ويتزاحمون معا لدرجة انهم اصبحوا في بعض المفاصل اقوى من السرب نفسه من حيث التأثير في الناس واشاعة الطاقة السلبية في الجو العام للبلاد ومن حيث عدم الامتثال حتى للتوجيهات والاوامر المباشرة التي تعكس رسائل بعدم الثقة بالنفس في دولة خبيرة عمرها يزيد عن 90 عاما وتملك قيادتها شرعية عمرها لا يقل عن ثمانية قرون.
طبعا، وبكل تأكيد، الوطن البديل اسطوانة مشروخة وحقيقة صهيونية فقط لا يمكن القبول بأي لحظة لا بتبنيها ولا بترويجها.
ومن المؤسف ان بعض رموز الحرس القديم والدولة الاردنية يحترفون هذا الترويج ويطلقون العنان لترديد هذه الاسطوانة المشروخة لانها تساعد في تخويف الدولة والنظام وفي اقلاق المجتمع مما يؤدي فورا الى بقاء هذه الرموز في مواقعها وبالتالي الحفاظ على مصالحها.
نقف بالتاكيد مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني وهو يحذر من يحترفون مهنة ترويج مقولة الوطن البديل ويخيفون الحكم والناس منها.
ونقف معه وهو يهدد بصريح العبارة بذكر اسماء من يفعلون ذلك وهم بالتاكيد مجموعة قليلة لا تمثل الاردنيين ولا قواهم الاساسية ولا عشائرهم المحترمة البطلة بقدر ما تمثل مصالحها الضيقة.
وهم فئة قليلة يمكن ببساطة الرد عليها وتبديد روايتها للاحداث وهو حصريا ما فعله الملك شخصيا عندما قال ايضا بصريح العبارة بأن الشعب الفلسطيني وليس الاردني فقط لا يقبل بوطن بديل لا في الاردن ولا في اي مكان آخر.
نقف مع شخصية وطنية محترمة وفائضة في الخبرة والمسؤولية مثل الدكتور عون الخصاونة وهو يخبر الناس في احد اللقاءات بأن الوطن البديل فرية وفبركة لا مبرر للوقوف عندها مشيرا الى ان الفلسطينيين ايام وحدة الضفتين كانوا اغلبية في المملكة الاردنية الهاشمية ولم يفكروا في ذلك الوقت في الوطن البديل ولم يوافقواعليه.
ونقف مع ذلك اللاجئ الفلسطيني الاردني البسيط الذي وقف في وجه جنرال متقاعد في احد الاجتماعات النقابية ليرفض المزاودة على الاردنيين الفلسطينيين قائلا: لن نقبل حتى بالجنة بديلا عن الفلسطينيين .
ونقف ايضا مع تلك اللافتة العملاقة التي زرعها يوما عضو البرلمان الكبير خليل عطية عندما استقبل ثلاثة الاف مدعو على مأدبة غداء لرئيس الوزراء في ذلك الوقت نادر الذهبي في قلب مخيم الحسين للاجئين في العاصمة عمانحيث كانت اللافتة تختصر كل المسافات والاقاويل المرتجفة وهي تقول بالخط العريض ‘الاردن وطن يعيش فينا لا نعيش فيه والجنة فقط نقبلها بدلفلسطين’.
ونستذكر معا ما قاله اردني من وزن الدكتور مروان المعشر لجنرال اسرائيلي ونخبة من المستشارين الامريكيين في احدى ندوات واشنطن عندما خاطبهم قائلا: راجعوني اذا وجدتم اردنيا واحدا او فلسطينيا واحدا يقبل بالوطن البديل.
كما نستذكر صديقنا عضو البرلمان محمد الحجوج عندما خطب تحت القبة قائلا: ايها الزملاء الكرام، للتذكير فقط، أحفاد اللاجئين في الاردن يكتبون على شواهد قبور آبائهم وأجدادهم اسماء قراهم المنسية التي اصبحت الآن اسرائيلبالنسبة للسياسيين لكنها ليست كذلك لأبناء فلسطين.
.. مثل هذه المواقف تعكس حقيقة الروح الوطنية الاردنية وليس تلك الترهات التي تحاول دائما الاسترسال في لعبة تخويف الجميع والادعاء بأن بين الاردنيين من يقبل وفي اي حال من الاحوال بالوطن البديل.
في اعتقادي ان مسألة ترويج فكرة الوطن البديل يستفيد منها فقط المشروع الصهيوني لأن الاصابع تتجه اليه حصريا عند البحث عن الجهة المستفيدة فعلا من اقلاق الشعب الاردني المجاور لاسرائيل.
الاردنيون الوطنيون عليهم ان يشعروا دوما بأن وطنهم يسرق لصالح الفلسطينيين، والفلسطينيون عليهم ان يشعروا دوما بالمقابل بأنهم متهمون ويقيمون في منطقة الترانزيت .. تلك حصريا الوصفة العبقرية التي تقلق الجميع وتعيق التنمية والاقتصاد والاستثمار والاصلاح السياسي في الاردن وهي اعاقة لا يستفيد منها اطلاقا الا جار السلام وشريك السلام الاسرائيلي.
عدو الاردنيين واحد وواضح واللعب على اوتار الوطن البديل اصبح مهنة يمتطيها بعض الباحثين عن دور وعن فرصة للظهور، لكنها فرصة بائسة وسقيمة لأن هدف هذه الرقصة المتواصلة لا يمكنه ان يكون الحفاظ على الاردن وتحرير فلسطين بل هدفها زراعة القلق وتسويق الاوهام ومنع الشعب الاردني من الاستقرار والانتاج، وبالتالي بقاء ادارة ومصالح تلك الرموز التي وجهت لها مؤخرا رسالة لا تقبل اللبس والقسمة على اثنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق