بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 فبراير 2014

◘ ذهب مشيراً وعاد رئيساً سميح صعب

مدى ثلاثة اعوام أظهرت روسيا ثباتاً وبراعة في سياستها حيال سوريا. ربما كان "الدرس الليبي" هو الذي جعل الكرملين يتنبه الى ان خسارة سوريا لا تعني تقليص النفوذ الروسي في الشرق الاوسط فحسب او مجرد انكفاء عن المياه الدافئة، بل ان الاحداث الجارية تمس بالامن الروسي في الصميم نظراً الى الفوضى التي نجمت عن
تفجير الساحة السورية وتمكين الجماعات الجهادية المتشددة من اكتساب نفوذ لم تكن تملكه قبل هذه الازمة.ولعل العقل البارد الذي تعاملت به روسيا مع "ثورات" ما سمي "الربيع العربي" ووصول الاسلام السياسي الى السلطة في مصر وتونس ومشاركته فيها بليبيا، هي التي حملت وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي الذي بات في حكم المرشح الاقوى للرئاسة اليوم، على الانفتاح على روسيا وصولاً الى صفقة التسلح التاريخية المزمعة التي اعادت الى الاذهان ربيع العلاقات المصرية -السوفياتية في ظل حكم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وكرست صفقة الاسلحة الروسية اليوم نقطة فاصلة في تاريخ العلاقات بين مصر وروسيا، كما كانت صفقة الاسلحة التشيكية التي ابرمها عبد الناصر عام 1955 نقطة فاصلة في انتقال مصر من المعسكر الغربي الى المعسكر السوفياتي. وللمرة الاولى منذ 40 عاماً تشكل السياسة التي ينتهجها السيسي تخلياً كاملاً عن شعار الرئيس المصري الراحل انور السادات القائل بأن99 في المئة من اوراق الحل في الشرق الاوسط هي في يد الولايات المتحدة.
وطبعاً الولايات المتحدة اليوم غير الولايات المتحدة التي تحدث عنها السادات. واذا كان الانكفاء الاميركي من العوامل التي جعلت روسيا تتقدم في الشرق الاوسط فتتمسك بسوريا وتستميل مصر، فإن عوامل اخرى ساهمت في دفع السيسي للتوجه الى روسيا منها سوء القراءة الاميركية لـ"ثورات" المنطقة ومسارعتها الى احتضان "الاخوان المسلمين" بديلاً من الجيوش. بينما تحصد روسيا اليوم ثمن تأنيها في الموقف مما يجري في الشرق الاوسط منذ ثلاثة أعوام. ومعلوم ان موسكو كانت الدولة الوحيدة التي حذرت من مغبة ان يفضي "الربيع العربي" بعد انفجار الازمة السورية، الى صراع مذهبي بين السنة والشيعة كما هو حاصل اليوم. اما الولايات المتحدة، فاندفعت بعقدة دعمها لانظمة استبدادية في الشرق الاوسط الى دعم حراك سياسي لم يلبث ان تحول فوضى أمنية وسياسية وصراعاً مذهبياً استغلته الحركات الاسلامية المتشددة.
ومع التحول المصري في اتجاه روسيا، يجني الرئيس فلاديمير بوتين ثمار سياسة خارجية في الاعوام الثلاثة الاخيرة جعلت روسيا تستعيد الكثير من مكانتها الدولية سواء عبر سوريا أو عبر مصر اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق