بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

أيادي السي آي ايه القذرة - لوفيغارو




«لقد أساء هذا الأميركي إلى أوروبا أضعاف مافعلته العدمية الروسية»عبارة أطلقها الأديب البريطاني اتش لورانس في وصفه السياسة الأميركية أيام بنيامين فرانكلين أحد رؤساء الولايات المتحدة في القرن الثامن عشر ليندرج هذا التوصيف على مايفعله قادةتلك البلاد في الإساءة إلى أوروبا والعالم.‏فقد شجعت سياسات أغلب رؤساء الولايات المتحدة الإرهاب ومنظماته في أرجاء العالم لتحمل أسماء مثل الكوكلوكس كلان، المافيا، القاعدة، البلاك ووترز وترسم مشاريعها وحراكها أجهزة الاستخبارات الأميركية، تستأجر لها المرتزقة من كل حدب وصوب وتحدد أهداف هذا الحراك وغاياته في مخابرها قرب لانغلي المتاخمة لواشنطن العاصمة، وكانت السي آي إيه قد انطلقت عام 1947 لتشمل إلى جانب التجسس مايسمى بالعمليات الخاصة التي تقتطع حصة كبيرة من أنشطتها.‏تمول أجهزة تلك الاستخبارات مراكز البحوث في الجامعات الأميركية المنتشرة في أنحاءاليابان وشمال إفريقيا وفي أميركا اللاتينية عواصم في الشرق الأوسط وتعتبر ميزانية هذه الأجهزة من أسرار الدولة الأميركية وتقدر بمليارات الدولارات.‏ تغذي تلك الميزانية عصابات تستخدمها السي آي إيه لتنفيذ مهام تخريبية مقابل أجر محدد بعقد سري للغاية على غرار تصفية الألوية الحمراء لرئيس وزراء إيطاليا الأسبق آلدو مورو وقتل الرئيس آلينيدي التقدمي في تشيلي وإسقاط حكومات وتدبير انقلابات في اليونان وغواتيمالا والبرتغال والمكسيك ورغم اختراق تلك الأنشطة للحقوق المدنية داخل الولايات المتحدة وخارجها إلا أنه مامن جهة رسمية استطاعت توجيه اتهام علني للسي آي إيه نتيجة ارتباطها المباشر بحاكم البيت الأبيض وتلقيها الأوامر منه شخصياً بمشاركة مجلس الأمن القومي الذي تأسس أيضاً عام 1947ويتزعمه رئيس البلاد يعاونه نائب الرئيس الأميركي ووزير خارجيته ووزير الدفاع ومدير مكتب التعبئة العسكرية والمدنية إضافة لمدير الاستخبارات العامة ورئيس لجنة قادة الأركان، ويرى المحللون في هذا المجلس الحكومة الفعلية للولايات المتحدة الأميركية لأنه يملك سلطات عليا لايملكها الكونغرس صاحب السلطة التشريعية عملياً.‏هذا وتسهم في وضع برامج مجلس الأمن القومي منظمات خاصة استخباريه وبوليسية ومدنية تقدم تقاريها حول مواضيع شتى اقتصادية ومصرفية وتجارية وتعليمية وإدارة خدمات وقد يستقبل الاجتماعات أحياناً عدد من ساسة البلاد وخبراء في عالم المال والأعمال وذلك بصفة استشارية دون أن يحق لهؤلاء اتخاذ أي قرارات على هذا الصعيد أو ذاك وتفرض في معظم الأحيان تلك القرارات على الكونغرس فرضاً.‏من هنا تأتي خطورة مشاريع مجلس الأمن القومي في شن الحروب ونشر الإرهاب في المناطق الاستراتيجية حيث تنشط مصالح الولايات المتحدة سراً وعلناً.‏ألم يقف التمييز العنصري الذي روجت له السي آي إيه من خلال عصاباتها الكوكلوكس كلان في أنحاء الولايات المتحدة وراء أحداث بيرمنغهام عام 1963 حيث استمرت تلك الحرب الأهلية بين الزنوج والبيض خمسة أسابيع قبل نصف قرن من الآن ضاربة عرض الحائط بالحقوق المدنية لسكان البلاد الملونين ولتدفع المناضل مارثن لوثركينغ إلى المطالبة بالمساواة وإزالة هذا التمييز فماكان من الاستخبارات الأميركية إلاأن زجته في السجن للمرة الخامسة عشرة قبل أن تعتمد إلى تصفيته في ممفيس عام 1968 وعلى إثره «انتشر العنف العرقي في 125 مقاطعة أميركية.‏اليوم تعود السي آي إيه إلى دفاترها القديمة بعد أن جيرّتها إلى عصابات أجنبية أشهرها حالياً: القاعدة ورأس حربتها جبهة النصرة وياكوسا اليابانية التي سطع نجمها في سماء الإرهاب جنوب شرق آسيا منذ عامين.‏وتشهد عدة مقاطعات يابانية اعتداءات ومجازر وتهديدات على مستويات مختلفة تنظمها عصابات كودوكاي التي تعتبر أخطر أجنحة الياكوسا اليابانية.‏ وقد أدت أعمال العنف في مناطق متفرقة من الأرخبيل إلى توجيه وسائل الإعلام التقدمية في اليابان أصابع الاتهام إلى السي آي إيه التي تقيم علاقات مع مافيات محلية في البلاد(يتجاوز عدد الياكوسا الثمانين ألف عضو) وترتبط تلك العصابات والمافيات على غرار نظيرتها الإيطالية بالجريمة المنظمة التي ترعاها السي آي إيه وتستفيد من خدماتها سواء بالنسبة لترويج المخدرات أم للاتجار بالأسلحة حيث تعود بالأموال الطائلة للخزينة الأميركية المصدر الأكبر لتلك البضائع في العالم اليوم.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق