بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 16 أغسطس 2014

يا باغي «الجنسية» وينك؟ -جاسر الجاسر

الأرزاق أقدار غامضة لا تأتي إن لم يحن أوانها وتنضج ظروفها. أحد الأصدقاء المغامرين افتتح عام 2011 مكتباً لخدمات التجنيس مراهناً على أن الربيع العربي سيفتح بوابة هرب لأنصار كل نظام ساقط حرصاً على نجاتهم بأموالهم، لكن الزمن خاتله فلم يأته الرزق.

أمضى ثلاثة أعوام يدفع أشكالاً مختلفة من الأجور من دون رزق يذكر حتى جاءه صيف 2014 يحمل بشرى المكسب وثواب الصبر والانتظار، إذ خلعت الكويت قفازها كاشفة عن مخلب حاد لا يرتوي من دون إسقاط الجنسية، ولحقتها البحرين مظهرة ناباً قاطعاً حين تبتسم.

صديقي لا علاقة له بالأيديولوجيا ولا يفرق بين «الإخوان» والمافيا، إلا أنه يتمتع بحس تجاري لاقط يفوق إدراك الحيوانات للمخاطر الطبيعية، فتيقن أن سوقه قامت وأيام نحسه انقضت منذ أن أدارت الكويت ظهرها لمن أسكنتهم دارها فسرقوا أمانها.

استشعر بأنف التاجر أن الخليج مقبل على مرحلة حصاد طويلة وعريضة. قرون استشعاره كانت صادقة منــذ اليـوم الأول لأنه راهن على أناس ولاؤهم عابر ووطنيتهم مرحلية تحكمها الحاجة أكثر مما ترسخها الهوية. قال إن الخليج غضوب، فبقــدر ما يـــصادق بتــفــانٍ فإنه يتوقع المعاملة بالمثل، يضع إمكاناته تحت تـصرف من يلوذ به إلا أن الصدمات لا توقفه والعواطف لا تقيده حين يـــصل التهديد إلى وجوده، وإنه سعيد بهذا الغضب لأن رزقه ولد من بين شرره، متمنـــياً ألا تتنازع دول الخليج بينها فتضيع أحلام الثراء مع التجنيس الانتقامي.

يرى صديقي أن المواجهة الخليجية مع جماعة «الإخوان» الأثرياء القادرين على الشراء فلا مشكلة في تجنسيهم في أي بلد، بما أن الوطن لديهم وظيفة نفعية مرحلية لا تعتمد الولاء ولا تعترف بالانتماء خارج أطر الجماعة وقواعدها.

قال إن لديه خريطة تجنيسية واسعة، منها الظاهر ومنها الباطن الذي يتطلب ترتيبات خاصة. الجزيرة الفارهة مالطا لا تكلف أكثر من 1.5 مليون دولار، إلا أن احتمالات الخطر عالية لأن الاتحاد الأوروبي يضغط عليها في هذا الشأن.

وهو لا ينصح بكندا وأستراليا لأن البلدان الأوروبية قد تتخذ موقفاً متشدداً من «الجماعة» فتضيع فلوسك يا صابر! كما أن هونغ كونغ تمنح الإقامة الدائمة للمستثمرين فقط وهذه لها مخاطرها، أما إسبانيا فهي ذات جذر عربي، فقد تبيعك المسكن ثم تنقلب عليك بعد ذلك. قد تبدو جزر القمر مغرية لرخص أسعارها إلا أنها تشترط التدقيق في من تحوم حولهم الشبهات، ثم إنها لشدة فقرها قد تصبح مصيدة ذباب خليجية يشترونها متى شاؤوا.

للأغنياء والنخبة من الجماعة، فإن دومينيكا الفرنسية وسانت كيتس الإنكليزية من أجمل جزر الكاريبي ولا مخاطر فيها وكلفتها لا تزيد على «ربع أرنب» أميركي وهي تسمية مفهومة جيداً لدى الإخوان.

ينصح صديقي الفقراء من الخليجيين السابقين بجواز سفر من غينيا بيساو، فهو لا يكلف أكثر من خمسة آلاف دولار ويسمح بالدخول إلى ليبيا والجزائر والمغرب وتونس والسنغال ومالي وموريتانيا، وهذه هي الدول التي تهم الإخوان، كما أن لغتها برتغالية ما يسمح بتحريف الأسماء، فيمحى أي تاريخ لدى الإنتربول فضلاً عن انتشار الإسلام فيها، ما يسمح بممارسة النشاط في مناخ متعاطف.

اعتذرت لصديقي لعدم إمكان نشر أرقامه. قال: لا عليك فهم يسكنون مواقع التواصل الاجتماعي ثم إنه لا خيار لهم غيري، عدا الإمارات التي توجد فيها شركات مماثلة لكن وصولهم إليها أشبــه بحلم إبليس بالجنة، كما أن تسونامي لم يأتِ بعد فما ظهر مجرد طلائــعه وأولى مناطق ثورته!

المواطنة تهم العاديين من الناس، أما أصحاب نظرية سلطة الخلافة فإن أبواب الدنيا لهم مفتوحة وخياراتهم متعددة، ولن يضيق بهم بلد واحد بل بإمكانهم تغيير الجنسية كل عام ما دام الجيب عامراً والهاجس بالخلافة قائماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق