بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أغسطس 2014

صواريخ لله يا محسنين - علي سالم

هو فلسطيني من غزة وصاحب اسم شهير، وأحد أعضاء السلطة الحاكمة، عرض الرجل أحزانه على شاشة فضائية مصرية، قال بمرارة: ليس لدينا صواريخ مضادة للطائرات، لو أن الدول العربية القريبة منا (يقصد مصر بالطبع) أعطتنا عددا من تلك الصواريخ
لاستطعنا أن نسقط طائرة إسرائيلية أو اثنتين وبذلك تمتنع إسرائيل عن ضربنا بالطائرات. كما ترى هو يريد أن يعلم إسرائيل الأدب، ويدفعها لضرب غزة بالمدفعية فقط. هذا هو بالضبط ما كان يفكر فيه، ولكنه لم يحسب حسابا لما يمكن أن يدفعه الشعب المصري من ثمن في هذه الحالة. أو لعل الرجل كانت له حساباته التي يجب أن نجهد نحن أنفسنا في التفكير فيها لكي نفهمها.

بأبسط قدر من الخيال والحسابات السياسية، سيكون من السهل على إسرائيل أن تعرف مصدر هذه الصواريخ، وبذلك ينفتح باب الاحتمالات على التالي، في ظل تلك الظروف المجنونة العصبية التي تعيشها المنطقة الآن: سيكون الاحتمال الأرجح هو أن تشتعل الجبهة بين المصريين والإسرائيليين؛ ستخترق الطائرات الإسرائيلية الحدود المصرية فتتصدى لها الطائرات المصرية ويحدث الاشتباك بينهما، ستندفع المدرعات الإسرائيلية داخل سيناء فتندفع لمواجهتها المدرعات المصرية، إنها الحرب وجثث القتلى والجرحى والمباني والمؤسسات المدمرة، ويوافق الطرفان على إيقاف إطلاق النار بعد قدر من الخراب يصعب تخيله.. ثم تبدأ مجهودات شاقة بين الطرفين يشترك فيها العالم كله للوصول إلى اتفاقية سلام جديدة وقد يتطلب الأمر عشرة أعوام لنعود للمربع رقم واحد. هل فكر سيادته في ذلك؟
حتى لو كان قد فكر في ذلك فلا أهمية للأمر، الأمر المهم حقا هو أنه قد تمكن من تدمير طائرتين للعدو الإسرائيلي. مشكلة ومأساة أهل غزة والفلسطينيين بوجه عام هي غياب السلام. نقطة على السطر.
محاولة الالتفاف حول هذه المشكلة وتحويلها إلى حلقات تفاوض طويلة مجهدة من أجل وقف إطلاق النار بين الطرفين ليست أكثر من محاولات يائسة لخداع الذات. من المستحيل تحقيق وقف إطلاق النار بين حكومة إسرائيل وسلطة حماس، لسبب واضح هو عدم قدرة «التنظيمات الجهادية» في غزة على الالتزام بما تفرضه اتفاقات جبهة القتال، كما أن حكومة حماس لا تستطيع السيطرة كلية على أفعال هذه التنظيمات. ومع أول صاروخ فشنك تطلقه هذه الجماعات لا بد أن ترد إسرائيل بمواصلة التدمير والهدم والقتل وتشريد البشر.. لا بد من السلام وإن طال السفر.
غير أن السلام في حاجة إلى بشر راغبين في السلام وقادرين على تشكيل سلطة مركزية تقوم بالتفاوض للوصول إلى السلام وليس وقف إطلاق النار، غير أن السلطة المركزية غائبة الآن عن الفلسطينيين بعد أن تمردت جماعة حماس على سلطة الرئاسة وطردتها من غزة بعد أن ألقت بأعضائها أحياء من فوق أسطح مباني غزة المرتفعة. وبذلك نستطيع أن نقول إن بداية إجراءات الحماية لأهل غزة هي أن تقوم حماس بتسليم سلطة الحكم إلى حكومة رام الله، هذا هو بالضبط ما يجب أن يتفاوض عليه الفلسطينيون الآن وفورا. الشعب الفلسطيني في حاجة إلى السلام وليس في حاجة إلى «التنظيمات الجهادية»، وعلى زعمائه أن يختاروا بينهما. لا توجد دولة تحترم نفسها على الأرض ترعى جماعات مسلحة ليست تابعة لسلطة الدولة.
كل المجهودات المبذولة لتحقيق أهداف أخرى غير السلام بين الطرفين، لن تفضي لشيء.
رحم الله الرئيس محمد أنور السادات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق