بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

بلاغ للنائب العام المصري… «بزنس» الأنفاق وقتل الشهود والأدلة بسام البدارين

إختارت السلطات المصرية قبل نحو أسبوعين توقيتا مناسبا جدا لهدم عشرات الأنفاق بين مصر وقطاع غزة تمثل في اللحظات الأعنف التي كانت تقصف فيها طائرات العدو الإسرائيلي الشعب الأعزل في القطاع المحاصر من كل الإتجاهات.
بالضرورة الإسترسال في هدم الأنفاق لحظة تعرض غزة للقصف من قوة همجية بربرية كان رسالة من طراز خاص لكل فلسطيني ولكل جهة في هذا العالم تعادي أهل القطاع أو تستهدفهم او تحقد على الأخوان المسلمين وتستثمر في «شيطنتهم».
يعلم الذي يهدم الأنفاق أن الأجهزة المصرية تحتفظ بخرائط مفصلة لكل حفرة على الحدود بين مصر والقطاع فجميع الأنفاق ما صغر منها وما كبر حفرت أصلا برعاية وتأمين الأجهزة المصرية لأغراض لا علاقة لها بالتضامن القومي إنما بصفقات تجارية وبعالم من «البزنس» يعرفه جيدا كل المطلعين من أبناء القطاع على الحقيقة.
أنفاق غزة كانت عبارة عن إستثمار إقتصادي ومالي وتجاري للمئات من الضباط والجنرالات المصريين وفي غالبية الأحيان كانت تفرض رسوما على العمليات الحيوية في هذه الأنفاق والمسألة لا تتعلق بإنطباعات بل بوقائع تقرها جميع الجهات المعنية. فالأنفاق كانت عبارة عن إستثمار مالي حتى للمؤسسات المصرية وهو إستثمار تخلله بكل الأحوال وكما يحصل في جميع القطاعات المصرية الكثير من الفساد وتجاوز المؤسسات والمرجعيات .
المئات من الأنفاق وتحديدا الصغيرة الملاصقة للحدود كانت عبارة عن مغامرات شخصية لشركاء مصريين يعملون في وظائف الدولة المصرية وبعض هذه الأنفاق كانت تؤجر أو تستثمر مقابل رسم يومي والشركاء في كل الأحوال هم حملة نياشين ورتب عسكرية ورجال أمن وظيفتهم تأمين الحدود القومية لمصر العظيمة.
ذلك ليس سرا بكل الأحوال فأصغر طفل في رفح المصرية أو بادية سيناء المجاورة يعرف تمام المعرفة بأن الأنفاق عبارة عن «بزنس» مشترك مع رجال الحدود المصريين وهوعمل يتقلص ويتمدد بقرارات مرجعية أحيانا فمصر لا زالت بلاد العجائب .
بمعنى آخر الأنفاق لا تتعلق بالأمن القومي المصري لأن ما يجري فيها طوال سنوات الحصار هو متاجرة بالأمن القومي والحدودي ، الأمر الذي ساهم بإبقاء أهالي غزة رغم الحصار البري والجوي والبحري الإسرائيلي على إتصال بالعالم الآخر عبر بزنس الأنفاق.
لذلك ذريعة الأمن القومي لا تبدو اليوم منطقية وهي تستخدم لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني بعدما إختلفت الأجندة السياسية وإتخذ القرار بأعلى المستويات في المشاركة بحصار الشعب الفلسطيني وإخضاع أهالي قطاع غزة كبيرهم وصغيرهم ومقاومتهم قبل مواطنتهم.
أين كان الأمن القومي المصري عندما كان «بزنس» الأنفاق عنصرا مشتركا بين نشطاء حماس والفصائل وضباط الأمن المصريين الذين تمرسوا لسنوات مع بعض تجار رفح في مقاولات الأنفاق التي يقال اليوم أنها تضر بالأمن المصري ؟… المسألة إنقلبت لأن هناك اليوم «جهات أخرى» تدفع أكثر مما يحصل عليه حراس التراب المصري وبالتالي أصبحت تجارة الأنفاق لا تذكر رقميا قياسا بالمليارات التي تهطل على المؤسسة المصرية الجديدة.
بكل الأحوال الأشقاء المصريون لديهم الحق بإختيار أي نوع يريدونه من التجارة وفقا لأولويات الأمن القومي المصري فكل المنتجات والبضائع التي تعبر القطاع طوال سنوات الحصار كانت تمر عبر تلك الأنفاق الحدودية وهي منتجات مصرية أو مصدرة للسوق المصري مما يجعل المؤسسة المصرية «شريكة بالكامل» في كل عمليات تصنيع السلاح التي يتحدث عنها العدو ضمن حربه الشرسة على ما يسمى بـ «سلاح المقاومة».
لا أصدق شخصيا بأن الرئيس المعتقل محمد مرسي قام بنفسه أو عبر قيادات حزبه بتهريب البضائع عبر الأنفاق لغزة وأغلب الظن أن جهات في المؤسسة المصرية شاركت في عمليات «التهريب» هذه – إن حصلت فعلا- عبر بوابة الإستثمار المغري ماليا للمؤسسات الرسمية المصرية أو للأفراد بدليل أن ليتر البنزين المصري المهرب يباع بخمسة أضعاف سعره للغزيين وأن علبة السجائر من طراز محلي الصنع كانت تباع بعشرة أضعاف.
إذا كانت الأنفاق قد إستعملت فعلا لتهريب قطع ومواد تصلح لصناعة السلاح والمتفجرات فهناك في مصر وفي مؤسساتها العميقة من كان شريكا للمقاومة في تأسيس هذه الصناعة لأن خارطة الأنفاق برمتها بين يدي رجال الأمن المصريين ولأن إمكانية حفر نفق كبير بين الرفحين «مهمة مستحيلة» بدون غطاء رسمي من الناحية العملية والمنطقية.
وإذا كنا سنصدق «كذبة» الفضائيات المصرية التي تتحدث عن أسلحة وذخائر وأموال قدمتها حركة حماس لما يسمى بالإرهاب في سيناء وهي تتآمر على مصر فمن المنطقي والواضح أن هذه «المؤامرة» تمت ونفذت بمشاركة عشرات بل مئات المصريين من موظفي الحدود ومسؤولي الأمن بمختلف رتبهم لأن المشاركة في إستثمار الأنفاق كان سياسة معتمدة ورسمية في الدولة المصرية تتغاضى عنها كما تتغاضى عن تقاسم حصص الفساد في بقية القطاعات.
بهذا المعنى على القضاء المصري أن يحقق في الوقائع التي تثبت وجود شركاء كثر من الموظفين المصريين لحركة حماس في حركة التهريب المفترضة بين مدينتي رفح وبهذا المعنى يمكنني كمواطن عربي أن أتقدم ببلاغ عن بعد للنائب العام المصري حول وجود «مجرمين» فارين من وجه العدالة وشبهات في تورط مئات المصريين بالمؤامرة المفترضة لحركة حماس على الأمن المصري. 
على النيابة أن تفتح هذا الملف بجدية ما دامت توافق على إتهامات تصدير الإرهاب لسيناء من قطاع غزة وثقتنا بإستقلالية القضاء المصري كبيرة ونقبل بتحقيق شامل يدين تلك الكوادر من غزة و»شركائهم» المصريين بصرف النظر عن إنتمائهم لحماس أو لغيرها.
سنشتري الرواية المصرية لقصة تصدير الإرهاب من غزة لسيناء وبالتالي تآمر حماس على مصر وذرائع الأمن القومي المصري التي أغلقت معبر رفح بوجه الجوعى والمحاصرين والجرحى لو تنشطت النيابة المصرية في إجراء تحقيق موسع يتطلب بالضرورة إستجواب كل من خدم في الحدود وعلى المعابر من صغار العسكر لكبار الموظفين المدنيين لأنهم شهود على رحلة الإنفاق. ..دون ذلك وببساطة وبكل صراحة سنفهم عملية هدم الأنفاق خلال القصف الإسرائيلي على أنها عملية «إعدام للشهود» وللأدلة التي تثبت وجود شراكة بالإتجاهين سواء عندما تعلق الأمر بتصنيع السلاح في غزة أو بالتآمر على المصالح المصرية وتصدير «الإرهاب».
الأنفاق خلافا لكل الإنطباعات السطحية كانت تحافظ على الأمن القومي المصري وأهالي غزة قبلوا بالإبتزاز الذي مورس عليهم بسبب الحصار لأنهم كانوا يشترون كل منتج عبر الأنفاق بأضعاف السعر للحفاظ على حياتهم فيما كان الفارق يذهب لجيوب أشخاص معروفين في رفح والمؤسسة المصرية .
بنفس الوقت لا مصلحة لمصر في «تجويع غزة» والأنفاق كانت عبارة عن تنفيس للإحتقان إستفاد منه الجميع وتشكلت في مدينتي رفح طبقة كاملة من متاجري الأنفاق مكنت أهل القطاع من الحصول على الطعام والمحروقات وقطع الغيار والأدوية لأن الأنفاق المصرية كانت المعبر اليتيم والوحيد غير الإسرائيلي لكل بضاعة أو منتج يدخل لغزة لكن وجود إستثمار ضخم في الإنقلاب بمصر حاليا يعوض الملايين التي كانت قطط المعابر والحدود السمان المصرية تتاجر فيها .
تطلب ذلك الإسترسال أولا في تهمة سخيفة جدا فكرتها أن «حماس المحاصرة» التي يسكنها عدد من البشر لا يزيد عن عدد سكان حارة مصرية والتي تحاصرها وتقتلها إسرائيل يوميا تستطيع التآمر على «الشقيقة الكبرى»التي يزيد عدد سكانها عن 85 مليون إنسان.
كما تطلب ثانيا إستخدام فرية «المصلحة الأمنية» مجددا بتدمير الأنفاق وتخريب الأدلة وقتل الشهود لأن هذه الأنفاق شاهدة على كل شيء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق