بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

سورية: دخول لاعب جديد للملعب - د. رؤوبين باركو - إسرائيل اليوم


إن استقرار رأي الامريكيين على إمداد المتمردين في سورية بالسلاح هو ذروة جهد عربي عام لكسر الجمود ومساعدة المعسكر السني كل دولة عربية بحسب قدرتها واستطاعتها الوصول. ونفخ القرار ريحا قوية في أشرعة المتمردين، الذين كانوا مُعرضين الى الآن لهجمات ‘الحرس الثوري الايراني’ ورجال حزب الله، وأصيبوا اصابات بالغة بأفضل السلاح والطائرات الروسية الصغيرة بلا طيارين. أعلن المتمردون أول أمس عن عملية ‘القادسية’، التي تنحصر في الأساس في جبهة مدينة حلب، وليس عجبا ان اختاروا هذا الاسم للعملية المخترقة الطريق التي بدأوها.
بقيت أجزاء كبيرة من تفصيلات القرار وتحقيقه سرية فوق التصريح الامريكي بنقل سلاح الى المعارضة النازفة، بعد ان تبين ان السكان السنيين تعرضوا لسلاح كيميائي. يبدو أن الامريكيين استقر رأيهم على تسليح قوات جيش سورية الحر فقط بسلاح نوعي بقيادة الجنرال سليم ادريس، ومنع وصول هذا السلاح المُحكم الى العصابات الارهابية الاسلامية المسلحة التي تعمل على مواجهة النظام.
بقي الشك في عناصر قوة المعارضين الاسلاميين في سورية على حاله. إن الذاكرة الامريكية الجماعية تشتغل على
تجربة مساعدة متطرفين اسلاميين وجهوا سلاحهم الامريكي الذي حصلوا عليه الى الامريكيين بعد ذلك. وليس عند الامريكيين أي اهتمام بأن يقع السلاح النوعي الذي سيُسلمونه الى المتمردين السوريين في نهاية الامر في أيدي هؤلاء الاسلاميين المتطرفين، مثل ‘القاعدة’ و’جبهة النصرة’ و’أحرار الشام’ و’كتائب الفاروق’، وهم من أعدائها اللدودين في الغد.
وليس واضحا الى الآن أي سلاح سيُرسل في نهاية الامر والى من، لكن من الواضح ان الامريكيين ضاقوا ذرعا بمعادلة الدم التي أحدثتها ايران وروسيا في سورية، بحيث ما زالت هاتان الدولتان تُسلحان الاسد بسلاح مُحكم، في حين يبطل فعل الغرب ويقف عند تسويف صيغ خالية من المضمون لحل الازمة. اتُخذ قرار الامريكيين رغم تهديدات الروس والسوريين بالانتقام داخل اوروبا، حينما أدركوا انه لا احتمال لتنحي الاسد وانشاء حكومة انتقالية تمهيدا للانتخابات.
في حين ما زال حلف الاسد العلوي مع مقاتلي الشيعة من حزب الله والحرس الثوري يضربون السكان المدنيين السنيين في سورية، ومقاتلي المعارضة والبنى التحتية المدنية، أخذ الزعماء العرب السنيون في الدول العربية يجتمعون في جبهة صارخة واحدة واضحة، من دون صيغ دبلوماسية معوجة، فهم يعلنون أن ‘الفتنة الدينية’ صارت لها الآن أبعاد ظاهرة والحديث عن حرب أهلية بين أهل السنة والشيعة لا تتلخص في مواجهة عسكرية بين الاسد والمتمردين. وتشتعل الآن عدا سورية مراكز مواجهة في لبنان والعراق، وتستعد الدول السنية التي تحاذي سورية مثل تركيا والاردن للمواجهة.
إن المعارضة السورية السنية تشير بتسميتها عمليتها الاخيرة في حلب ‘القادسية’ الى ايران الفارسية الشيعية بأنها تهدد من داخل سورية الشرق الاوسط وبأنها أعلنت حربا على العالم السني. 
وكأنه لم يمر أكثر من ألف سنة منذ كانت المعركة التاريخية في القادسية في سنة 636م بين جيش الخليفة عمر الفاروق والجيش الوثني لملك الدولة الفارسية كسرى. إن تلك المعركة علامة نصر اسلامي في مقابل هزيمة فارسية مُذلة لم يُشف الايرانيون منها الى اليوم وهم يحاولون الآن ان يغيروا أحداث التاريخ ولو قليلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق