بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 يونيو 2013

الحرب الاهلية في سورية تنتقل الى غلاف غزة - أساف جبور - معاريف

ظاهرا وجهت ستة صواريخ غراد، التي اطلقت ليلة أول من أمس من قطاع غزةنحو بلدات الجنوب. عمليا اشار اطلاق الصواريخ الى واقع جديد آخذ في التجسد في ميزان القوى في الشرق الاوسط. واقع يبدأ في سورية ويمر عبر لبنان ليصل حتى قطاع غزة. بعد سنوات من العيش في ظل حماس، المنظمة الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، ومولت على مدى السنين من قبل الراعين في دمشق وطهران، وبعد التسليم الاضطراري باتفاقات التهدئة، التي وقعت بين حماس واسرائيل في أعقاب حملة ‘عمود السحاب’ في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ترفع منظمة الجهاد الاسلامي الان الرأس وتسعى الى التنكر لمن اعتبر حتى وقت أخير مضى حكام القطاع. 
العلاقات بين المنظمتين الاسلاميتين السنيتين في غزة شهدت ارتفاعات وانخفاضات. فقد سعت الجهاد منذ البداية الى اتخاذ طريق اكثر عنفا، وعارضت بشكل اساسي التفاهمات التي تمت مع ‘العدو الصهيوني’. ومع ذلك، فهم زعماؤها طالما بقيت حماس تسيطر على غزة، ليس لهم فرصة حقيقية لتغيير السياسة العسكرية تجاه اسرائيل
غير أن الواقع المتغير أدى ايضا الى تغيير في موقف الجهاد. فالقرار الاستراتيجي لحماس في الوقوف في وجه الرئيس السوري بشار الاسد مع بداية الحرب الاهلية، بدا في الظاهر منطقيا تماما، فقد كان يفترض بالاسد أن يكون في حينه حجر الدومينو التالي الذي سيسقط، في اللعبة التي اسقطت من قبل زعماء تونس، ليبيا، مصر واليمن. وهكذا فان خيار زعماء حماس الانتقال الى حضن الاخوان المسلمين، الذين استقروا في قصر الرئاسة في القاهرة، كان واضحا. 
ولكن في حماس لم يتوقعوا التجند الايراني لصالح بقاء الطاغية السوري، ولا ايضا قوة الذراع التنفيذية لحزب الله الذي هرع الى انقاذ النظام في دمشق. والنتيجة الحالية هي أن حماس تدفع غاليا الثمن على هجر محور ايران حزب الله سورية. واعترف نائب وزير الخارجية في حكم حماس، غازي حمد، مؤخرا بان الاموال لا تصل من طهران الى غزة مثلما في الماضي.
الانتقاد الذي وجهته منظمة حماس لنشاط منظمة حزب الله الشيعية في سورية، ولا سيما ضد السكان المحليين السنة، أدى هو ايضا الى ضرر شديد في العلاقات التي نشأت بين نظام آيات الله وقادة حماس. وفي الجهاد الاسلامي استغلوا الفرصة التي وقعت في طريقهم واعلنوا بانهم يواصلون دعم المنظمة اللبنانية. احمد المدلل، المسؤول الكبير في المنظمة صرح قائلا: ‘علاقاتنا مع حزب الله تبقى قوية ونحن نعمل من اجل هدف واحد ابادة العدو الصهيوني’.
ولشعورهم بالاهانة من محاولات مغازلة منظمة الجهاد الاسلامي في طهران، سعوا في حماس الى فرض النظام في الداخل. موجة اعتقالات عادية في قطاع غزة تعقدت عندما قتل احد ناشطي الجهاد الاسلامي، رائد جندية، برصاصة في رأسه. وفي حماس ادعوا بانه قتل برصاصة انطلقت من مسدسه الخاص، وانه يحتمل أن تكون هذه عملية انتحار.
اما رجال الجهاد الاسلامي فرفضوا هذه الادعاءات واشاروا الى منافسيهم في حماس كمن يقفون خلف التصفية. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقد أول أمس في قطاع غزة قرر خضر حبيب، من قادة الجهاد الاسلامي ان القتل تم على ايدي منظمة حماس واضاف: ‘قررنا وقف الاتصالات مع حماس′.
ساعات قليلة بعد ذاك المؤتمر الصحافي اطلق وابل من الصواريخ نحو اسرائيل، وسرايا القدس ـ الذراع العسكرية للجهاد الاسلامي، مشتبه فيها باطلاقها. وردا على ذلك طلب رئيس وزراء حماس في غزة، اسماعيل هنية، من الفصائل الفلسطينية البقاء موحدة ضد العدو الحقيقي ـ اسرائيل. وأعرب عن اسفه امام الجهاد الاسلامي على موت الناشط وأضاف: ‘العلاقات بين حماس والجهاد الاسلامي تقوم على اساس مسيرة طويلة مشتركة. كتف بكتف قاتلنا في المقاومة’.
اضافة الى ذلك، وعد هنية بان تزيد حكومته الاتصال مع قيادة الجهاد وأعلن عن اقامة لجنة تحقيق تدرس ملابسات موت الناشط. وقال هنية: ‘محظور علينا ترك المقاومة للاحتلال وبدء خلاف داخلي’. وفي هذه الاثناء تعطي جهوده للمصالحة ثمارها. خالد البطش، من كبار الجهاد الاسلامي أعلن امس عن لقاء لجان مشتركة بين المنظمتين بهدف منع احتدام الازمة. 
‘توجد لقاءات مشتركة بين مسؤولي منظمتنا وطواقم من وزارة الداخلية لحماس′، هكذا كشف البطش النقاب واضاف في تهديد حذر يقول: ‘تلقينا تعهدا من هنية بان يعمل حسب قرارات لجنة التحقيق ويطبقها بشكل فوري’. ومع ذلك، حتى لو كان الخلاف الحالي مع حماس سيصل الى حل، واضح للجميع بان هذه منظمة جهادية اكثر تطورا وقوة، ستبقى معارضة غير هادئة لحكم حماس في القطاع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق