بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 يونيو 2013

التوقيت السعودي والإيقاع الإسرائيلي -علي قاسم - دمشق

يعود السعودي إلى ضبط إيقاع موقفه على التوقيت الأميركي، في استجابة مباشرة لحقنة التحريض التي استأذن فيها سعود الفيصل مع بندر من الفرنسي قبل المباشرة بها،
وهو على يقين بأنه قد يستعيد التوافق المفقود مع الإسرائيلي، فاقتضت الضرورة أن يعلو صوته، وأن يثير غبار معارك وهمية إضافية تغطي على ما تفعله إسرائيل، وتبرر ما تقوم به واشنطن من مماحكة لتأخير انعقاد المؤتمر الدولي حول سورية.‏
يعود.. بوجه سعود وأصابع بندر المتشابكة مع الإسرائيلي، بعد أن أدرك أن عقارب ساعته حادت عن التوقيت الإسرائيلي في بعض الأحيان، وغرقت في حسابات المواقف الأميركية المتقلبة، وشعرت في مرات عديدة بالعجز عن فهم طريقة مطابقة القطري والتركي لها، واليوم يريد أن يعيد ضبط موقفه، ليكون وفق المواعيد الإسرائيلية التي كانت وستبقى الإطار الذي يعاير ويضبط التوقيت الأميركي.‏
وفي حين يستحيل على السعودي التحرك خارج هوامش الأوامر الأميركية، كانت تتشكل على الضفة الأخرى مجموعة من المواقف الطفيلية، التي حاولت الإيحاء بتشكيل رأس حربة يمكن لها أن تكون ظاهرة منفصلة تقطر الموقف الأميركي وتجره إلى حيث توهمت وبالغت في أوهامها، فإذ به يرميها عند أول منعطف ويتخلى عنها لدى أول منحدر، رغم أنها وقبل غيرها لم تستثنِ يوماً من حساباتها أمر العمليات بتحديثاته اليومية، وفي أحيان كثيرة ساعة بساعة، إذ إنه وبالمنطق -رغم غيابه القسري- يستحيل على تلك الأدوات في المنطقة وخارجها، وينسحب الأمر على مرتزقتها، أن تعمل خارج الأجندة الأميركية.‏
على هذه القاعدة المزدوجة في الاستخدام، كان الموقف الأميركي يستدرج مقاربات لا تخرج في محصلتها النهائية عن محاكاة المصلحة الاسرائيلية، وكلما حادت الحسابات كانت تعيد ربطها بالعامل الإسرائيلي كموجّه لسياستها، وتعاملت مع كل التطورات وفق هذا المنهج، بل غالت في تقمّصه علناً، بما في ذلك حوارها مع الروس حول المؤتمر الدولي.‏
فلا اشتراطات المعارضة وتنظيماتها الإرهابية لها معنى، ولا مماحكات البريطانيين والفرنسيين لها أي دور، ولا هرطقات السعوديين تفيد في شيء، دون قراءة الإحداثيات بناء على المعطى الإسرائيلي، الذي يتحرك وفق نمطية مصالحه.‏
فالإسرائيلي المهموم هذه الأيام بتدوير الزوايا لن يخلي الملعب الإقليمي، ولن يسحب أصابعه المزروعة أصالة أو وكالة قبل أن ينجز التصفيات النهائية للقضية الفلسطينية، وقد أعطته الأعراب وعدها بالتنازل عبر تعديل المبادرة العربية لتكون على مقاس الطلبات الإسرائيلية، في رحلة حجيجها الأخيرة إلى البيت الأبيض.‏
وفيما كيري يشارك الإسرائيلي انشغاله، تتولى أدواته في المنطقة تقطيع الوقت لمصلحة ترتيب الأوراق وتهيئة المناخ لعقد الصفقة الأخيرة في مسلسل الاجهاز على القضية الفلسطينية، حيث بات شيوخ الفتنة مهمومون بفتاوى جهادهم في سورية، والآخرون مشغولون بهموم مسلحيهم، ووجد فيه السعودي فرصته السانحة ليعيد حضوره وصدارته وعهود مودته مع الإسرائيلي والأميركي على حد سواء، خصوصاً أن منافسه القطري ينشغل هذه الأيام بترتيب بيته الداخلي، فيما التركي غارق حتى أذنيه بما استجدّ على ساحة صراعه مع شعبه.‏
من هنا لا نعتقد أن السعودية -كما هي التنظيمات المسلحة وأبواقها في الخارج- أكثر من نتوءات مستجدة أوعزت إليها الإدارة الأميركية مهمة عرقلة الجهود الدولية، وبالتالي فإن الاعوجاج الصارخ في مواقفها جماعات وفرادى.. دولاً وأطرافاً وتنظيمات، من القاعدة مروراً بالنصرة.. وصولاً إلى كل أخواتها وبنات كارها، لا تشكل في نهاية المطاف إلا جزءاً من تركيبة الأداء الأميركي المتعرج الذي يعمل على ملء الفراغات في الوقت الضائع بانتظار أن تنهي إسرائيل ما عجزت عنه على مدى أكثر من خمسة وستين عاماً، ومشاريعها جاهزة ومعدة من الاستيطان إلى الترحيل القسري وتهديد عشرات القرى الفلسطينية بمحوها من الخارطة ويتولى كيري مهمة تسويق المخارج النهائية في جولة مكوكية تتحرك وفق رغبات الإسرائيلي.‏

حينها لا حاجة للسعودي كي يصعد، ولا للإرهابي ليزيد حضوره، بل ربما حشدت أميركا طاقاتها للتخلص ليس منه فحسب، بل من كثير من أدواتها التي أرهقتها في المرحلة الماضية، بما في ذلك عائلة آل سعود التي استنفدت أغراض وجودها في التاريخ العربي عبر لعبة المقامرة السياسية مع الصهيونية على مدى العقود الماضية، حيث لا تنفع حينها كل المحاولات حتى لو نسخت توقيتها على الإيقاع الإسرائيلي.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق