بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

الفخ المنصوب للمصريين - صلاح عز

صلاح عز
في بدايات حرب البوسنة‏1992,‏ أرسلت الأمم المتحدة قوة حماية دولية لحماية المسلمين المدنيين من ميليشيات الصرب‏.‏



غير أن الجنود الدوليين كانوا يرون المجازر ترتكب أمامهم ولا يحركون ساكنا بدعوي الحياد, إلي أن تفاقمت الأمور إلي أكبر مجزرة في أوروبا منذ الحرب العالمية, والتي جرت في بلدة سربرنيتسا البوسنية( يوليو1995). واليوم بينما نتابع في مصر الموقف السلبي لوزارة الداخلية من الذين يقتحمون مؤسسات الدولة ويحتلون مكاتب وزرائها( وكأنهم فوق القانون), ومن إعلانها إلتزام الحياد يوم30 يونيو, لا يملك المرء إلا أن يتساءل هل ستتطور الأمور عندنا إلي سربرنيتسا مصرية.
لقد تحول نادي القضاة إلي جناح سياسي للقضاء يمارس السياسة بكل أريحية, دون أي اعتراض من المجلس الأعلي للقضاء, حتي اشتهرت قياداته وتحولت إلي نجوم فضائية. ثم ظهر أخيرا نادي الشرطة في القالب نفسه, أي جناح سياسي للشرطة, حيث أكد بيانه الأخير علي الحيادية وعدم تأمين أي منشآت حزبية في أحداث30 يونيو المرتقبة, وذلك علي الرغم من أن مقار( الحرية والعدالة) تـستهدف بالحرق والتخريب في جميع المظاهرات السلمية وأن عدم تأمين الشرطة لها يعني مسئوليتها عن أي ضحايا يسقطون نتيجة هجمات الميليشيات العلمانية عليها.
بالنسبة لتحالف الثورة المضادة وميليشياته, فإن30 يونيو هو بداية المعركة الأكبر لإعادة اغتصاب حكم مصر.. معركة بذل من أجلها جهودا وأموالا غير مسبوقة منذ خلع مبارك. وما أتوقعه, بناء علي ما يردده ويتوعد به رموز هذا التحالف في صحفهم وفضائياتهم, هو أنهم سيلجأون إلي كل وسيلة ممكنة لإسقاط الدولة وإنجاز الانقلاب علي الرئيس. ومن أجل ذلك لابد من تهييج الرأي العام إلي الدرجة التي لا تترك أمام الجيش مفرا من النزول والاشتباك مع الاسلاميين. وهذا بدوره يتطلب.. أولا سفك دماء المصريين بغزارة.. وثانيا تخريب مرافق البنية التحتية مثل محطات توليد الكهرباء وتنقية المياه.. وثالثا اقتحام واحتلال مزيد من مؤسسات الدولة ومنع العمل فيها بالقوة.. ورابعا تحميل الرئيس و(الإخوان), وبالمرة( حماس) مسئولية هذا الدم وذاك التخريب. بتعبير آخر, فإن تحالف الثورة المضادة, الذي تعتبر كنوز إسرائيل الكامنة في مصر أحد أهم عناصره, حيجيب من الآخرب في المعركة المرتـقبة, مع تأجيل الاغتيالات السياسية إلي مرحلة قادمة حسب الضرورة. إن معركة إغتصاب مصر من شعبها, كبيرة بكبر حجم ومكانة هذا البلد الذي يراد له أن يبقي خاضعا ذليلا, وذلك بوأد ديمقراطيته التي لا نهضة ولا قيام بدونها. ولهذا كان منطقيا أن تطالب قيادات الجبهة بضرورة المصالحة مع النظام البائد من أجل التمكن من الانقلاب علي النظام المنتخب. بل وصل الحد في الاستخفاف بعقول المصريين الي درجة إجراء حوار صحفي يبرز الرئيس المخلوع في ثوب البطل المظلوم الذي ضحي من اجل شعبه.
السؤال إذن هو كيف نجهض هذا المخطط الشيطاني؟
علي كل إسلامي أن ينتبه للفخ الذي يستدرج إليه الانقلابيون في وسائط الإعلام, حيث يستفز بألفاظ مليئة بالتحدي حتي يضمنوا وجودا إسلاميا كثيفا في الشوارع الميادين. وهناك ستكون فرق القتل والقنص في الانتظار كما فعلوا في ديسمبر الماضي عندما اصطادوا شباب( الإخوان) أمام قصر الرئاسة. وبعد أن تفرغ فرق القتل من مهمتها, ستتـقدم فرق التدليس في وسائط الإعلام للصراخ والولولة واللطم, واستغلال هذه الدماء لتهييج الرأي العام علي الرئيس وتحريض الجيش علي النزول. أما إذا انتبه الإسلاميون للفخ المنصوب, وتحصنوا داخل مقار أحزابهم ومنازلهم يدافعون عنها, فإن فرق القتل ستلجأ إلي إزهاق أرواح الشباب المضلل الذي غسلت وسائط الإعلام عقله علي مدي عامين ونصف بالأكاذيب, ولم تتوقف عن شيطنة الإخوان إلي درجة إخراجهم من مصريتهم وانتمائهم, حتي زرعت كراهيتهم في العقول.. هذا الشباب الذي حرضه علي النزول واستدرجه إلي الفخ, القيادات إياها الذين سنراهم في استوديوهات مدينة الانتاج, يحرضون علي العنف وينفخون في ناره ويتاجرون بالدماء المراقة. ومنذ خلع مبارك وأنا أحذر( الإخوان) من مخطط شيطنة الإعلام لهم, ومن خطورة عدم مقاومته. غير أنهم لم يهتموا وتصوروا أن شعبيتهم في الشارع لن تتأثر مهما فعل الإعلام, متجاهلين أن( الزن علي الأذن أمر من السحر).
علي الإسلاميين إذن أن يحرصوا علي ألا تستغل دماؤهم, وأن يعلنوها واضحة أنهم غير مشاركين في30 يونيو, وأنهم غير مسئولين عن شارات( الإخوان) و(حماس) و(الجماعة الإسلامية) التي قرأنا أن فرق القتل تعدها لتلبيس الإسلاميين تهمة الدم المسفوك والمرافق المخربة. أما الشباب والفتيات المضللون الذين سيتظاهرون, فهم ضحية لإجرام وسائط الإعلام المسموم, ولسذاجة( الإخوان) وسلبية قياداتهم, وعليهم أن يعلموا.. أولا أن الدم المصري هو المطلوب بغض النظر عن صاحبه.. ثانيا أن دفاعنا عن الشرعية لا علاقة له بمرسي, الذي ارتكب أخطاء فادحة قد تكفي لعدم إعادة انتخابه. وإنما هي قضية شعب يجب أن تـحترم إرادته, لا أن يلقي بها في القمامة كما جري مع أصواته التي جاءت بالبرلمان المغدور. القضية قضية ديمقراطية يعتقد البعض أنها لعبة يمكن أن يتسلي بها فقط إذا أعجبته, أو علكة يمكن أن يبصقها إذا لم يستحسن طعمها.. ثالثا أن الذين يحرضونهم علي النزول هم من جاءوا بمرسي كمرشح للرئاسة عندما تآمروا علي برلمان الثورة ولم يتركوا مجلسا منتخبا إلا وتآمروا عليه وسعوا إلي حله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق