بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يونيو 2013

حكومة تصريف الأعمال.. أضمن من «الأمر الواقع» - داوود رمال - لبنان


ثمة انفراج ملحوظ في العلاقة بين «قوى 8 آذار» ورئاسة الجمهورية، في أعقاب جفاء ساد قضيتي الطعن بالتمديد النيابي والمذكرتين الرئاسيتين الى الأمم المتحدة والجامعة العربية. هذا الانفراج ترجم بارتفاع وتيرة التواصل والتنسيق بين الرئاستين الاولى والثانية وبإشارات إيجابية متبادلة بين «حزب الله» ورئاسة الجمهورية يفترض ان يترجم كيفية التعامل مع ملف التأليف الحكومي، فضلا عن قضية التمديد لقادة المؤسسات الأمنية، عبر تفاهمات تفضي الى نتائج إيجابية،
خاصة في الملف الحكومي.
وبرغم عدم بروز مؤشرات واضحة حتى الآن على صعيد التأليف، إلا ان مصدرا مواكبا يتحدث عن «وجود اتجاهات عدة تتحكم بمسار تأليف الحكومة.. وكل احتمال مرهون نجاحه بعوامل موضوعية اذا  تحققت يصبح أمرا قائما بذاته >> . 
ويقول المصدر «البعض من قوى 14 آذار، يعتبر أنه لا بد من أخذ شيء ما، إما بالسياسة أو بالأمن، بعد أن دانت هذه القوى ظاهرة الشيخ أحمد الأسير وما أقدم عليه من اعتداء إرهابي ضد الجيش اللبناني (بعضهم وصف هذه الظاهرة بأنها إجرامية)، ولذلك نجدهم يقولون نحن ضد الأسير ولكن يجب النظر الى سبب نشوء هذه الحالة، ويردون السبب الى إحداث توازن في موضوع امتلاك ترسانة سلاح لدى حزب الله».
يضيف «هناك من يرى (في قوى 14 آذار) صعوبة في تحقيق مكسب بالبعد الامني مثل إجبار حزب الله على الانسحاب من القصير وبالتالي من الأراضي السورية، أو تقديم تنازل أساسي في موضوع انتشار سلاحه في مواقع لبنانية معينة، لأنه متمسك بكل ما يعتبرها مستلزمات مواجهة اسرائيل التي لا تستثني في عدوانها منطقة لبنانية، كما ان سلاح الحزب مستند الى البيان الوزاري الذي ما زال قائما (المعادلة الثلاثية)، وحتى يصبح هناك بيان وزاري جديد حينها ينظر بالأمر استنادا اليه، ولكنْ اليوم، هناك بيان وزاري يقول بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ويشرعن سلاح حزب الله، وبالتالي لا يمكن المقارنة بين الامرين، لذلك يذهب أصحاب هذا الرأي الى حد القول ما دمنا لا نستطيع ان نأخذ بالامن.. فلنأحذ بالسياسة، عبر تسهيل ولادة حكومة الرئيس تمام سلام، استنادا الى ما سبق وأعلنه سلام من انه في حال استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة.. أقدم استقالتي، وبالتالي ما هو المطلوب منه أكثر من ضمانة استقالة رئيس الحكومة نفسه؟».
ما يقصده أصحاب هذا الرأي أن المطلوب من «فريق 8 آذار» بعد أحداث صيدا هو التخلي عن فكرة «الثلث المعطل».. والمضي في خيار التأليف وفق المعادلة التي أرساها تمام سلام بعد تكريس التمديد (حكومة من ثلاث ثمانيات).
ويتابع المصدر «هناك تيار ثان (في 14 آذار) يدعو الى إسراع سلام في تقديم تشكيلته الحكومية، يقابله تيار ثالث يسأل هل بالامكان ان نقرر خياراً كهذا من دون الوقوف على حقيقة الجو الاقليمي، فلننتظر ما يمكن أن يستجد على صعيد العلاقات الايرانية - السعودية، بعد انتخاب الشيخ حسن روحاني، ولنؤجل حسم الملف الحكومي ريثما يتبين ان هناك حلحلة ايرانية - سعودية، وبالتالي يجب عدم ربط الامور بحادثة مثل صيدا وغيرها في الوقت التي يبدو لبنان محاصرا بتطورات اقليمية كبيرة جدا، فالمنطق يقول بأن الوضع الاقليمي لم يستوِ لكي نقوم الآن بشيء ما في اتجاه معين، كما علينا ألا نتصور ان الجو السعودي الراهن باتجاه التهدئة، خصوصا بعد تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الأخير».
أصحاب هذا الرأي يرددون «لننتظر قليلا الى حين جلاء صورة العلاقة الايرانية - الأميركية وبالتالي الايرانية السعودية، والأرجح في اتجاه ايجابي، واذا تبين العكس، نحسم أمرنا ونشمّر عن سواعدنا ونقول فليكن التحدي.. وهذه حكومتنا التي نريد ونقطة على السطر».
يرى المصدر انه في مقابل طرح «قوى 14 آذار»، ينبري طرح مضاد، خاصة بعد أحداث القصير وصيدا، وما كان يمكن أن يقبل به «حزب الله» بعيد تأليف تمام سلام مباشرة، صار اليوم من الماضي، بمعنى أنه ليس صحيحا انه غداة الانتهاء من ظاهرة الاسير، سيتنازل حزب الله، بل على العكس قد يتصلّب أكثر، ولذلك فإن الضبابية تلف موضوع الحكومة».

ماذا عن التوقعات؟

التوقع الأول يشير الى وجود ميل شخصي لدى الرئيس المكلف لتقديم تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن، لكن اذا قاربنا الأمر ربطا بالجو الاقليمي الذي لن تنجلي معالمه في القريب العاجل، فإن التريث هو سمة المرحلة.
التوقع الثاني يرتبط بإقدام سلام على رفع تشكيلة ما الى رئاسة الجمهورية، ويصبح السؤال: كيف سيتصرف ميشال سليمان وهل يوقّع التشكيلة ام لا؟
حسب اوساط رئاسة الجمهورية «فإن الرئيس ميشال سليمان أعلن بوضوح لا يحتمل التأويل انه يريد حكومة تحظى بالاكثرية في مجلس النواب عند مثولها لنيل ثقة المجلس (النصف زائدا واحدا على الأقل)، أما اذا لم تنل الاكثرية، فإنها تصبح حكومة تصريف أعمال.. انما الى متى؟ هناك استشارات جديدة وهناك رئيس مكلف جديد قد لا يكون هو نفسه رئيس حكومة تصريف الاعمال، بما يعني اننا ندخل في دوامة معقدة، كما ان حكومة تصريف الأعمال الجديدة لا يمكنها ان تجتمع في حالات الضرورة القصوى لأنها لم تنل ثقة البرلمان، بينما بإمكان الحكومة الحالية ذلك، علما أن ثمة ارتياحا دوليا واضحا لأداء ميقاتي طوال المرحلة الماضية».
وتضيف الأوساط الرئاسية ان «رئيس الجمهورية أبلغ الرئيس المكلف انه يريد تسهيل مهمته، ولكنه لم يحسم أمره حول ما اذا كان سيوقع أو لا يوقع مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، ومن غير المعلوم ما اذا كان توصل الى تكوين قناعة نهائية حول هذا الموضوع وهو المعروف عنه انه يحتفظ بذلك لنفسه».
وفي السياق ذاته، فإن المصدر المواكب يقول «إذا وقّع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة، فهل يحصل توتر أمني أم لا، فإذا اعتبرت غير مقبولة من مكونات أساسية، فكيف سيترجم الرفض، وهل تنال الحكومة الثقة أم لا؟ وإذا لم تنل الثقة (تردد «قوى 8 آذار» ان التسلم والتسليم يحصل بعد نيل الحكومة الثقة وليس بمجرد التأليف).. يعني الخوض في استشارات جديدة والدخول في دوامة جديدة، وكل ذلك يتزامن مع اقتراب موعد الخامس والعشرين من أيار 2014 أي الاستحقاق الرئاسي.. لذلك للموضوع الحكومي أبعاد متنوعة لا يمكن القفز فوقها بعد الآن».
ويكشف المصدر ان «الدول الاجنبية، ولا سيما السفراء الغربيين المعتمدين في لبنان، لم نسمع من أي منهم شروطا لتأليف الحكومة، ولم نسمع من أي منهم رفضهم لمشاركة حزب الله في الحكومة، فكل ما يقولونه هو وجوب تشكيل حكومة قوية وقادرة في أقرب وقت، صحيح لم يستخدموا تعبير حكومة وحدة وطنية إلا انه يعود لنا تقدير ماذا يعنون بحكومة قوية وقادرة، وباللغة الديبلوماسية تعني حكومة وحدة وطنية، أما الموقف الوحيد غير الواضح، فهو الموقف الخليجي وتحديدا الدول المؤثرة في الملف اللبناني راهنا، فهي لم تتحدث مباشرة عن رفضها مشاركة حزب الله في الحكومة لكن من الواضح انها تربط مشاركة الحزب بالحكومة بانسحابه من مدينة القصير السورية».
ويخلص المصدر للقول انه «لا يمكن تأليف حكومة من دون موافقة حزب الله ان لم نقل مشاركته، لذلك الدور الاساسي والاكبر هو لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب لبذل مساع تؤدي الى تحقيق تقدم يفضي الى ولادة الحكومة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق