بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

◘ الموقف المصري من غزة… المشكلة ام الحل؟

اقترب عدد ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة من مائتي شهيد ونحو الف وثلاثمائة جريح في ظل قصف هستيري اصبح يفتقد لاي منطق سوى الانتقام، وحالة من الانسداد السياسي تجاه البحث عن تسوية. ولا يشعر كثيرون بالتفاؤل
بشأن نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة التيطالما اكتفت بـ «مطالبة المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية»، وصيغة انشائية مكررة للادانة والشجب، مع الاعلان عن مساعدات انسانية واقتصادية قد لايصل منها في النهاية الا النزر اليسير. 

الا ان ثمة اتفاقا ضمنيا على ان الحقائق التاريخية والجيوسياسية تجعل الدور المصري اساسيا بالنسبة الى كل ما يتعلق بقطاع غزة، وليس انهاء هذا العدوان الاسرائيلي الحالي استثناء، ما يجعل تأمل معطيات الموقف الحالي للقاهرة ضروريا في البحث عن التسوية المأمولة.
وقد أبدت الحكومة المصرية تحفظا واضحا منذ بدء العدوان عن لعب دورها المعتاد في الوساطة، واكتفت بنقل الرسائل، وهو ما اثار انزعاجا عند المقاومة الفلسطينية اولا ثم في اسرائيل التي سرعان ما اكتشفت في الايام الاولى انها بحاجة ماسة الى مساعدة القاهرة للخروج من هذا المأزق.
اما السبب الغني عن البيان فهو ان حركة حماس اصبحت للمرة الاولى في هكذا ظروف متهمة عند الرأي العام المحتقن، وامام القضاء بالتدخل الامني والسياسي في شؤون مصر، هو ما تنكره الحركة، لكنه ادى الى قطيعة سياسية من الجانب المصري، وتوترغير مسبوق في العلاقات. وعندما تدخلت القاهرة اخيرا اصطدمت وساطتها بـ «تعنت من الجانبين» حسب وصف بيان غير موفق من الرئاسة المصرية قبل يومين. الا ان المقاومة وتحديدا حركة حماس ابقت الباب مفتوحا للتطبيع مع القاهرة، مكتفية بمطالبتها بفتح دائم للمعبر في حين كالت الانتقادات القاسية للسلطة والرئيس محمود عباس.
وقامت السلطات المصرية بفتح المعبر جزئيا امام المصابين والمساعدات الانسانية، الا ان هذا لم يمنع من تزايد الضغوط الاخلاقية والسياسية عليها لايجاد تسوية تنهي هذه المأساة الانسانية. ومن الواضح ان المقاومة الفلسطينية تجد صعوبة كبيرة في قبول صيغة «تهدئة مقابل تهدئة» بعد العدد الكبير من الضحايا، الى جانب ان الاوضاع السابقة للعدوان غير قابلة للاستمرار اصلا، وخاصة بعد منع تحويل الرواتب في ظل تشديد الحصار مع تدمير الانفاق واستمرار اغلاق المعابر. 
وهنا يكمن اصل المشكلة، وبالتالي مفتاح الحل. بل انه اذا كانت لصواريخ المقاومة الموجهة الى اسرائيل من رسالة سياسية فهي في الحقيقة موجهة الى مصر، وجوهرها هو الضغط باتجاه فتح المعبر وعدم معاقبة الشعب الفلسطيني في غزة بسبب الخلاف مع حركة حماس. وهو ما تدركه القاهرة وتسعى لتطويعه لشروطها. وبكلمات اخرى فان التسوية الممكنة ليست ثنائية، بل يمكن فقط ان تكون ثلاثية بمشاركة مصرية تضمن انهاء الحصار.
وفي الحقيقة لم يعد هناك من مبرر لاستمرار اغلاق المعبر اذ ان الموقف المصري كان دائما يتلخص في ضرورة ان تتولى السلطة الفلسطينية المنتخبة في رام الله المسؤولية عن عمل المعبر. اما وقد تشكلت حكومة «التوافق»، واصبح القطاع نظريا خاضعا لحكم السلطة الفلسطينية، لايجب ان يكون هناك اي تأخير في فتح المعبر بشكل نظامي مع تطبيق كامل للقوانين ذات الشأن التي توفر الضمانات الامنية للجانبين، خاصة في ظل الهجمات التي تستهدف العسكريين بل والمدنيين المصريين في الشريط الممتد من القطاع، وهو ما تستخدمه بعض الدوائر في مصر لاغلاق المعبر على اعتبار انها غير قادرة على ضمان امن المسافرين في تلك المنطقة.
اما العودة الى الاوضاع السابقة فلن تكون الا قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه الجميع في اي وقت، بل قد لا يكون من المبالغة القول انه لولا تشديد الحصار على غزة، والتعقيدات السياسية والامنية مع الحكومة المصرية، لما وصلت الامور الى هذا الحد من المأساوية.
ومن حق الحكومة المصرية ان تغضب كما تشاء او تفرض ما تراه مناسبا من اجراءات او عقوبات على حماس بسبب ما تعتبره اخطاء او خطايا، لكن عليها ان تفصل بين الحركة ونحو مليوني فلسطيني يعيشون في سجن كبير اسمه غزة، ولا ذنب لهم في الخلاف السياسي بين الجانبين. وعلى الرغم من اختلاف المعطيات، فان للحكومة المصرية ان تتعلم من نظام الرئيس الاسبق حسني مبارك الذي لم يكن يخفي عداءه لحماس لكنه فتح المعبر بشكل دائم ابان العدوان الاسرائيلي في العام 2008.
اما عربيا فمن المشين ان يستغل البعض الظروف الحالية لتصفية الحسابات السياسية، متجاهلين دماء الاطفال والنساء والشيوخ التي تنادي الجميع من اجل التوحد وراء دعم صمود هذا الشعب المبتلي بالحصار وبالقصف وايضا ببعض القيادات التي فشلت في الارتقاء الى مستوى تضحياته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق