بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 يوليو 2014

القضية الفلسطينية والحرب الموجهة على قطاع غزة د. يوسف نور عوض

على الرغم من أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني استقطب اهتمام الجماهير العربية بأسرها فإن الإهتمام الرسمي ما زال بطيئا في تحركه ولا يتوافق مع مستوى الأوضاع التي أوجدتها إسرائيل في قطاع غزة.

لقد ظلت إسرائيل تؤكد أن عدوانها على القطاع موجه نحو حركة حماس، وتبرر ذلك بسيل الصواريخ التي تطلقها حماس على إسرائيل، وحتى لوصدقنا هذا الزعم فهل سكان قطاع غزة جميعهم من حركة حماس ؟ لقد شاهدنا على شاشات النلفزيون صور المباني المدمرة وصور الأطفال الجرحى الذين يصرخون وينادون آباءهم دون أن يعلموا أن آباءهم استشهدوا في قصف يتتافى مع كل القيم الإنسانية.
نحن لا ننكر أن سياسات إسرائيل قد أوجدت حركة المقاومة في قطاع غزة ضدها، ولكن المقاومة لا تقتصر على القطاع فحسب إذ هي موجودة في كل الأراضي الفلسطينية، ولا تطلب المقاومة أكثر من أن يكون هناك حل عادل للقضية الفلسطينية وذلك ما ترفضه إسرائيل، وتؤيدها في ذلك كثير من الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا اللتين اتصل رئيساهما برئيس وزراء إسرائيل «بنيامين نتنياهو: ليعبرا له عن تضامنهما مع الشعب الإسرائيلي، وذلك بكل تأكيد أمر مخجل في هذه الظروف، وإذا فهمنا أن الدول الغربية أيدت قيام دولة إسرائيل عندما كانت تريد أن تقيم وطنا لليهود، وإذا فهمنا أنها دعمت إسرائيل بالقوة اللازمة للمحافظة على وجودها فلا نستطيع أن نفهم دعم العالم الغربي للكيان الصهيوني لمجرد أن يرتكب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
نحن لا نشك في أن هناك مقاومة ضد إسرائيل، ولكن مواجهة مثل هذه المقاومة لا يتم بالعنف الذي شهدناه في قطاع غزة بل يتم بالاستجابة للمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني واستنادا على ذلك فنحن نقدر موقف حركة حماس من المبادرة المصرية، ذلك أنه في الوقت الذي قبلت فيه إسرائيل وقف أعمال العنف الذي أيدته في هذه المرحلة الولايات المتحدة، فإن حركة حماس رفضت كل ما اشتملت عليه المبادرة، وقالت بعد إطلاقها أكثر من ألف صاروخ على إسرائيل إن وقف إطلاق النار من جانبها لا يتم إلا بعد التوصل إلى اتفاقية شاملة وكان تحرك القاهرة قد جاء. بعد تحذير واشنطن لإسرائيل من القيام بهجوم أرضي شامل على قطاع غزة.كما دعت واشنطن حماس إلى وقف هجماتها الصاروخية.
وقال الرئيس «باراك أوباما» إنه سعيد لأن مصر قامت بهذه المبادرة، واصفا أعداد القتلى من الجانب الفلسطيني بانها تمثل مأساة إنسانية، وعلى الرغم من ذلك أعرب الرئيس الأمريكي عن الموقف التقليدي لبلاده في تأييد الكيان الصهيوني في ما سماه حماية إسرائيل لمواطنيها
وكانت إسرائيل قد بدأت حملتها العسكرية في فجر الثامن من الشهر الجاري بقصف عنيف على قطاع غزة، وجاء الرد من حركة حماس التي استهدفت بصواريخها المطورة وسط وشمال إسرائيل، وذلك ما أزعج الكيان الصهيوني من القوة المطورة لحركة حماس. 
ولم تقتصر الصواريخ الموجهة تجاه إسرائيل على قطاع غزة وحده، إذ جاءتها صواريخ أيضا من سوريا ولبنان، وذلك ما أحدث قلقا في داخل إسرائيل. 
وفي الوقت ذاته ضرب ميناء إيلات بصواريخ موجهة من سيناء وقع اثنان منها في داخل المدينة وسبب أحدهما دمارا أقرت إسرائيل به، بينما زعمت أن الصاروخ الآخر وقع في فضاء واسع. 
من جانب آخر رحب وزراء الخارجية العرب بالمبادرة المصرية لوقف اطلاق النار وعلى الرغم من موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر على تلك المبادرة، فإن كتائب القسام التي تمثل الجناح العسكري لحركة حماس اعتبرت المبادرة حركة ركوع وخنوع، وأما اسماعيل هنية فقال إن التهدئة لا تتم إلا إذا رفع الحصار وأوقفت الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
وقال بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية إن الأمر غير واضح الآن بشأن الموقف المصري، خاصة بعد قبول إسرائيل لمبادرة بلاده ورفضها من الجانب الفلسطيني، على الرغم من أن هذه المبادرة تحظى بدعم دولي من أجل تجنيب الفلسطينيين مخاطر هذه الحرب كما يقول.
ووفقا للمبادرة المصرية فإن مصر تطلب من الجانبين وقفا فوريا لاطلاق النار وأعمال العنف وتطلب من الطرفين الالتزام بما يلي:
أولا: أن توقف إسرائيل جميع عملياتها على قطاع غزة، وأن لا تقوم بأي اجتياح بري للقطاع.
ثانيا: تقوم جميع الفصائل القلسطينية في القطاع بوقف جميع العمليات العسكرية تجاه إسرائيل.
ثالثا: فتح جميع المعابر وتسهيل حركة المرور أمام الأشخاص والبضائع، وتأكيد الاستقرار الأمني.
رابعا: يتم بحث جميع القضايا المتبقية مع الطرفين.
لكن اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رفض أي تهدئة لا تتضمن وقف الاعتداءات على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، مؤكدا أن المشكلة الحالية لا تعتمد في حلها على التهدئة بل على رفع الحصار عن قطاع غزة.
ومهما كانت الجهود المبذولة لحل الصراع القائم في الوقت الحاضر بين حركة حماس وإسرائيل فإن معالجة هذه القضية لن تقنصر فقط على وقف العدائيات بل ستتجاوز ذلك إلى أصل المشكلة، ذلك أن وقف العدائيات لا يضمن عدم تكرارها في المستقبل، وليس هناك تحيز في القول إن هناك مشكلة شعب بأكمله يريد حلا لقضيته، إذ لا يمكن أن نرى الشعب الفلسطيني مبعدا عن أرضه، وبدلا من أن تقبل إسرائيل حل الدولتين الذي هو أقرب طريق لحل المشكلة الفلسطينية نرى أنها تواصل العدوان على الشعب الفلسطيني وتسعى لإقامة المزيد من المستوطنات من أجل مزيد من الاحتلال لأراضي الشعب الفلسطيني. 
ويبدو واضحا في ضوء ما ذهبنا إليه أن المشكلة القائمة في قطاع غزة في الوقت الحاضر ليست مشكلة بين إسرائيل وحركة حماس، بل هي مشكلة في جوهرها بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، والمؤسف هو أن المجتمع الدولي لا يريد أن يدرك أن للفلسطينيين حقوقا يجب أن تصان، كما أن الشعوب العربية قد رفعت يدها عن هذه القضية ولم تعد تبدي من القوة ما تستطيع أن تحقق به حلا عادلا للقضية الفلسطينية، وكما قال أحد المعلقين فإن الحكومات العربية لا تستطيع حتى الآن أن ترى حجم التغيرات الحاصلة في عالم اليوم، وهي تغيرات ستمسها إذا لم تحسن من مستوى أدائها، ويبدأ هذا التحسن بمعرفة حقائق العالم الذي نعيش وكيفية التعامل معها.

٭ كاتب من السودان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق