بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

تسويق لفكرة «العدو المشترك» خطر «داعش» على الأردن يؤرق إسرائيل

جنود أردنيون يتنقلون عبر آليات عسكرية في منطقة الرويشد قرب الحدود العراقية في 23 حزيران الماضي (رويترز)خلال وقت قصير نسبيا، وبعد نجاحات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» في العراق، احتل هذا التنظيم مكانة مميزة في الحديث السياسي الإسرائيلي. و«داعش» لم يعد اسماً لحركة تقاتل حركات أخرى أو أنظمة في سوريا والعراق، وإنما بات دلالة
للخطر الآتي من الشمال والشرق. وهو في نظر العديد من الساسة والخبراء في إسرائيل أقرب ما يكون إلى «سرب جراد» يأكل في طريقه الأخضر واليابس وأنه سوف يصل إلى إسرائيل بشكل أو بآخر. وحول ذلك، يدور سجال في إسرائيل لم يعد مقتصرا على الأكاديميين، بل انخرط فيه الساسة بشدة كبيرة، خصوصا أن الأمر يتعلق أيضا بما يعتبرونه خطرا على الأردن من العراق وسوريا.
وكان الملك الأردني عبد الله الثاني دعا المجتمع الدولي أمس، إلى الاستمرار في دعم بلاده كي تتمكن من مواجهة التحديات التي تحيط بالمنطقة، بحسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني. وقال البيان إنّ الملك عبد الله أكد، خلال استقباله في عمان وفدا برلمانيا يابانيا، «على قدرة الأردن على التعامل مع مختلف التحديات والتطورات في المنطقة، ليبقى واحة أمن واستقرار»، مشدداً على «ضرورة استمرار المجتمع الدولي في دعم المملكة لتمكينها من التعامل مع هذه التحديات».
وليس صدفة الآن أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طالب بالبدء فورا بإنشاء جدار أمني على طول الحدود مع الأردن. كما ليست صدفة أن يبدأ نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان وخبراء وسياسيون وأمنيون بالتشديد على مصلحة إسرائيل في استقرار الأردن وعلى استعدادات للمساعدة في كل الظروف.
وأكد نتنياهو جدية نواياه في الإسراع ببناء الجدار الشرقي لإسرائيل بعدما أتم «مجلس الأمن القومي» الدراسات بهذا الشأن. ومن المقرر أن يشرع نتنياهو في عقد جلسات نقاش في الأسابيع القريبة لتحديد موعد بدء البناء حتى قبل التعرف على مصادر تمويل هذا الجدار. وبرغم أن نتنياهو يتحدث عن إنشاء الجدار الشرقي منذ سنوات، إلا أنه كان يؤجل في كل مرة البدء في الإنشاءات لأسباب مختلفة. غير أنّه مع تزايد الحديث عن خطر «داعش» واحتمالات تضعضع الأمن على الحدود مع الأردن، صار نتنياهو يتحدث عن الموضوع بشكل أشد إلحاحا. وقد عبر عن ذلك صراحة ليلة أمس الأول في «مركز دراسات الأمن القومي» في «جامعة تل أبيب» حين قال إنّ «التحدي الأول هو حماية حدودنا. فقوى الإسلام المتطرف تطرق أبوابنا في الشمال والجنوب. وفي كل هذه الحدود أنشأنا عوائق برية تمنع التسلل إلى دولة إسرائيل، ما عدا في قاطع واحد. والأمر الأول الواجب علينا فعله هو بناء الجدار الأمني في الشرق».
ولم يترك نتنياهو مجالا للشك حول مــكان البناء إذ «ينبــغي أن نبنيه بالتدريج من إيلات وحتى الجدار الذي أقمناه في العاميــن الأخيرين في هضبة الجولان. وأنا أطلب منكم محاولة تخيل ما كان سيحــدث في سيناء لولا إنشــائنا الجــدار الأمني على الحدود المصرية الإسرائيلية، وبات واضحا الآن لماذا أصر أنا على بقاء حدودنا الشرقية الأمنية على طول نهر الأردن».
وتجدر الإشارة إلى أن نتنياهو يتحدث عن جدار أمني بطول أربعمئة كيلومتر وهو يعتبر ذلك «مهمة وطنية» من الدرجة الأولى.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت إلى وجود تنسيق بين إسرائيل والأردن في كل ما يتعلق بالخطر الأصولي في سوريا والعراق وأن هذا التنسيق تعاظم في أعقاب نجاحات «داعش». ونقل موقع «يديعوت» الالكتروني عن مصدر أمني أردني قوله «يوجد تعاون جيد بيننا وبينها حول ترسخ داعش في العراق وسوريا، وأيضا على خلفية جهات راديكالية أخرى في الشرق الأوسط تقع إسرائيل والأردن ضمن استهدافاتها». وأكد المصدر الأردني أنّ التعاون الأمني بين إسرائيل والأردن يستمر ويتعمق وأن «التطورات في الجانب الآخر من الحدود ليست جلية تماما، لكن الجيش الأردني يتخذ كل التدابير لوأد كل خطر قد يأتي من تلك المنطقة».
أما موقع «دايلي بيست» الإخباري الأميركي فكان قد أشار إلى أن الأردنيين يخططون لمطالبة كل من إسرائيل والولايات المتحدة بتقديم العون في حال تعرض المملكة لهجمات من «داعش»، وأنّ إسرائيل قد تنجر إلى محاربة «داعش». ونقل الموقع عن سيناتور أميركي قوله إنّ «قلقنا هو من أن لا ينجح الأردن بقواه في صد هجوم سني في هذه المرحلة»، مبديا تقديره بأن القيادة الأردنية «ستطلب من إسرائيل والولايات المتحدة كل مساعدة يستطيعان تقديمها».
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في مقابلة مع الصحافيين أثناء زيارته إلى ألمانيا أنه في ضوء تعاظم خطر تنظيم «داعش» على حدود الأردن، فإنّ «استقرار الأردن يشكل مصلحة قومية إسرائيلية وأن إسرائيل ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على هذا الاستقرار». وشدد ليبرمان على أن استقرار الأردن «حيوي لدولة إسرائيل. ومن دون الدخول في التفاصيل، نحن سنبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على استقرار المملكة الأردنية».
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد دعا إلى اعتبار «داعش» عدوا مشتركا «لنا وللعرب». وقال بيريز في مقابلة مع «هافينغتون بوست»، في نهاية الأسبوع الماضي، إنّ إسرائيل لم تعد الخطر الأول في نظر العرب ولكنهم «الآن ملزمون بالإقرار أن المشكلة الحقيقية لنا وللعرب ليست قلة الثقة وإنما الإرهاب حقا، وهو الخطر المشترك علينا وعليهم». واعتبر أنّ «السلام» يمكن أن يشكل ثمرة لوجود العدو المشترك الواجب التعاون ضده «عبر مصالح مشتركة بتأسيس غرفة عمليات بين إسرائيل والدول العربية لمكافحة نشطاء الإرهاب، لأنهم يدمرون العالم العربي».
وشدد بيريز على أن مكافحة تنظيم «داعش» الذي حقق في الأسابيع الأخيرة «تقدما مخيفا في العراق وسوريا وربما يهدد الأردن» أمر مهم للجميع. وقال بعدما أشار إلى «حماس» أيضاً، إنه «علينا محاربتهم في كل زاوية، والبحث عنهم في كل مكان يتواجدون فيه وفعل ما بوسعنا لمنعهم من قتل الناس». ولم يجب بيريز على سؤال حول مدى استعداد إسرائيل للمجازفة بأرواح مواطنيها من أجل الدفاع عن الأردن ضد «داعش»، لكنه قال «نحن لا نعرض للخطر حياة واحد من أجل الآخر. نحن نحاول حماية كلينا، لأن لنا عدوا مشتركا». 
حلمي موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق