تفصلنا أيام قليلة عن الامتحان الحقيقي لمصر, وخيارها بين الدولة الحديثة القوية القادرة, او تلك الفاشلة أسيرة الارهابيين الذين لم يخفوا هويتهم الدموية يوما, بين الانتماء الى الوطن او الغرق في ظلامية جماعة التجهيل والعنف والقتل.
الاستفتاء على الدستور المصري الجديد ليس مجرد مناسبة عابرة, إنه دليل الاثبات على شفاء أرض الكنانة, من فيروس جماعة "الاخوان" الارهابية, لذلك فان الشعب المصري الذي خرج بالملايين في الثلاثين من يونيو الماضي الى الشوارع والميادين لاستئصال هذا الفيروس من جسم الدولة, عليه ان يشارك بكثافة في هذا الاستفتاء استكمالا لثورة 30 يونيو.
حين خرج نحو 40 مليونا الى الشوارع والميادين لاسقاط حكم المرشد, كانوا يخلصون بلدهم من لوثة الاقصاء والعزل, وهدم المعبد على من فيه. هؤلاء خرجوا لانقاذ مصر , ودول"مجلس التعاون" والعالم العربي, بل لا نبالغ في القول, لانقاذ العالم الاسلامي من سرطان جماعة ولدت من رحمها كل عصابات التطرف, بدءا من "القاعدة" وانتهاء بـ"داعش" وغيرها التي تعمل على تشويه وجه الاسلام الحقيقي.
نعم, العالم كله ينظر الى مصر الثائرة, ان تثبت حضارية ثورتها باختيارها ممارسة تكون خلاصة حضارة سبعة آلاف عام, لم تكن طوال التاريخ مجرد شواهد وأهرامات جامدة, بل كانت حياة يومية يعيشها المصري المطالب اليوم ان يثبت انتماءه الى تلك الارض والحضارة, بعبوره الى فضاء الدولة الحديثة.
مصر اليوم في مرحلة نقاهة, فإما أن تتغلب على المرض أو تستسلم لليأس, في ظل هجمة ميكروب الارهاب, فتضاف الى سلسلة الدول العربية الفاشلة, وتتحول يمناً ابتلي بـ"القاعدة" والجماعات الارهابية الاخرى, أو عراقا تضربه عواصف الخروج على الدولة, او لبناناً تتجول فيه المجازر المفخخة, او صومالا يحكمه سكنة الكهوف.
مصر في الاستفتاء على الدستور الجديد إما تثبت الانتماء الى حركة التنوير الازهرية المستمرة منذ أكثر من ألف عام, او تختار ثقافة تورا بورا وقندهار الطالبانية.
لكل هذا, في الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الجاري, لن يقول المصريون نعم أو لا لهذا الحاكم او ذاك, إنما سيختارون بين العودة لفعلهم الحضاري او ظلامية التطرف التي رأينا كيف بدأت تبث الرعب في نفوس الابرياء فور خروجها من السلطة, فأدخلت ثقافة السيارات المفخخة الى أرض مصر.
هذا الشعب العظيم الذي أثلج صدورنا في دول "مجلس التعاون" حين أسقط حكم الجماعة الارهابية, عليه ان يستكمل رحلة الشفاء, وأن يعيد مصر الى حقيقتها الاسلامية الوسطية المعتدلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق