
إنه ما يعرف في عالم التسويق بالـ«Repositioning» أو إعادة النموذج والتمركز لأسباب أن «السوق والزبون» تغيرا ولا بد من مراعاة الظروف المسببة لذلك، وهذا يعني أننا على موعد جديد مع إعادة إحياء للبعث، ولكن بشكل جديد يتناسب مع المرحلة، فهو يصور نفسه أنه «المقاوم للمؤامرة والاحتلال»، وأنه «آخر راية للعرب»، وغير ذلك من الهراء والدجل الكبيرين، حتى الأحزاب السياسية، كما المنتجات الاستهلاكية والتجارية، بحاجة لإعادة تقييم لنفسها في السوق، وهي «موجة ستطال» أكثر من اسم معروف في العوالم السياسية بالعالم العربي اليوم.
فحزب الله (الذي فقد بوصلته تماما فأصبح ميليشيات للإيجار السياسي، بدلا من حزب سياسي) اليوم، ومع الخطابات المتكررة لزعيمه حسن نصر الله، يحاول ذات اليمين وذات الشمال إقناع جمهوره لا مواطني بلاده ولا العرب، الذين كانوا ذات يوم مبهورين بخطابه «المقاوم» فلم يروا الحقيقة التي كشفت لهم اليوم، وتبين أن واقع الأمر هو أن حزب الله في حقيقته تحول إلى إحدى أدوات الدفاع عن نظام الأسد فقط، وذلك ضمن المشروع الإيراني للمنطقة، ولا يوجد أحد فيه عقل لديه أي قناعة بأن حزب الله دخل بميليشياته للدفاع عن اللبنانيين هناك، أو المقامات الدينية، أو غير ذلك من التفاسير «المؤقتة»، التي كان يدلي بها حسن نصر الله في خطاباته السياسية المختلفة، وهو الذي وصل به للزعامة السياسية في لبنان، وأصبح هناك من يتودد للتحالف معه حتى ولو كان ضد قناعاته المبادئية، وأصبح يؤثر على اختيار رئيس الجمهورية، ويشكل الحكومة نفسها، ولكن الحزب سقط سقوطا مدويا من جراء دخوله «الطائفي» للقتال في سوريا، وهو لا بد أن يعيد النظر اليوم في قراره، ويجري البحث داخل أروقة الحزب للخروج «المشرف» من سوريا بأقل قدر من الخسائر، وتفسير وشرح ذلك إعلاميا للجمهور العريض و«إفهامه» أن الخروج من سوريا ليس بالخسارة أو التراجع (على عكس إصرار زعيم الحزب حسن نصر الله بأن دخول حزب الله لسوريا جاء متأخرا، وهو التصريح الذي استفز الكثيرين) إلا أن هناك بعض القيادات في الحزب ترى ضرورة حتمية للخروج من سوريا للإقلال من فداحة الخسارة السياسية، التي ستصيب الحزب وخصوصا أن هناك استحقاقا رئاسيا، ومن بعده تشكيل حكومي جديد منتظر كما هي العادة.
وبالتالي سيكون على الحزب إعادة «موضعة» نفسه على الساحة، لأنه حتما لم يعد مقاوما لإسرائيل، بل هو، في أفضل وصف له، مجرد أداة تحمي نظام الأسد وعنصر في التركيبة السياسية اللبنانية، ولذلك عليه إيجاد «هوية» جديدة تليق بوضعه السياسي الحقيقي الواقعي اليوم.
وكذلك الأمر سيكون بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، بعد زلزال ثورة 30 يونيو (حزيران) في مصر، وانتهاء حكم محمد مرسي والتصنيفات التي تلاحقت من أكثر من بلد حول العالم بتصنيفهم كجماعة إرهابية، والتحقيق في هويتهم وعلاقتهم مع الفرق السياسية المختلفة حول العالم، هم أيضا قد يتبعون النموذج التركي الذي أعاد «هندسة» نفسه ليخرج بشكل أكثر قبولا بعيدا عن الفكر المتشدد للجماعة نفسها. كما في السوق والمنتجات الموجودة بها، كذلك الأمر بالنسبة للأحزاب السياسية وأتباعها، الكل يسعى لمخاطبة الزبون وكسب رضاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق