بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 أبريل 2014

فلول الفلول -فجر يعقوب

في خطوة لم تكن مفاجئة لمتتبعي هذه الظواهر أعلنت صاحبة فضائية «فلول» الراقصة سما المصري أنها ستبيع محطتها وترتدي الحجاب بعدما تلقت تهديدات بالقتل من سلفيين وأعضاء في تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر.
خطوة سما المصري التي ستتبعها خطوات في هذا المضمار توحي بـ «توبتها»، لا
تعكس تراجعاً من أي نوع، فلم تكن مسؤولة عن فن رفيع يمكن الاعتداد به أو الدفاع عنه من باب حرية الرأي. ولم تكن فضائية «فلول» توحي بأنها مشغولة بتفنيد مشروع «الإخوان» وتفكيكه. بالتأكيد ليست هذه وظيفة سما المصري، ولا يمكن مجرد التفكير بذلك. الاسكتشات الراقصة التي ألفت خصيصاً لها كانت تطاول ساخرة رموز هذا التنظيم، وبعض الشخصيات العربية التي تقف وراءهم كانت تزيد في صب الزيت على النار طالما أن البيئة الحاضنة لهذا المشروع خصبة، ولا توحي بتراجع من أي نوع أمام اشتداد الضربات عليه، ومحاصرته وخلع رموزه والزج بهم في السجون بانتظار محاكمتهم.
مشكلة سما المصري ليست في نوعية الفضائية التي أطلقتها تحت هذا المسمى. يمكن القول إن مشكلتها الرئيسة تكمن في عدم فهمها موازين الصراع الآيلة إلى التشدد على كل الجبهات بانتظار حسم قد لا يأتي نظراً لنوعية المتصارعين ونوعية الأفكار التي يؤمنون بها ويدافعون عنها.
لم تكن سما المصري مدركة لمصطلح «الفلول» الذي تسيّد أصلاً بعد خلع الرئيس حسني مبارك، وصار يطلق على كل من كان يدين بالولاء للنظام السابق. لم يشرح أحد لها من الذين يقفون وراءها معنى المصطلح سياسياً وما هي مآلاته بعد «الخضّات» الهائلة التي تجري في «أم الدنيا» اليوم بانتظار حسم مؤجل.
الآن يقف وراء قرار سما المصري من سمح بتمويل فضائيتها وأفسح المجال لها لتعبر الفضاء العربي من دون الاكتراث بميثاق البث الفضائي العربي الذي يمنع من حيث المبدأ النزول إلى هذا المستوى، فلم يكن ينقص العالم العربي بثاً راقصاً بهذا المستوى ليكتشف المرء نوع الانفصام التاريخي الذي يمكن أن يتربى عليه في اللحظة التي ستستسلم فيها، لأنها أدركت أن المكان لم يعد يتسع لها أو لخطواتها المرتبكة التي لم تنتم يوماً إلى عالم الرقص المعروف.
قد لا تحتاج فضائية «فلول» إلى نعي بعد استسلام صاحبتها. لم تكن لتورث المشاهد العربي سوى لعنات الانفصام التي لا يحتاج إليها أحد في سياق هذه الانقلابات التاريخية التي تمر بها المنطقة، لكنها ستضيف إلى مشجب الفلول عنواناً آخر يمكن التعليق عليه بالقول: نعم هي فلول الفلول التي تُترك للاضمحلال الاستراتيجي الذي يبنى عليه اليوم العالم الجديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق