بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

اختلالات في قطاع الطاقة اللبناني - عدنان الشهال

يُفاجَأ اللبنانيون الجالسون على الجمر بانتظار البدء باستغلال الثروة النفطية والغازية المتوقعة تحت قاع البحر أمام شواطئ بلدهم بتأجيل تلو تأجيل لموعد استقبال عروض شركات البترول المؤهلة للبدء بالتنقيب عن الثروة.
في 2006 وقع لبنان مع قبرص اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بينهما. وبقي هذا الاتفاق في الأدراج، ثم تبين بعد سنوات أنه يشتمل على بعض الأخطاء. وكان بالإمكان التفاوض مع قبرص لتصحيح الأخطاء وهي خارج المياه القبرصية لاستعادة حق لبنان بالمياه الإقليمية. وإذ بقي المشروع في الأدراج كان ينبغي إحالته على مجلس النواب لمناقشته.
وفي هذه الأثناء وعندما وجدت قبرص أن اتفاقها مع لبنان لم يحظَ بمصادقة مجلس النواب لبت دعوة إسرائيل لعقد اتفاق لترسيم الحدود بينهما، كان من تداعياته سيطرة إسرائيل على 850 كيلومتراً مربعاً إضافية من المياه وأصبحت هناك مشكلة لبنانية، واستعادة لبنان حقوقه رهن بحل هذا الإشكال.
ومع ذلك بادر وزير الطاقة السابق جبران باسيل إلى وضع قانون جديد للنفط مستمد من النظام النرويجي. ونص القانون على إنشاء هيئة لإدارة قطاع النفط وعُيِّن ستة أعضاء يمثلون الطوائف الست اللبنانية ورُبِطت الهيئة مباشرة بالوزير بينما مثيلتها في النرويج هيئة مستقلة وعملها دائم وليس لعدد من السنوات بينما حُددت للهيئة اللبنانية فترة ست سنوات.
وهنا يبدو أن باسيل تولى عملاً تنفيذياً ولا يمكن بالتالي اعتبار أعضاء إدارة قطاع النفط رؤساء وحدات تنفيذية بأوامر تصدر عن الوزير. فماذا يحدث لهؤلاء الأعضاء عند انتهاء ولايتهم بعد ست سنوات؟ إذا لم يُمدَّد لهم سيأتي أعضاء آخرون ليبدأوا من جديد. فأين تبدأ الاستمرارية في تحمل المسؤوليات؟ هذا عمل غير دستوري وغير مؤسساتي. ولماذا لم يُعتمَد النمط المتبع في البلدان العربية الشقيقة المنتجة للنفط، وذلك بإنشاء مؤسسة عامة للنفط على غرار المؤسسات العربية؟
حالياً يوجـــد قانون للنفط أعد الوزير الراحل غسان تويني بموجبه ملفاً كامــلاً للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية صيف 1975 عند إعلان الهدنة الأولى في الحرب اللبنانية، واستعان بخبير مصري في العقود النفطية. وفي 5 آب (أغسطس) وجه دعوة إلى 60 شركة عالمية، وردت إجـــابات 10 شركات منها تعرب عن اهتماماتها بالأمر ولكنها في حاجة لمزيد من الدرس ربما لعدم استقرار الوضع الأمني في لبنان آنذاك.
ويُذكَر أنه لا يدير قطاع النفط أفراد مهما بلغت درجات علمهم وثقافتهم. والواقع أن من يدير قطاع النفط مؤسسة عامة تضم عشرات الاختصاصيين من مهندسين وخبراء اقتصاديين يؤلفون وحدة متماسكة تستمر وتتطور مع تطور الأهداف والمهمات.
اللبنانيون يعانون الطائفية فإذا بنا أمام مؤسسة لإدارة أهم قطاع اقتصادي حيوي هيكلتها طائفية. ويبدو أن باسيل وضع العربة قبل الحصان، ومع أنه بذل جهداً كبيراً، فالأمور بخواتيمها. وآخر مشروع قدمه باسيل إلى مجلس النواب هو مشروع قانون ينص على إنشاء خط أنابيب للغاز يبدأ من دير عمار شمالاً وينتهي جنوباً في مدينة صور ويمر في عمق البحر متجاوزاً العاصمة بيروت وضواحيها، ولكن قطره مبالغ به وهو 36 أنشاً، فيما يغيب ذكر حجم تدفق الغاز.
من الأمور اللافتة أن من وضع المشروع اختلط عليه الأمر بالنسبة إلى الغاز الطبيعي LNG وبين الغاز المنزلي LPG المنتج في المصفاة والمؤلف من نوعين من الغاز: غاز البوتان بنسبة 75 في المئة وغاز البروبان بنسبة 25 في المئة. وتُرجِمت عبارة الغاز المنزلي بعبارة City GAZ بدلاً من LPG.
ويلحظ المشروع إمكانية استخدام القطاع الخاص الذي يتداول الغاز المنزلي LPG لأنبوب الغاز المخصص للغاز الطبيعي LNG علماً أن اختلاط النوعين داخل الأنبوب يُفقد الغاز المنزلي مواصفاته ويصبح بالتالي جزءاًَ من الغاز الطبيعي. فلقطاع الغاز المنزلي خصوصية وهو يُستخدَم معبأً في قوارير معدنية أو يُوزَّع مباشرة إلى الفنادق والمطاعم بواسطة شاحنات خاصة.
أخيراً لا بد من الاعتراف بأن خط أنابيب الغاز الطبيعي لتزويد معامل توليد الكهرباء أمر على درجة من الأهمية الاقتصادية ولكنه يحتاج إلى تعديلات جذرية، خصوصاً بتفادي المرور عبر البحر وليكون انتهاؤه عند الزهراني قريباً من محطة توليد الكهرباء.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق