بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أبريل 2014

◘ تقويم المنجز... ومحاسبة المقصر - عبدالله بن ربيعان

و سألت أي مواطن سعودي عن الفارق في حياته اقتصادياً بين اليوم (الجمعة) 4 نيسان (أبريل) 2014 ومثيله من العام الماضي، لما وجدت عنده إجابة، ولو سألته عن فارق هذه الجمعة ومثيلتها من العام قبل الماضي أو الذي قبله، لربما ما استطاع أن يجيبك بسهولة، فالأمور تبدو متشابهة إلى حد التطابق.وهذا يطرح التساؤل: هل يُعقل أن تقر
وصرف ثلاث وأربع وخمس موازنات تريليونية ولا يشعر المواطن بالفرق؟ وهل نحن بلد بلا إنجاز؟

الإجابة بالتأكيد هي لا، فهناك منجزات جيدة، وهناك مشاريع تنموية نثرت هنا وهناك، وهناك توظيف، وهناك نمو اقتصادي، وهناك أرقام تقول وتقول وتقول، ولكن لماذا لا يشعر بها المواطن؟
الإجابة باختصار شديد يمكن إجمالها في النقاط الآتية:
أولاً: المشكلات المزمنة لم تُحل، فالمواطن الذي لا يتملك سكناً قبل أربعة أعوام ما زال يدفع الإيجار إلى اليوم، والعاطل ما زال يتصارع مع وزارة العمل للقبول بوظيفة صورية تعطيه الفتات، والفقير لم يتحسن وضعه كثيراً كذلك، وإذا ما أخذنا في الاعتبار ارتفاع الإيجار وتكاليف المعيشة وعدم الحل الجذري السريع، فسنصل حتماً إلى ما يجعل المواطن لا يرى فرقاً في وضعه بين عام وآخر.
ثانياً: الإنفاق الحكومي الضخم على البنية التحتية لا يمر عبر جيب المواطن ولا يراه، فالعقود الضخمة توقع مع فئة قليلة من التجار الذين يوظفون عمالة أجنبية، كما أن تأخر المشاريع وتعثرها يؤخر فرص خلق الوظائف والمتاجرة المرتبطة بتشغيلها، وهذا يعني ضمناً أن المواطن الفرد - وهم الغالبية - لم ينتفع من عقود المشاريع ابتداء، ولم ينتفع من تشغيلها لتأخرها وتعثر بعضها انتهاء.
ثالثاً: ليس هناك تحسن يذكر في الخدمات المقدمة للمواطن، وخصوصاً في مجالي التعليم والصحة، وما زال المواطن يشعر بالقلق مع بداية كل عام دراسي لتوفير مصاريف الدراسة الخاصة لأبنائه، وإن مرض أحدهم فالسرير في مستشفيات الحكومة غير متوافر، والبديل أن يدفع للمستشفيات الخاصة عداً ونقداً، وهذا السبب هو ما يجعل المواطن الفرد تحت القلق المستمر نتيجة دفعة المستمر لهذه الخدمات.
رابعاً: طغيان بعض المشكلات والمآسي التي مرت بالاقتصاد على الذاكرة الشعبية، ففيضان جدة وتعطل القطارات الجديدة وحقن طفلة بالأيدز وسقوط كباري وجسور بعد هطول أمطار متوسطة مآسٍ يختفي معها الإنجاز مهما كان جيداً، فكيف والإنجاز قليل؟ وهل يعتقد الوزير الذي يصرح - بعد سقوط الكباري - بأيام بأن طرقنا تبنى بمواصفات عالمية أن الناس ستصدقه! بالتأكيد لا، فحادثة مأسوية واحدة تطغى وتبقى في الذاكرة أكثر من أية إيجابيات تأتي ببطء.
خامساً: الرأي العام لم يعد يعبأ بما تقوله وسائل الإعلام التقليدية، بل أصبح يقوده «تويتر» وكاميرا «يوتيوب»، وهي وسائل تسجل وتذكر ما تراه بالثانية والدقيقة، كما أنها كأية وسائل إعلام حرة تركز على الخلل والقصور، وتنتقد بصراحة وشفافية، وهو ما يجب أن يعيه بعض المسؤولين ممن لا يزالون يعيشون في عصر الإعلام التقليدي، وعبارات أفعل التفضيل المرتبطة بتغطياتها، فالخطاب الإعلامي لبعض المسؤولين حالياً مستفز أكثر مما هو مطمئن للمواطن، ويجب أن يتغير الخطاب الإعلامي ليواكب مستجدات العصر والتقنية.
سادساً وأخيراً: الناس أصبحت تسافر كثيراً، وترى منجزات الغير ومشاريعهم، لتبدأ المقارنة مع ما عندنا، وتسمع كثيراً، لماذا في دبي؟ ولماذا في سنغافورة؟ ولماذا ولماذا؟ وهي تساؤلات مشروعة توجب فتح الملفات عن سبب تأخرنا عن دول بدأت تنميتها بعدنا بكثير.
ختاماً، نحن بلد كبير ومستقر وجاهز لتحقيق الكثير، ومن هنا يجب أن نبدأ، ولذا فنحن بحاجة إلى جرد سنوي لما تحقق وكيف تحقق وبأي ثمن، ثم نحتاج إلى محاسبة المقصر وفصله ومعاقبته، فلا يعقل أن تمر الطفرة الكبرى في اقتصادنا، وتنتهي من دون تحقيق ما نهدف إليه، ولا يقبل التقصير ولا التبرير ولا تبادل كرة الاتهامات بين المسؤولين، لتأتي الطفرة وتذهب ونحن ندور في فلك المشكلات نفسها.

* أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق