بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 أبريل 2014

المجتمع الدولي يدير ظهره لسوريا -عبدالحكيم صلاح

ما يجري للشعب السوري من جرائم إبادة مروعة, ومن قتل متواصل وبأسلحة الإبادة الجماعية, وعبر الآلة العسكرية السورية, والإيرانية, وجهود المرتزقة, والعصابات الطائفية هوأمر خارج نطاق أي فهم, أو تصور, أو آلية, سياسية وعسكرية .ما حدث ويحدث في سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام دموية هو بمثابة مخطط دولي
لتدمير سوريا حجرا على حجر وإفناء الشعب, بات هو خيار السلطة المفضل الذي يتفرج العالم بأسره على سيناريوهاته التدميرية من دون أن يحرك ساكنا, أويتصرف وفقا لموجبات حالة التدهور الإنساني المريعة هناك التي جعلت من جريمة استخدام السلاح الكيماوي مجرد “اختلاف في وجهات النظر” حتى عجزت كل وسائل الرقابة الدولية والأميركية تحديدا عن رصد, وتحديد من يستعمل ذلك السلاح النظام , أم المعارضة التي تقاتله ؟
لقد تحركت الآلة الإعلامية للقوى الغربية,  لجريمة حلبجة الكردية عام 1988 التي حدثت ضمن صراع عسكري شرس بين نظامين وجيشين لدولتين كانتا في حالة حرب بما فيها من احتلال أراضي, وإسقاط أنظمة, وتم بسهولة تحديد المعتدي وهو النظام العراقي رغم علامات الاستفهام وألغاز سياسية وعسكرية أخرى! لكن في الحالة السورية عجز العالم بأسره عن تحديد هوية المعتدي والمرتكب للجريمة, وتفرج العالم على جريمة الغوطتين في العام الماضي, والتي تتكرر اليوم بوسائل وأساليب محدودة في حرستا, وأماكن أخرى, وبتقنين واضح وتغطية إعلامية من دون أن تتمكن وسائل الرصد الفضائية لقوى الغرب من توجيه الاتهام بشكل صريح للنظام السوري الذي يسلم بعضا من سلاحه للتدمير فيما يستعمل الفائض منه, أوالمخبوء, للاستهلاك ضد شعبه غير آبه بالنتائج التدميرية الرهيبة, بل مستمر في جرائمه في غياب العقاب الرادع.
بكل تأكيد  المعارضون السوريون لايرغبون, ولا يسعون أبدا إلى استجلاب قوات احتلال أجنبية تطيح بالنظام, كما حصل في الحالة العراقية السابقة, المعارضة العراقية  في معظمها كانت قوى طائفية تعمل بأمر ولمصالح النظام الإيراني, وانتهت فاعليتها مع نهاية الحرب العراقية, الإيرانية عام 1988, وتشتت بالكامل, وانتهى أمرها كزمر من اللاجئين.
المعارضة السورية ليست كذلك, بل أنها استطاعت قلب الطاولة على رأس النظام وحشرته في مقتل, وسددت له طعنات مميتة مما أثار أعصاب, وتوجسات ومخاوف قوى الغرب لكونها معارضة ليست تابعة له, ولم تخرج من رحمه, وهي ليست مسيطرا عليها بدرجة كافية تتيح لقوى الغرب توجيهها , بل كانت ظاهرة بطولية عظيمة فاجأت الشرق والغرب, والنظام ذاته الذي وصل إلى حدود الانهيار والتلاشي, لولا تدخل الحليف الإيراني الذي جعل مسألة إسقاط النظام السوري بمثابة ملف مصيري استراتيجي إيراني مرتبط بأمن ومستقبل النظام في طهران, التقط الغرب الرسالة والفرصة ليجعل من الشعب السوري أداة وضحية في ملف إدارة الصراع الإقليمي, ومن أجل استنزاف النظام الإيراني, عسكريا, وسياسيا, ومعنوياً, وجره إلى المستنقع السوري عبر توسيع تدخله هناك, وتوسيع إطار الحرب لتشمل استدراج العصابات الطائفية العراقية واللبنانية, وحتى اليمنية, للتورط في أوحال تلك الحرب, ومن ثم التفرج على الأطراف المتحاربة “فخار يكسر بعضه”! فيما تحرك الغرب بشكل إنساني محدود عبر توفير اللجوء لبعض السوريين, والمساهمة في تدمير سورية من الداخل, وغض البصر بالكامل عن كل جرائم النظام, وانتهاكاته للقانون الدولي, ولمبادئ وشرعة حقوق الإنسان!
لم يتحرك “الناتو” أبدا كما فعل في ليبيا, وساهم بشكل مركزي في إسقاط القذافي وتسليمه للثوار في يومه الأخير في خريف عام 2011 , ولم يفعل الغرب بنظام دمشق وعصابته كما فعل بصدام  بل لم يتخل عنه بالكامل كما فعل مع حسني مبارك, وزين العابدين التونسي, بل ظل حبل المودة وذلك الخيط الرفيع من التواصل قائما عبر استمرار الاعتراف الديبلوماسي بنظامه, ودعوته لمسلسل مؤتمرات جنيف والمضيعة للوقت والدماء!
العالم بأسره لا زال يتفرج على مصارع السوريين ومن أجل استنزاف الإيرانيين, وتحويل الشام مقبرة لإيران, وحزب حسن نصر الله, وطائفيي العراق ,  سوريا تشهد مذبحة مروعة للعدالة الدولية المنافقة, ولم يعد مقبولا أبدا استمرار هذا الوضع…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق