بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 4 أبريل 2014

النداء الاخير من فلسطين… هل من مجيب؟


هددت اسرائيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بـ’دفع ثمن باهظ’ اثر قيامه بخطوة مفاجئة امس الاول الثلاثاء حين سلم ممثلا للأمم المتحدة ودبلوماسيين آخرين طلبات للانضمام إلى 15 معاهدة دولية من بينها معاهدات جنيف، وهي نص أساسي في القانون الدولي فيما يتعلق بإدارة الحرب والاحتلال. ومن شأنها أن تعزز وضع الفلسطينيين في
مواجهة اسرائيل على الساحة الدولية، بعد ان رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الوفاء بتعهده بالافراج عن مئة اسير فلسطيني ضمن عملية المفاوضات، واشترط موافقة عباس على استمرار التفاوض بعد المدة المقررة ان ينتهي فيها في وقت لاحق من هذا الشهر.
وأعرب ياسر عبد ربه نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عن ‘تزايد الشعور بخيبة الأمل لعدم التزام إسرائيل بتعهدها’. وقال ‘إن المحادثات التي بدأت منذ ثمانية أشهر أصبحت مجرد تفاوض حول التفاوض’.
فهل هناك ‘ثمن باهظ’ لم يدفعه الفلسطينيون بعد؟ وهل كان للمفاوضات التي بدأت في مؤتمر مدريد ثم اوسلو ثم القاهرة ثم ‘وايت ريفر’ ثم ‘كامب ديفيد’،… الى اخره، طوال نحو ربع قرن هدف آخر سوى اضاعة الوقت ومن ثم اضاعة القضـــية والوطـــن؟ وهل حــافظت اسرائيل على اي من تعهداتها في ما اسفرت اي منها عن اتفاقات.
والم يحن الوقت ليضع الرئيس الفلسطيني نهاية لهذه المأساة او الملهاة المسماة بالمفاوضات، ويركز جهده على استعادة الوحدة الوطنية التي هي الاساس الحقيقي، والبداية الحتمية لاستعادة الكرامة وانهاء الاحتلال.
لم يعد هناك مجال للمماحكات الدبلوماسية او الاجراءات الوهمية. فالشعب الفلسطيني الذي يعاني الذل ويواجه الموت يوميا امام الحواجز والمعابر والمشافي والمدارس والمساجد والكنائس، لن يرتعد من تهديدات اسرائيل اليائسة، ولن يرضى باقل من ان يستخدم عباس التوقيع على تلك المعاهدات للعمل جديا على نزع شرعية اسرائيل في المؤسسات الدولية. خاصة ان مسؤولا اسرائيليا سابقا وصف توقيع عباس على الاتفاقيات بأنه ‘مجرد إجراء رمزي’. وأشار إلى أنه لم يتقدم بطلب الانضمام لمنظمات دولية.
ان الانضمام الى المنظمات والمؤسسات الدولية، حق طبيعي انساني للشعب الفلسطيني، اسوة بباقي شعوب العالم، وليس منة من احد. بل انها لخطيئة ان الرئيس الفلسطيني جعله محلا للتفاوض او المساومة مع اسرائيل من البداية. المواثيق التي وقع عليها الرئيس عباس امس الاول لا ترتبط بوكالات الامم المتحدة، مما يشير الى تجنب او تأجيل السلطة الفلسطينية اغضاب امريكا التي هددت بالانسحاب من اي وكالة في الامم المتحدة تقبل عضوية دولة فلسطين.
بعد التعنت الاسرائيلي واعلان بناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات القدس، لم يعد هنال اي مبرر لعدم التوقيع على ميثاق الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، ليتبع ذلك مباشرة تقديم طلبات رسمية بفتح تحقيقات مع المسؤولين الاسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
بل لا يمكن الاكتفاء باللجوء الى المنظمات الدولية، حيث ان فشل خيار المفاوضات يلزم الرئيس الفلسطيني اما باعلان حالة المقاومة الشاملة للاحتلال الاسرائيلي باستخدام كافة الوسائل، وهو حق تكفله كافة المواثيق والاتفاقات الدولية التي وقع عليها، او ان يعلن حل السلطة الفلسطينية وتحميل اسرائيل اعباء الاحتلال.
اما اذا نفذت اسرائيل تهديداتها التي فسرت بامكانية ضم اراض من الضفة، فهي قد ترتكب خطأ تدفع هي بسببه ثمنا باهظا، حيث قد يتحول هكذا اجراء الى الشرارة التي طال انتظارها لتشعل هذا الوضع المحتقن، فتندلع الانتفاضة الثالثة. لقد اوصل التعنت الاسرائيلي حتى الوسيط الامريكي غير المحايد وغير النزيه الى اعلان يأسه، بعد ان مارس نتنياهو ما لا يمكن وصفه باقل من ‘البلطجة السياسية’ على واشنطن، عندما اشترط اطلاق سراح الجاسوس جوناثان بولارد مقابل الاسرى الفلسطينيين، وهو يعلم مدى صعوبة هذا الامر بالنسبة للمجتمع المخابراتي الامريكي. ان الرئيس الفلسطيني اليوم لهو اولى بالغضب من اي طرف اخر، وان العالم الحر بأسره مستعد للوقوف معه في المطالبة بالتخلص من اخر استعمار في تاريخ البشرية.
لقد حان الوقت ليدفن الساسة الفلسطينيون، دون استثناء، خلافاتهم وان يرتقوا الى مستوى تضحيات شعبهم ومعاناته بتحقيق مصالحة وطنية شاملة على اساس المقاومة لا اقتسام سلطة بلا سلطة، اما الدول العربية المنشغلة بحروبها وانقساماتها فلعلها تجد في دعم هذا الغضب الفلسطيني مظلة تجمع شتاتها، وتعيد اليها شيئا من المصالحة مع نفسها، ان ارادت ذلك حقا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق