بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أبريل 2014

◘ ارتباك غربي في مواجهة زعماء دول معادين لا يعبأون بالاقتصاد

بعد ربع قرن على إنهيار الإتحاد السوفيتي يُظهر حكام مثل فلاديمير بوتين وبشار الأسد أن بمقدورهم تحدي الأعراف الدولية وقمع المعارضة وإستخدام القوة العسكرية بينما يبدو صناع السياسات الأمريكيون عاجزين عن مواجهة التحدي.

وقال مايكل ماكفول السفير الأمريكي في موسكو ‘إنه سؤال فلسفي كبير يتعلق بكيفية
التعامل مع دولة قوية ذات ميول معادية للغرب وإستبدادية .. أقول في هذا الصدد إننا كدولة مرتبكون بعض الشيء’.
وبدعوى الرفض الشعبي لحروب العراق وأفغانستان يتبنى المسؤولون الأمريكيون العقوبات الإقتصادية كأداة ضغط رئيسية على الحكومات الأجنبية. ويقول الرئيس الأمريكي باراك اُوباما انه في إقتصاد القرن الحادي والعشرين شديد التشابك تصبح العقوبات الإقتصادية أمضى من أي وقت مضى.
وحذر اُوباما الاُسبوع الماضي من أنه إذا إستمرت روسيا على نهجها الحالي فإن ‘العزلة ستتعمق والعقوبات ستزيد وسيكون هناك مزيد من العواقب للإقتصاد الروسي’.
وقد تثبت الأيام أنه محق. فقد يسفر التلويح بالعقوبات الإقتصادية على مدى 2014 عن تراجع بوتين في القرم واُوكرانيا. وقد تؤدي العقوبات المفروضة على إيران – والتي خفضت مبيعات النفط وعزلتها عن النظام المصرفي العالمي – إلى إتفاق لوقف البرنامج النووي لطهران.
لكن إذا لم يحدث ذلك، فإن مقولة ميكافيلية ترجع للقرن السادس عشر ستتأكد من جديد: الطرف الأكثر إستعدادا لإستخدام القوة بشكل حاسم سيتفوق على خصمه المتردد.
وقال أندرو وايس، خبير الشؤون الروسية في مركز ‘كارنيغي’ للأبحاث والمسؤول السابق في إدارتي جورج بوش الأب وكلينتون ‘ما رأيناه في حالة الأسد وبوتين هو إستعداد لتجاهل الأعراف الدولية والمضي في سياسة إستخدام القوة بصرف النظر عن التكلفة .. وإذا لم يقف الغرب صفا واحدا وما لم تكن المصالح الأمريكية تواجه تحديدا فوريا فإن رد الفعل يكون واهنا’.
وبالفعل أصبحت كيفية الرد على هذه التحديات من قضايا الإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 2016. 
وعلى مدى أسابيع، منذ أرسل بوتين القوات الروسية إلى القرم، إنتقد الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ راند بول وتيد كروز وبول رايان رد فعل أوباما. لكن أيا منهم لم يطالب بتدخل أمريكي في اُوكرانيا.
وتقول فيونا هيل، خبيرة الشؤون الروسية في معهد ‘بروكنغز′ والمسؤولة السابقة في مجلس المخابرات الوطني الأمريكي، ان من يعتقدون أن إنهيار الإتحاد السوفييتي يدل على إنتصار الرأسمالية والديمقراطية الغربية يخدعون أنفسهم. فكثير من الروس مازالوا يكنون شكوكا عميقة إزاء المعايير الغربية.
وقالت ‘نخبة صغيرة جدا حول (الرئيس الروسي السابق بوريس) يلتسين هي التي كانت مقتنعة بذلك .. (غربيون) كثيرون رأوا ما أرادوا أن يكون وليس ما يحدث بالفعل’.
وأضافت هيل أن الأزمة المالية العالمية عززت بعد ذلك وجهة النظر السائدة في أجزاء من العالم بأن الديمقراطية الغربية تنهار سياسيا وإقتصاديا.
وقال شادي حميد، خبير الشرق الأوسط في مركز سابان التابع لمعهد بروكنغز، ان قرار أوباما عدم التدخل في سوريا بعد الهجوم الكيماوي في سبتمبر/أيلول الماضي خلق إنطباعا بأن أمريكا ضعيفة. وشجع ذلك قيادات مثل عبد الفتاح السيسي رجل الجيش القوي في مصر.
وقال حميد ‘يعتقدون أن بوسعهم الإفلات من العواقب أكثر من أي وقت مضى .. وهذا يرتبط بشعور متنام بضعف إدارة اُوباما بصرف النظر عن مدى حقيقة ذلك’.
لكن مسؤولي إدارة اُوباما ينفون ذلك، ويقولون إن تدخلا جديدا باهظ التكلفة في الشرق الأوسط كان سيتسبب في مزيد من الضعف للإقتصاد الأمريكي، ويرون أن القوة الإقتصادية والتقنية – لا القوة العسكرية المحضة – ستكون المصدر الرئيسي للنفوذ في العقود المقبلة.
ويقول ستيفن بايفر، السفير الأمريكي السابق في اُوكرانيا والزميل الحالي في معهد ‘بروكنغز′ ان تشابك العلاقات الإقتصادية سيؤثر على بوتين. ويضيف ان الزعيم الروسي يعلم حاجته إلى التجارة مع العالم الخارجي.
وكتب بايفر في رسالة بالبريد الإلكتروني ‘قد يستبعد الغرب الخيار العسكري .. لكن لديه أدوات أخرى منها العزلة السياسية والعقوبات الإقتصادية وهو ما قد يلحق أضرارا بالغة بالإقتصاد الروسي’.
ويقول وايس، خبير مركز ‘كارنيغي’ ان روسيا وسوريا وضعان مختلفان تماما. فروسيا أشد إرتباطا بالإقتصاد العالمي من سوريا، وبوتين ليس متهما بقتل الآلاف من شعبه والتسبب في نزوح الملايين كي يظل متشبثا بالسلطة.
لكن وايس أبدى تشككا في قدرة العقوبات الإقتصادية وحدها على وقف الزعيم الروسي. وقال إن بوتين ‘يفكر في تلك الأمور بدهاء كبير وبسلطوية خالصة’. وتساءل ‘ما ورقة الضغط التي نملكها ضد بوتين؟ لهذا السبب هناك حيرة بشأن ما ينبغي القيام به’.
وفي حالة إيران فإن قيام الإتحاد الأوروبي بفرض عقوبات إقتصادية كاسحة على طهران عادت بالسلب على أوروبا بدرجة أكبر من الولايات المتحدة. وقال إنه ما لم يتعمق التدخل العسكري الروسي في اُوكرانيا ‘فإن الأوروبيين غير مستعدين للذهاب إلى أبعد من ذلك.’ وتقارن هيل عالم اليوم بالقرن التاسع عشر عندما كانت التجارة ضخمة لكنها لم تمنع الصدام بين الدول.
وقالت ‘كان العالم شديد التشابك .. ولم يسفر ذلك عن أي نتائج سياسية أكبر. كان هناك الكثير من دبلوماسية استعراض القوة العسكرية’.
وهي ترى أن الاعتماد الإقتصادي المتبادل يسير في الاتجاهين. وتضيف ‘إنه اعتماد متبادل .. هناك أوراق ضغط متبادلة. يمكننا أن نستخدمها وهم أيضا بمقدورهم ذلك’.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق