بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 يونيو 2014

العراقيون وأسوأ خيار - جهاد الخازن

هل هي منافسة في سوء الحظ بين هذا الشعب العربي وذاك؟ إن كان هذا هو الأمر فالعراقيون هم «الفائزون» وخيارهم بين حكومة طائفية وتبعية لإيران، أو إرهاب مجرم فالت من كل عقال.
سورية تعدو عدواً نحو رقم المئتي ألف من ضحايا ثورة وحرب أهلية مدمِّرة. ليبيا تركها
القذافي وفيها مليون مسلح على صورته ومثاله في الإرهاب والحمق، وإلى درجة تصدير الموت إلى مالي غرباً وإلى مصر وسيناء شرقاً. مصر ابتُليَت بالإخوان المسلمين، فهم في الحكم لا يجيدونه وفي المعارضة لا يعرفون سوى الإرهاب. اليمن عالق بين سندان الحوثيين ومطرقة القاعدة في جزيرة العرب. السودان قُسِّم نصفين نتيجة لتطرف الحكم فيه ومن دون أن ينعم بالسلام.
كله خراب، غير أن أسوأ حظ اليوم هو من نصيب العراقيين وخيارهم بين حكومة سيئة وإرهاب أسوأ جداً.
اياد علاوي ومقتدى الصدر يمثلان شيعة العراق كما لا يمثلهم نوري المالكي. الإرهابيون في المقابل لا يمثلون شيئاً سوى الموت فهم بضاعة فاسدة مستوردة. وكان يُفتَرَض أن حكومة لها جيش قوامه 300 ألف رجل واحتياطي يبلغ حوالى نصف مليون أن تهزم إرهابيين لا يتجاوزون بضعة آلاف، إلا أن جنودها لم يحاربوا، وإنما فرَّ منهم مَنْ استطاع ليتركوا المواطنين الأبرياء لقمة سائغة للمجرمين.
انْسوا البوابة الشرقية وصدّام حسين والغزو الأميركي. العراق مهد الحضارة العالمية كلها هي بدأت في العراق قبل مصر، وسبقت بقرون الإغريق والرومان.
بلاد الرافدين ماء وخصب ثم نفط. العراقي عنده من الإمكانات ما يجعله أسعد أهل الأرض، إلا أنه أتعس الناس وأقلهم حظاً.
نسمع أن الحظ يتغير، وهو تغير فعلاً في العراق، ولكن نحو الأسوأ. كنت أعتقد أن صدام حسين أسوأ حاكم عربي، ثم جاء الاحتلال الأميركي ليزيد الوضع انهياراً وهو يقتل مليون عراقي لأسباب زوِّرَت عمداً، فلم تكن لصدام حسين علاقة بإرهاب 11/9/2001، أو بالقاعدة. وأصبح هناك حكم ديمقراطي وانتخابات، أو هكذا اعتقدنا إلا أن الديمقراطية على الطريقة العراقية أفرزت حكماً طائفياً قَبِلَ أن يجعل من العراق مستعمرة إيرانية.
الآن نسمع أن الأميركيين سيتدخلون، ولا أراهم سيفعلون، إلا إذا كان المقصود غارات طائرات بلا طيّار وأسلحة لقوات الحكومة. هم دمروا العراق عمداً وليس من مصلحتهم إصلاح ما خربوا. باراك أوباما يريد من العراقيين بدء إصلاحات ليساعدهم، يعني لو إنهم قادرون على الإصلاح هل كانوا يحتاجون إليه؟ ترجمة كلامه أن الولايات المتحدة لن تتدخل.
ثم نسمع أن إيران أرسلت قوات لدعم الحكومة. هل هي قادرة على أن تحارب في سورية ثم العراق، وهناك حصار وعقوبات أعتبرُها إرهاباً أميركياً ضد الشعب الإيراني؟
كأننا أمام هولاكو جديد وحكومة بغداد تُعزز الدفاعات في مواجهة تتر القرن الواحد والعشرين. ماذا سيبقى من بغداد بعد غزو همجي آخر؟ كيف ستدفع عاصمة الرشيد الثمن؟ الإرهابيون على أبواب بغداد، هل يقتلون أهلها كما فعل هولاكو سنة 1258؟ عيون المها بين الرصافة والجسر هل غادرت العراق؟ نازك الملائكة أغلقت عينيها قبل أن ترى الشياطين. هل تموت بغداد قبلي أو أموت قبلها؟
وجدت صدام حسين الرجل القوي في العراق ثم الرئيس فلم أزر بغداد. وأصرَّ الرئيس جلال طالباني، الذي لم أخاطبه يوماً بغير «مام جلال»، أن أعود معه إلى بغداد ورفضت أن أزورها والأميركيون فيها. وانسحب الأميركيون ومرض مام جلال ولا أزال أنتظر أن يعود العراق لأهله لأزوره.
أهرب من كوابيس اليقظة إلى الحلم. أرسم في الهواء وضعاً عربياً تقوده مصر وقد استردَّت عافيتها، وحولها مجموعة عربية حكيمة قادرة تصلِح ما خرب وتقود الأمة إلى برّ السلامة.
أجلس بانتظار فجر جديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق