بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 يونيو 2014

الاستيطان يعيق الوحدة الفلسطينية! - كلوفيس مقصود


إنّ ردة الفعل الإسرائيلية على المصالحة الفلسطينية، والتي هدّدت بزيادة المستوطنات، هي محاولة لعرقلة خطة الحكومة التوافقية الجديدة الهادفة إلى إرساء نفسها كدولة موحدة في ظل الاحتلال.
إنّ اللهجة الحادة التي ردّت بها الحكومة الإسرائيلية، وبالتحديد رئيس الوزراء، على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة، هي إشارة إلى أنّ إسرائيل ترى «استفزازًا» لها في كل محاولة جدية يقوم بها الفلسطينيون من أجل تأكيد حقوقهم. وهي تعتبر أنّ هذه الأعمال تبرّر استمرارها بسياسة الزحف الاستيطاني على نطاق أوسع حتى، وقد أعلنت بالتالي إسرائيل في الخامس من حزيران أنها ستبني 3,000 وحدة سكنية إضافية للمستوطنين رداً على إقامة حكومة الوحدة الفلسطينية.
وفي ردة فعل درامية، قال وزير الإسكان يوري أرييل للإذاعة الإسرائيلية «عندما يتم البصق في وجه إسرائيل، لا بد لها أن تفعل شيئًا حيال الأمر». ماذا يعني ذلك؟ أنّ أي خطوة متوقعة وطبيعية لتوحيد الشعب الفلسطيني وتسوية خلافاته الداخلية تعتبر إهانة لمخطط إسرائيل وأهدافها.
لقد أدرك كل من «فتح» و«حماس» أنّ اتحادهما ضروري للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة. لكن يبدو أنّ الانقسام داخل الأمة الفلسطينية سلاح في يد إسرائيل للاستمرار في ضم الأراضي تدريجيًا والتوسع الاستيطاني. يُعتبَر إذًا كل من المصالحة الفلسطينية، والحكومة التي انبثقت عنها، «استفزازًا» بدلاً من أن تشكلا عاملاً يسهل عملية السلام لقيام دولتي إسرائيل وفلسطين المستقلتين.
جاءت ردة الفعل الإسرائيلية كمحاولة لمعاقبة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وللإنذار بتوسع استيطاني إضافي فوري.
تثبت هذه المحاولة الفظة الهادفة إلى عرقلة الوحدة الوطنية الفلسطينية أمرًا واحدًا وهو أنّ، باستثناء أصحاب الضمير في إسرائيل، رئاسة «حزب الليكود» لا تنوي إجراء أي مفاوضات جدية مع الشعب الفلسطيني وممثليهم الشرعيين، وأنّ الاستمرار بالإشارة إلى «حماس» كـ«منظمة إرهابية» هو خطة إسرائيل الوحيدة لإفشال أي خطوات جدية نحو حل عادل للنزاع.
لا تنسوا أنّ إسرائيل لم تعترف يومًا بأنها قوة احتلال ملزَمة باتفاقية جنيف الرابعة. ويفسر ذلك حريتها في الترخيص لبناء مستوطنات متى رأت ذلك مناسبًا. وإنّ هذه العقلية، التي أدت إلى ردة الفعل الإسرائيلية الحادة على قيام الحكومة الفلسطينية الجديدة، هي حكاية محتلّ يستعمل أي ذريعة ممكنة لمواصلة، أو في هذه الحالة، للترخيص لتوسّعه الاستيطاني المستمر. ويعني ذلك أنّ الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 لم تعد جزءًا من الدولة الفلسطينية النهائية.
صرح الاتحاد الأوروبي عن استعداده للعمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة وكذلك فعلت وزارة الخارجية الأميركية. ولا بد للمجتمع الدولي من أن يعترف بأنّ المصالحة التي جرت بين قطاع غزة والضفة الغربية قد وضعت حدًا لانشقاق دام سبع سنوات ألحق في خلالها الضرر بالسلطات الحاكمة المنفصلة. وقالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إنّ «حكومة الوفاق الوطني... قد لقيت ترحيبًا عالميًا، باستثناء إسرائيل في تشويهها السافر للحقائق من أجل القضاء على فرص السلام».
وإذ أصبح الآن للوحدة الوطنية الفلسطينية حكومة تمثّل شعب فلسطين، عليها القيام بخطوات عاجلة لتعلن أنها «حكومة دولة فلسطين في ظل الاحتلال». سيضع ذلك حدًا لأي التباس، ويوضح الوضع القانوني بأنّ إسرائيل هي قوة احتلال وبأنّ الأراضي الفلسطينية محتلة. وإنّ إتمام ذلك سيعـطي المجتـمع الدولي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، سلطة اتخاذ التدابير اللازمة للتعامل مع انتهاكات القانون الدولي وإصدار قرارات تسهّل المفاوضات التي طال انتظارها حول حل الدولتين. وبتعبير آخر، تقوم المرحلة المقبلة على إنشاء دولتين، مع بقاء فلسطين تحت الاحتلال، ما يسمح بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.
مهّدت حكومة الوحدة الوطنية الطريق أمام حل الدولتين الذي فشلت في تحقيقه جميع «عمليات السلام» منذ «اتفاقية أوسلو» وقبلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق