بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 يونيو 2014

موعظة «بن لادن»... إلى «المالكي» وداعش ! -مصطفى الأنصاري

في مراسلات زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، التي افرجت عنها أميركا بعد مقتله، كشفت الوثائق عن حوار دار بينه وبين زعيم التنظيم في اليمن ناصر الوحيشي يستأذن فيها رئيسه بن لادن في غزو صنعاء ويبشره بقدرة جناحه في التنظيم على احتلالها، قائلاً «إن أردتم صنعاء يوماً من الدهر فهو اليوم»، استغلالا لمرحلة الضعف
الأكبر الذي عانى منه النظام اليمني قبل ثورات «الربيع العربي»، بعد خروج النظام من الحرب مع الحوثيين منهكاً.
يومها رد بن لادن على عامله في تلك الناحية، بما يشبه التوبيخ في الوثيقة 16 ويضيف «بخصوص قولكم إن أرتم صنعاء يوماً من الدهر فهو اليوم، فنحن نريدها لإقامة شرع الله فيها، إذا كان الراجح أننا قادرون على المحافظة عليها، فالعدو الأكبر رغم استنزافه وإضعافه عسكرياً واقتصادياً قبل الحادي عشر وبعده، إلا أنه ما زال يمتلك من المعطيات، ما يمكنه من إسقاط أي دولة نقيمها رغم عجزه عن المحافظة على استقرار تلك الدول (...) ولكم عبرة في إسقاط دولة طالبان (...) وإن استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان، فاليمن بالنسبة للأعداء كالذي هدده الخطر داخل بيته، فهي في قلب الخليج أكبر مخزون نفطي في العالم، فلا نرى أن نزج أنفسنا وأهلنا في اليمن في هذا الأمر في هذا الوقت. خلاصة القول: رغم ضعف الدولة وقابليتها للسقوط فإن الفرصة لإسقاطها وإقامة حكومة بديلة، متاحة لغيرنا لا لنا».ويبدو أن الوحيشي عاد إلى رئيسه كرة أخرى ليقنعه بما يشبه استثمار القاعدة لانتفاضة اليمنيين على نظام عبد الله صالح، في بداية الثورات العربية، فبعث إليه بن لادن جواباً آخر ضمن الوثيقة 19، يقلل من حظ تنظيمه في حكم اليمن، حتى وإن بدا إسقاط الحكم المتداعي ممكناً في نظر الوحيشي.

وقال «معظم الناس في اليمن إن خيروا بين حكومة تشكلها القاعدة، أو حكومة تشكلها أي دولة من دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر (...) فسيختاروا الحكومة التي تشكلها دول الخليج (...) لسبب بسيط هو أنهم يعتقدون أن هذه الحكومات مسلمة ولديها القدرة على توفير ضروريات معاشهم، وهذا مطلب الناس أن تجتمع لهم أمور دينهم ودنياهم. وحتى نكون بعيداً عن الآمال والتمني ينبغي أن نتعامل مع ثورة الشعب ... كما لو أنها صخرة كبيرة منحدرة من أحد الجبال، وهي مكسب لمن يأخذها إلا أن إيقافها لصالحنا متعذر».
هذا الاستدعاء يأتي في ظرف تحتل فيه داعش مدناً في العراق، موقعة في جند المالكي الهزائم تلو الأخرى. وما كان قول بن لادن كرهاً للنفوذ، ولا حباً في عبد الله صالح، بالقدر الذي كان قراءة واقعية للمشهد اليمني الذي كان الرجل لصيقاً به منذ أمد طويل.
اليوم في العراق يتكرر المشهد. وألهى ضعف المالكي وحكمه «داعش» عن استيعاب درس زعيمهم الأسبق.
أما الحاكم بأمر الله المالكي، فإن الرهان خانه، يوم ظن ان تفصيل العراق على مقاسه «الطائفي» والحزبي، يمكن ان يديم له فيه المقام. فحين أقصى المعتدلين، وأرسل آمال شرائح واسعة من شعبه إلى الجحيم، كان البديل القاعدي حاضراً يتربص.
لن ينجح داعش. ولكن حين يُذم في سياساته، أو يُلام بعض العراقيين في التعاطف معه وهم الذين طردوه من قبل وسيطردونه من بعد، لا ننسى ان رجلاً تدعمه القوى العظمى الدولية والإقليمية، كان الذي قدم بلاده للغرباء، ومكنهم من ناصيتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق