بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 يونيو 2014

المهدي المنجرة… المثقف العضوي ورسول المغرب الثقافي الى الانسانية - سعد ناصر

برحيل المهدي المنجرة عن سن 81 سنة، يفقد الفضاء الثقافي المغربي والعربي والإنساني مفكرا فذا، ومثقفا عضويا في شتى أنواع التفكير المستمد من دراساته المستقبلية. فالرجل كان من رواد علم المستقبليات بامتياز. 
ولابد هنا من التأكيد على الصفة «العلمية»، لأن المستقبل عند المهدي المنجرة ليس ضربا من الكهانة أو رجما بالغيب، وإنما هو عبارة عن مفهوم إجرائي قوامه معطيات كمية، وإحصاءات رقمية، لقراءة الماضي والحاضر، من أجل استشراف المستقبل.
لكن هناك مفارقة لافتة للنظر في سيرة هذا المفكر: فبينما عاش حياة حافلة بالإنجازات الفكرية والتعليمية والوظيفية في أماكن متعددة من العالم، تراهُ لم يُحتفل به كثيرا في المغرب أو في البلدان العربية، جارياً عليه قول الشاعر: 
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
لقد ظـُلِم الرجل بعدم الالتفات إلى مشروعه الفكري الإصلاحي التحرري؛ ولعل السبب في ذلك يُعزى إلى مواقفه المناهضة للاستبداد السياسي، والتبعية الاقتصادية، والاستلاب الثقافي.
وإنَّ نظرة ً سريعة إلى كتبه، تكشف عن فكره الوازِن: «الحرب الحضارية الأولى»؛ «القدس العربي رمز وذاكرة» ؛ «حوار التواصل»؛ «عولمة العولمة» ؛ «انتفاضات في زمن الذلقراطية» ؛ «الإهانة في عهد الميغا إمبريالية»؛ «قيمة القيم»…، إلى سواها من العناوين الدالة على البعد الإنساني التحرري في فكر عالم المستقبليات المهدي المنجرة.
هكذا استطاع الدكتور المنجرة في دراساته، رصد جملة من المشكلات البنيوية التي تعتري الواقع العربي؛ من قبيل التخلف والتبعية، والتي بدون مواجهتها فلا يمكن تحقيق تنمية منشودة، بل إن الأمر قد يفضي إلى ما أسماها مفكرنا «بتنمية التخلف».
فكيف يمكن تجاوز ذلك؟
إن الحل في نظر المهدي المنجرة، يكمن في مقاربة حضارية لتحليل الصراع الدائر بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب؛ وذلك بتفكيك منظومة القيم السائدة ذات المرجعية الغربية، وتحقيق الاستقلال الثقافي والاقتصادي، وإرساء دعائم عالم مختلـِف اختلاف تنوع، لا اختلاف تضاد.
هو ذا إذن المهدي المنجرة، إنساناً، ومفكراً، وعالماً، وخبيراً … وقد قال عنه رئيس الحكومة المغربية»المهدي المنجرة هو الإنسان الذي كان له منطق يدافع عنه ويَجْأَر به مهما كلفه ذلك»
هو إذا المهدي المنجرة، إنساناً، ومفكراً، وعالماً، وخبيراً …
ولنترك لغيره أن يدلي بشهادته في حقه :

عالم موسوعي

عبد الحق المريني
مؤرخ المملكة المغربية، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي

ترك الدكتور المهدي المنجرة فراغا في الساحة الثقافية المغربية 
ترك الدكتور المهدي المنجرة، باعتباره عالما موسوعيا ومفكرا كبيرا، صوتا يرن في الجامعات الآسيوية والأوروبية والأفريقية والمغاربية.
كما ترك الدكتور المهدي المنجرة فراغا في الساحة الثقافية المغربية، والطبيعة تكره الفراغ ولكن لامرد لقضاء الله وقدره. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

انسان متحرر

لحسن الداودي
وزير التعليم العالي

إنسان متحرر، دافع عن آرائه، لكن لم يكن الانصات بما يكفي لما كان يقول للأسف،استفاد منه الغير أكثر مما استفدنا منه نحن، المهدي المنجرة رمز للوطنية والبحث العلمي، رفع راية المغرب في منابر علمية عدة معروفة دوليا، هو قدوة لكل المغاربة، ويبقى اسمه راسخا في ذاكرة المغاربة، لأنه إنسان متحرر، دافع عن آرائه، لكن لم يكن الانصات بما يكفي لما كان يقول للأسف،استفاد منه الغير أكثر مما استفدنا منه نحن، لكن ومع ذلك، ولله الحمد، شق الطريق لعدد كبير من الاساتذة المغاربة الذين تأثروا بالراحل الأستاذ المنجرة.
ونحن جميعا في نفس النهج العلمي، ونسعى إلى أن ترفع راية المغرب أكثر فأكثر على المستوى العلمي كما رفعها الأستاذ المنجرة رحمه الله.
موته قد يدفع بالكثير من الشباب الى البحث عن المهدي المنجرة، ولعل بعد موته، بالرغم من كونه آفة، يعرِّف الرجل أكثر مما كان معروفا في السابق.

عَلَمٌ بارز وعالِمٌ مبرَّز

محمد بريش
خبير في الدراسات المستقبلية/ المغرب

إن الدكتور الفقيد تغمده الله برحمته علمُ بذاته وعالم فريد من نوعه، يؤمن بأفكاره إيمانا قويا، ويدافع من أجلها دفاعا مستميتا، أفكار نيرة شديدة الارتباط بالقيم، القيم المثلى للإنسانية، وعلى رأسها العدل والحرية والكرامة.
فمنذ صباه وهو يقاوم الاستبداد والظلم الاجتماعي وأشكال الهيمنة بكافة أنواعها، وكل من لازمه أحس بأنه يتعامل مع شخصية علمية بارزة في تألق علمها ورقي مستوى فكرها، شخصية إنسانية تتميز بصفات نظرتها وصدق إنسانيتها، مناضل لا يتردد في الجهر بالتنديد الفوري لما يلمسه أو يراه من ظلم وجهل وفساد.
شخصية مثل هذه لابد أن تصادم مع من يريد المناورة أو التغاضي عن بعض الأمور بناء على ما تقتضيهالدبلوماسيةأو السكوت عن مخالفات يظن أنها ثانوية في سبيل أهداف يخال أنها أسمى.
رأيته يرد الهدايا ويرفض الدعوات الفاخرة التي تريد أن يتوج أعمالها لشبهة يراها فيها، عشت معه حمل همه الحرب الحضارية ومواجهته لها في غزوالعراق، حيث علمني الشجاعة السياسية وقوة الإيمان العملية، رجل يخاف ربه ويخلص لإنسانيته من أن يسكت عن انتهاك حق أو السكوت عن مظلمة.
هدد مرارا بشتى أنواع التهديد فلم يستسلم، وأعرف أسرارا تدل على قمة في الشجاعة ميزته، قد أبدي بعضها حين يلزم ذلك. 
كان رحمه الله يرى العدل شأنا كليا، والحرية أمرا شمولية، والكرامة كائنا لا يتجزأ، والتهاون في شروط وجودها مجتمعة أو مفترقة أمرا منكرا لا يمكن السكوت عنه، مهما ظنه المهتمون صغيرا، حيث أدت به صرامته في الدفاع عنها والإعداد لتوفرها إلى الانسحاب من مؤسسات كبرى كانت تتزلف له للانخراط بها، بل تغازله نظرا لسمعته ومكانته العلمية لرئاستها.
وكان تغمده الله برحمته يجد في الطلاب والشباب الطاقة الخام الفطرية التي ينبغي أن تصرف لها الجهود الكبرى كي تحمي عاجلا من تلوث المجتمعات السياسي والثقافي، وأن تخص بالاستثمارات الكبرى لصقل عقولها وتوسيع معارفها.
ومن ثم كان اهتمامه بالتربية والثقافة، وظل يحارب نماذج التربية المستوردة ومشاريع الثقافة المهيمنة، مكافحا وأحيانا لوحده في وجه الاستعمار والاستحمار معا، شخصيات ومؤسسات، بل كان يرى أن جموعا من المناضلين في ساحة الثقافة والفكر والدفاع عن العدل والحريات لوتث أفكارهم وأعمالهم بالنفعية السياسية والخوف من السلطات والطمع في فوائدها.
كان شجاعا في فكره والجهر برأيه، لا يخيفه سلطان سياسي أيا كان، وبجنب ذلك، كان المربي الكبير والراعي الأمين والأخ الحنون، والصديق الصادق المخلص، يتفوق عليك في وده ومحبته مهما حاولت أن تبرز مودتك له ومحبتك التلقائية له.
لقد فقدت فيه الأستاذ والأخ والصديق، مع اعترافي بعد ما تعلمت منه الهجرة، أنني لم أوفه قدره، ولم أثري صلاتي به بعد هجرتي إلا بحنين هاتفي كان يثلج صدري حينما يجد الوقت للرد على الهاتف.
رحمك الله أبا سليمة وأجزل لك الثواب، وإنا لفراقك لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المنجرة وحقوق الانسان

حسن أوريد
سياسي وكاتب مغربي

تقييم أو تقدير الحاضر أو المؤسسات الرسمية ليس مهما، المهم هو تقييم أو تقدير المجتمع والمكانة التي يمكن ان يحظى بها الشخص في التاريخ واعتقد ان للمهدي المنجرة مكانة في تاريخ المغرب وتاريخ الانسانية.
هو من إحدى المنارات المهمة المضيئة والمشعة، من المثقفين الذين كانوا واعين مثلا بمخلفات الاستعمار، وكان منخرطا في الصراع من أجل الاستقلال.
بعد أن حظي المغرب بالاستقلال كان من الأشياء التي نذر إليها جهده هي التنمية، وفهم بأنه لا يمكن للتقدم أن يكون من دون التنمية، وكان شَغَل مناصب مهمة في اليونسكو.
من الأمور التي ينبغي أن نذكر بها ونذكرها، بأنه كان سباقا فيما يخص الصراع من أجل حقوق الانسان، أول منظمة لحقوق الانسان كان هو صاحبها، هذا فضلا طبعا عن وقوفه ضد الهجمة التي تعرضت لها العراق، ورفعه لمصطلح الحرب الحضارية وهو الأمر الذي برز فيما بعد من خلال كتابات هانغنستن، بتعبير اخر كان سابقا على هانغنستن فيما يخص صراع الحضارات.
يمكن أن ننظر إلى المنجرة منظور الانسان، طبعا الهاجس العروبي كان حاضرا في نضال المرحوم المهدي المنجرة ولكن هو كان أسمى من أن يختزل في خانة أو في إطار محدود هو أعلى وأسمى من ذلك ومن الاشياء التي تحسب له هو انه سعى الى دمقرطة المعرفة، فقد كان يجوب المغرب وكان يلتقي بكل شرائح المغرب وفي كل القرى والمدن الصغيرة وهذا شيء غير مسبوق في العمل الثقافي.
سقراط لم يأخذ حقه لما كان في حكم اثينا ولكن اخذ حقه في تاريخ الانسانية، تقييم أو تقدير الحاضر أو المؤسسات الرسمية ليس مهم، المهم هو تقييم أو تقدير المجتمع والمكانة التي يمكن ان يحظى بها الشخص في التاريخ واعتقد ان للمهدي المنجرة مكانة في تاريخ المغرب وتاريخ الانسانية.

الفكر في خدمة الانسان

محمد اليازغي
قيادي مؤسس بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية/ المغرب

المهدي المنجرة شخصية تميزت وأعطت وجها آخر للمثقف المغربي سواء باعتباره بحرا من العلوم، أو كونه إنسانيا بكل ما تحمله كلمة إنسان من معنى، فقد جعل المهدي المنجرة الفكر في خدمة المواطن، وفي كرامته، وحقوقه، كما جعل الراحل المنجرة الفكر يهتم بالمستقبل البعيد، في الأجيال اللاحقة إن شاء الله، لذلك فهو في المستقبليات أنتج فيها عطاء كبيرا إلى جانب مفكرين عالميين كبار.
حقيقةً، المغرب فَقَدَ شخصية كبيرة ووازنة في الحقول الثقافية والسياسية والحقوقية.
و للراحل مؤلفات عديدة، وحاز على جوائز عالمية في ميدان الفكر والمستقبليات والأجيال اللاحقة لا بد له من أن تطّلع عليها لأن الراحل اشتغل وفكر وكتب من أجلها. فرحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان.

أستاذ المشرق والمغرب

صلاح الوديع
حقوقي وإعلامي مغربي

هو ليس أستاذنا في المغرب ولكنه أيضا أستاذ في المشرق والمغرب، كانت له نظرات ثاقبة استراتيجيا، واليوم نعيش فصولها، إذ استطاع أن يتنبأ بالأحداث التي نعيشها اليوم. حقيقة وفاته تأتي في زمان التفتت وانفجار الدول العربية، ومازالت التفاعلات لم تنته، بحيث إن هناك زلزالا لايزال يضرب المنطقة العربية، ومآلات ما يسمى الربيع العربي مضادة تماما لمقدماته.
و إذا صار ذكر الأستاذ المهدي المنجرة من الرجالات الكبرى المطروحة على المستوى الرسمي، فإن هذا ليس إعادة اعتباره، بقدرما أعيد رواج نقاش عمومي لأفكاره والآفاق الثقافية والفكرية والاستراتيجية لبلادنا.
مثل هذه الرجالات ليس الأفراد من تتكفل بإبرازهم، فالتاريخ هو من يبرزهم وبالتالي فلا خوف على فكر الأستاذ المهدي.
حقيقة سوف يكون لهذا الوداع الذي هو بطعم العودة سيكون لما بعده.

صديق الملك خصم السلطة!

محمد الجوادي
مفكر ومؤرخ مصري

كان المهدي المنجرة في رأيي المتواضع بمثابة الضلع الثاني في المثلث الذي رسم الامل المنشود في مستقبل حقيقي لحضارة الاسلام في العالم الجديد، وقد بنى على ما سبقه اليه الرائد الذي تولى تأسيس الضلع الاول في هذا المثلث بعناية فائقة بالتفاصيل، بيد ان المنجرة تجاوز التفكير في بناء الذات الي التفكير في طبيعة المواجهة المحتملة . وربما يصعب على كثيرين تصور طابع التكامل والتفاصل (بالصاد لا بالضاد) بينه وبين الرائد الاول او رائد الضلع الاول الذي هو مالك بن نبي، وربما يمكن لنا أن نلخص الفارق في ايجاز دال باستعارة عنواني كتابيهما الاشهرين فعلى حين كان مالك بن نبي يرسم ويحدد «شروط النهضة» فإن المهدي كان واعيا لطبيعة « الحرب الحضارية» وشروطها . 
كان المهدي المنجرة من ابرز المتحفظين على علاقات الغرب السياسية بالاسلام، بل وصل الحال به ان يتشاءم وينفي امكانية قبول الغرب لوجود انظمة ديمقراطية غربية في بلاد المسلمين: « …لقد قُلتها وسأعيد قولها الآن، ليس هناك قوة غربية مستعدة لقبول قيام أنظمة ديمقراطية حقيقية وفعلية بالعالم الإسلامي. لأن مثل هذا التغيير سيضرب مصالحها التي توفرها لها، وبسخاء، الأنظمة المرتشية القائمة حاليا».
ومنذ ربع قرن تولى المهدي المنجرة المشاركة الكبرى في تنظيم أوّل لقاء حول مستقبل الإسلام، في الجزائر العاصمة، وشارك في اللقاء العديد من العلماء من طبقة الغزالي والغنوشي والترابي والقرضاوي الذين شاركوه الرأي في ان الإسلام وصل إلى أسوأ مراحل التقهقر في العصر الحالي لأن المسلمين ابتعدوا عن الاجتهاد والتجديد وسجنوا أنفسهم في ماض دون الانفتاح على المستقبل، وأن الإسلام كان دينا شديد الارتباط بالمستقبل، ويولي أهمية بالغة للمستقبل (مع واجب التمييز بين المستقبل والغيب). وفي نهاية اللقاء اتفق الجميع على ضرورة التصدي للأمية ومحاربة الفقر عبر توزيع عادل للثروات داخل البلدان وفيما بينها، وتخصيص استثمارات أكبر وأهم للبحث العلمي، للخروج بالعالم الإسلامي من نطاق الدول المتخلفة.
على الرغم مما كان يبدو للمصريين من جفاف افكاره واغراقها في التصورات المثالية فقد كانت كتبه من الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و1990. وقد خصص صندوقا خاصا من تلك العائدات المالية لمنح جائزة للحوار بين الشمال والجنوب وفيما بعد طور غرضها لتكون جائزة لمن يدافع عن الكرامة.
وعلى عادة اليساريين في التنبيه الى الفرص الجيدة التي لقيها بعض العظماء في بداية حياتهم فلابد لنا ان نذكر ان هذا الرجل العظيم نشأ في بيت دين ويسار في كنف اسرة محترمة من كبار التجار المتدينين والمثقفين، وقد أرسله والده لاتمام الدراسة في أمريكا ليكون متميزا عن الاغلبية التي تدرس في فرنسا بحكم العادة والتعود ومن حسن حظ المهدي انه واجه موقفا انسانيا واخلاقيا جعله يضحي بأمريكا وبطاقتها الخضراء وجامعتها ودراسته ويعود الى العالم القديم ليستكمل دراسته في لندن 
في امريكا التحق المهدي بمؤسسة «بانتي»، ثم التحق بجامعة كورنل وتخصص في البيولوجيا والكيمياء. ونجح مبكرا في المزاوجة بين دراسته العلمية، والعلوم الاجتماعية والسياسية، وفتحت إقامته بأمريكا عينيه على العمل الوطني والقومي ،فارتبط بمكتب الجزائر والمغرب بالأمم المتحدة، ورئاسة رابطة الطلاب العرب. ورفض التجنيد الإجباري الذي كان مفروضا آنذاك على كل حاملي البطاقة الخضراء، ورفض المشاركة في الحرب الكورية، وآثر أن ينتقل إلى لندن سنة 1954 لمتابعة دراسته العليا بكلية لندن للاقتصاد حيث نال شهادة الدكتوراة حول موضوع «الجامعة العربية».

رجل الديمقراطية التشاركية

يحيى اليحياوي
خبير في الاعلام والاتصال/ المغرب

من الصعب الحديث عن المجال الذي ينتظم فيه المهدي المنجرة، لأن المنجرة تجاوزها لدرجة أنه أصبح مؤسسة قائمة الذات، وليس بعملية البنيان المادي، بقدر ما أصبح تواجد الشخص في الغرب والشرق بقوة أفكاره، وتحليله وحبه وصدقه ودفاعه عن الكرامة والقيم وهذا كله يجعل من المهدي المنجرة سهل التحديد وصعب في الآن معا.
وأظن أنه بقدر ما كان المهدي المنجرة بحد ذاته مشروعا فكريا بالرغم من رحيله، يبقى المشروع قائما، لأن القيم والمبادئ الكبرى التي دافع عنها ستبقى ما بقي الدهر إلى يوم الدين، من هذه القيم، قيم الكرامة، مركزية القيم، حقوق الانسان، الديمقراطية التشاركية، إشراك الجماهير… كلها قضايا أشار إليها المنجرة وستثار إلى ما لانهاية.
ونحن اليوم محتاجون إليه في هذه اللحظة، وما وقع في استشرافه لأحداث العالم العربي قبل عشرين سنة يحدد طبيعة فكر هذا الشخص وقوة رؤيته.

رائد الاعلام والاتصال

مصطفى الطالب
ناقد فني وسينمائي/ المغرب

عرفت الدكتور المنجرة منذ سنوات عدة والتقيته في محطات فكرية في مدينتي سلا والرباط. والحقيقة انه من فرط حبه لهذا البلد كان ينتقده من اجل ان يتقدم وهو الوطني ابن الوطني، الذي كان اصغر معتقل وطني، حسب ما صرح هو نفسه، زمن الاحتلال الفرنسي حيث لم يتجاوز عمره في تلك الفترة 16 سنة، رحمه الله.
وفي إطار الدفاع عن اللغة العربية كنت آنذاك رئيس فرع الرباط للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، وقد كان سعيدا بمثل هذه الانشطة التي تدافع عن اللغة الام، وكنت قد تحدث معه عن تكريمه من طرف الفرع لكنه كان يتلافى ذلك، إلا أنني حاولت مرة اخرى لكن تعذر عليه الحضور مرة أخرى بسبب الظروف الصحية للراحل المنجرة.
شخصية الدكتور المنجرة شخصية فذة من الناحية العلمية، غير أنني سأتناوله من الجانب الثقافي والفني،فالراحل المنجرة كان يحب الفن الاصيل لدى الشعوب ويدافع عن الخصوصية الثقافية والفنية لكل مجتمع وهذا قد يتحدث عنه الفنانين المغاربة السابقين والذين عاشرهم، وهم من قبيل المعطي البيضاوي والمعطي بنقاسم وعبد الوهاب الدكالي وغيرهم، وهنا أستحضر موقف الراحل المنجرة عندما فاز الدكالي بالجائزة الكبرى بمهرجانالقاهرة سنة 1997 عن أغنيته (سوق البشرية)، كان المهدي المنجرة في انتظاره في المطار.
هذا فضلا عن بعض الممثلين، إلا أن أبرز أمر في هذا الجانب يبقى هو تركيزه على القيم الثقافية، بمعنى اخر القيم الثقافية التي من خلالها يمكن تحقيق النهضة في جميع الجوانب وهنا لابد من الاشارة انه طبعا كان ضد هيمنة القيم الغربية لاستعمارية التي تلغي الاخر وثقافته، ولذك تحدث الراحل المنجرة عن الحرب الحضارية وتحدث عن قيمة القيم والذل قراطية وغيرها من المفاهيم التي نجد صداها في الواقع.
من المعلوم ان المرحوم كان على دراية بأهمية وسائل الاتصال وكان دائما يتحدث عن ما تحدثه الثورة التكنولوجية في هذا المجال من تغييرات في حياة الناس الاجتماعية والسياسية والمعرفية ولطالما انتقد الواقع الاعلامي في رداءة برامجه وعدم مسايرة التحولات التي عرفها المجال الاعلامي، وهذا موثق في كتبه، ولذلك هو كان يركز على دور الاعلام في ايصال المعلومة والمعرفة والثقافة والفن، وفي تغيير العقليات بدل تكريس تقاعسها او كسلها او عدم مواكبتها لما يجري في العالم. 
وكما كان يقول دائما من يتحكم في المعرفة فسيتحكم في العالم ومن يتحكم في الاعلام فسيتحكم في العقول. كما كان يركز على دور الاعلام في ترسيخ قيمنا وهويتنا والتلاقح الايجابي للثقافات دون هيمنة ثقافية على اخرى كما نرى اليوم في اعلامنا.
ان الرجل كان يحمل مشروعا علميا ومعرفيا نهضويا للاعلام.رحم الله الفقيد.

عالم المستقبليات

نعمان لحلو
فنان مغربي

رجل سوف يتذكره تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، وهو رجل لن يرحل، لأنه رحل بجسده فقط، وهو دخل ضمن رجالات المغرب المعاصر باعتباره عالم مستقبليات، وكان رجلا شريفا، كانت له أنفة، ولم يكن يطمع في جاه أو مال أو سلطة، وسوف يذكر له التاريخ هاته الخصال والمناقب.رحم الله الفقيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق