بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

حصيرة السيستاني وكهف الظواهري وإرسالنا إلى «الجنة» بسام البدارين

غرفة صغيرة مع فناء أصغر لا تزيد مساحتهما عن ثمانية أمتار وسط حي شعبي في النجف الاشرف يجلس العجوز اية الله السيستاني معلنا من وسط الغرفة المظلمة وهو جالس على حصيرة متقشفة الحرب المقدسة في العراق.
صدى ما يقال في هذه الغرفة المظلمة يتحول فورا الى مجاميع من البسطاء والسذج الذين سيرسلهم السيستاني الى الجنة .. هؤلاء يبادرون لتلبية نداء الجهاد المقدس فيحملون ما تيسر من سلاح يكون أطول منهم في أغلب الاحيان وزجاجة ماء ويركبون في الغرفة الخلفية لسيارة شاحنة مع صورة عملاقة للامام اية الله الخميني ثم يزج بهم في نار الحرب المقدسة.
فتية صغار سرعان ما تتلقفهم «داعش» التي تحركها بدورها غرفة أخرى لا تقل ظلاما وتحيلهم إلى أهداف تدريبية بدون محاكمة.
ليست مشكلتي مع السيستاني الذي يؤكد صديق عراقي أنه قابله على حصيرته الشهيرة بكل الاحوال، بل مع الموجات البشرية التي تستجيب بطريقة غريبة لنداء الصراع والقتل دون علم أو يقين أو تاهيل أو تدريب.
مشهد الجموع وهي تمتطي سيارات البكب وتضم فتية صغارا وشيوخا لا يستطيعون حتى تدبير وجبة طعام خلال الحرب مثير لكل المشاعر الانسانية خصوصا عندما يستعد هؤلاء للتطوع تحت يافطة الحرب المقدسة ضد شركاء واخوة لهم من نفس التراب والجغرافيا.
لا احد اليوم في العراق يريد ان يقول بشكل واضح ومحدد بان فتاوي الحروب المقدسة سواء صدرت عن مرجعيات سنية او شيعية هي ليست اكثر من مؤامرات على هذه الامة واهلها ومن تصفية حسابات بين اجندات واجهزة امنية تخدم كل المشاريع المعادية للاسلام وامة المسلمين.
لا احد يريد ان يقول في العراق بان هناك شخصا واحدا يمثل نموذج الزعيم الملهم دوما يتحمل مسؤولية الاخفاق في صناعة وحدة وطنية ويتحمل وحده مسؤولية خطاب التفريق والانقسام عندما يتجاهل محافظات باكملها فيتم اقصاؤها وتهميشها. اصدر السيستاني فتواه في الحرب المقدسة لكنه لم يقل لنا كمواطنين، شاء القدر ان نكون من اهل السنة، ما الذي دفعه بصورة محددة لاعلان القداسة على حرب طائفية ولا يقول لنا بصفة محددة باعتباره وكيل السماء والارض ما الذي دفعه هو وحوزته لعدم الاعتراف بالاخطاء الفادحة التي ارتكبتها حكومة نوري المالكي وبينها اخطاء وتجاوزات طالت حتى الغرفة المظلمة التي يجلس فيها امامنا الاعظم الشيخ السيستاني.
من كهف مظلم بالمقابل يمطرنا الدكتور ايمن الظواهري باشرطة فيديو بين الحين والاخر تعلن بدورها باسم الله والسماء وجميع اهل السنة في الارض الحرب الموازية ضد الشيعة وضد السيستاني وضد شركاء الحياة والدين والماء والكلأ في المنطقة العربية.
صاحبنا قرر عدم التوقف عند قتل الشيعة «الرافضة» بل أمر في شريطه الأخير بقتل البعثيين أيضا.
بالمقابل ايضا لا ترى امة الاسلام والعروبة وجها او شريطا للشيخ ابو بكر البغدادي القائد الذي يبشر الامة بولادة الدولة الاسلامية في العراق والشام وكل ما نسمعه ونقرأه هو بيانات تتلى على المجاهدين قبل الغزو يبارك فيها البغدادي مسبقا ما سيجري لاحقا.
لا احد يعرف بصورة محددة اين هم قادة داعش ولا احد يستطيع مناقشتهم ولا نملك كرعايا او رعاع في أمة الاسلام الحق في التمسح بأهداب القائد ولا حتى مناقشته لكي نتلمس مصلحة الامة والدين.
غرفة مظلمة اخرى بالتأكيد يجلس فيها احد ما ويقود باسم الله والسماء واسمي واسم المسلمين جميعا الحرب المقدسة في سورية .. يقابل هذه الغرفة المظلمة غرفة اخرى لا تقل ظلاما لكنها جزء من قصر جمهوري تحت الارض تدار فيه ايضا باسم الامة والصمود والتصدي والمقاومة الحرب المقدسة الموازية على الشعب السوري الطيب.
في الغرف المغلقة التابعة للنظام السوري تتخذ القرارات المصيرية التي يمكن ببساطة ان نلاحظ انها لاعلاقة لها باسرائيل ولا بالصمود ولا حتى بتحرير الجولان فهي على الارجح قرارات من طراز قصف قرية باكملها بالبراميل المتفجرة لان راية دولة داعش ظهرت في احد ازقتها او تسوية عمارة باكملها على رؤوس من فيها بحجة تمركز قناص من الجيش الحر خلف إحدى نوافذها. 
غرفة مظلمة في دمشق واخرى حالكة الظلام في المنطقة الخضراء ببغداد يسهر فيها الجنرال قاسم سليماني مع الجنرال نوري المالكي وبينهما على الارجح الكابتن جون يقابلها بالتاكيد كهف مغلق في افغانستان او في الفلوجة او في درعا.
غرف مظلمة في كل مكان تقاد فيها هذه الامة كقطعان الاغنام في مخيم عين الحلوة وفي القاهرة وحتى في مكة والرياض وفي كل عواصم الخليج والغريب ان الشعوب تصفق لكل المنتجات الطائفية المقيتة التي تصدر عن هذه الغرف. أمة في منتهى الغرابة ما يجمع بين شعوبها اكثر بكثير مما يفرق بينها .. رغم ذلك تدين هذه الامة بالفضل والولاء لجلاس الكهوف المصرون على طائفية الصراع .. وحدها اسرائيل وبدون منازع تفلت من فتاوى القتل الطائفي سواء ارتدت كوفية سوداء او عمامة بيضاء.
اسرائيل فقط هي الكيان الناجي بينما تتحول الشعوب العربية بسبب اصحاب الكهوف الى حطام وحطب يغذي نار الطائفية التي يشعلها رجال لم أر كمواطن عربي اطلاقا على اي منهم أيا من علامات الاختيار الالهي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق