بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 يونيو 2014

كوخ العم سمير - علي سالم

«فربما من بوابة مصر العالية تكون هناك بداية عودة إلى العقل والواقع وحقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ وجوهر الوجود العربي، الذي تتطاول عليه الطموحات غير السوية في بعض المراحل، ولكن طبيعة الأمم تتكفل بصورة تلقائية بإعادة ترتيب البديهيات وتصنيف الأولويات وتصحيح مسار الأمم.. مقال سمير عطا الله، 11 يونيو (حزيران) 2014»

جميل أن يكون لك صديق لم تقابله من قبل، وإن كنت تعيش على بعد سنتيمترات من كوخه. ابتعد بنظرك عدة سنتيمترات إلى اليمين من زاويتي، ستجده جالسا في كوخه يوزع الحكمة والرقة والجمال والأمل على المارة ويدعو لهم جميعا بالخير. من كوخه كمراقب يقظ، استطاع أن يتعرف على مقاصد التاريخ في هذه المرحلة التي يرى أنها من الممكن أن تكون بداية عودة إلى العقل والواقع.
نعم.. يا صديقي الذي لم أقابله من قبل. لقد وصلت أنت إلى هذا الاستنتاج / الأمل من خلال نوافذ المعرفة في كوخك الصغير. أنت تراقب بوعي وأيضا بحس غريزي حركة التاريخ، فتستنتج على الفور الهدف الذي يسعى إليه. أما أنا، فأستمع إلى نغماته فأعرف على الفور طبيعة اللحن الذي يسعى لفرضه على أعضاء الأوركسترا. عند كل الناس، التاريخ مكون من وقائع، أما عندي، فهو أنغام. هناك بالفعل لحن جديد في مصر. هناك مراقبون للتاريخ، وهناك سمّيعة، وأنا أحد هؤلاء السميعة، وما رأيته أنت - يا صديقي - بعينيك هو بذاته ما استمعت إليه أنا بأذني، وهو أننا كعرب أقوى مما كنا نظن عليه أنفسنا، وأننا نستطيع الإسهام بنصيب أكبر في حماية حضارة البشر.
الجديد في الأمر أن كل مفاهيم عالم النفس «يونغ» بدأت تغزو كل أدوات التحليل عندك. زاويتك كلها، بالأمس، احتضنت بقوة صلب نظرية «يونغ»، هناك لاوعي جمعي يجمع البشر جميعا ويرغمهم في نهاية الأمر على إصلاح الأحوال. لا شيء يحدث في التاريخ بالصدفة، كل ما يحدث الآن في المنطقة العربية جزء من فعل أكبر. دفاع الملك عبد الله عن مصر والمصريين هو جزء كبير من هذا الفعل الأكبر. هو يدافع عن الفكرة الصحيحة، أي عن النغمة الصحيحة في العلاقات العربية، أنه من المستحيل أن تمضي مصر بعيدا عن العرب، كما أنه من المستحيل أن يبتعد العرب عن مصر. إننا نستمع الآن إلى أعضاء الأوركسترا العربي، وهم يختبرون آلاتهم استعدادا لتقديم لحنهم الجميل، يشاركون به في جعل الدنيا أكثر جمالا وعدلا. والله يا صديقي سمير، لقد أدركتُ عند تسليم السلطة للرئيس المصري الجديد، وبعد سماع الكلمات (أقصد النغمات)، أدركت أن مصر حققت أعظم انتصاراتها في العصر الحديث، هناك لغة تخاطب جديدة في مصر بعيدة عن السوقة والسوقية. لقد كنت أتصور أن الخطابة، كما كان يعرفها ديغول وتشرشل، لم يعد لها وجود، غير أن رئيس الجمهورية التارك للسلطة جعلني أصيح في دهشة، يا إلهي! هل ما زال بيننا من لديه تلك القدرة الهائلة على التحليق مع أكثر الكلمات صدقا وشرفا، وتحميلها بكل هذا الصدق والحب؟ لقد نجونا يا صديقي سمير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق