بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يوليو 2013

هموم الكوكب - أمينة خيري



«القنوات الصديقة فقط هي تلك التي تنقل وقائع اعتصامنا، وتلك المعادية للدين تتجاهل وجودنا».
«القنوات المناصرة للمشروع الإسلامي تتكالب على تغطية فعاليات «الشرعية والشريعة» ومسيرات «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية» وتظاهرات «سيسي يا سيسي مرسي هو رئيسي».
ومن وجهة نظر أخرى،
فإن «القنوات الوطنية فقط والمحافظة على هوية مصر المدنية والمناصرة للوسطية والمعادية للجماعات الإرهابية هي تلك التي تنقل الاعتصامات المنددة بحكم الإخوان». و«القنوات المناصرة للدولة المدنية الحديثة تتهافت على «تغطية فعاليات التمرد المعارضة لنظام الإخوان».
تصنيف القنوات وفق نوع التظاهرات التي تنقلها هو تصنيف جديد قديم، فهي المرة الأولى التي ينال فيها الاستقطاب بهذا الشكل الحاد والمزري من قنوات تلفزيونية يفترض أنها تبث المعلومة، لكنها ليست المرة الأولى أو الأخيرة التي تطوّع فيها الحقيقة لتخدم هدفاً ما. أيهما جيّش الآخر؟ وأيهما بادر بممارسة لعبة الاستقطاب؟ وأيهما المستفيد الأكبر: القنوات ومَن وارءها، أم الأنظمة ومن وراءها؟ أسئلة مشروعة، لكنها لا تهم، على الأقل الآن، إذ باتت القنوات ساحة معارك حقيقية، وكثير منها متشابك، حيث تتقاطع فتتآلف أو تتصارع مصالح وطنية مع إقليمية ودولية، فينتج عنها إما كاميرات مثتبة في «رابعة العدوية» أو شاشات لا تبث سوى «الاتحادية».
وبين هذه وتلك أخرى تتنقل بين هنا وهناك لتبدو وكأنها تنقل الصورة للعالم باعتبارها قنوات دولية عابرة للحدود والقارات لا تتقيد بسياسات مناطق على حساب أخرى، لكنها تفعل ما تفعله بكثير من الانحياز وقليل من الموضوعية المؤطرة في أهداف مرسومة مسبقاً. صحيح أنها تفعل ذلك بتقينات متقدمة، بحيث تبدو التغطيات وكأنها حيادية تلتزم معايير المهنية بينما هي العكس تماماً! ويتجلى ذلك في التحولات على صعيد التغطيات والمتأرجحة مرة بين «الانقلاب العسكري» و«الإرادة الشعبية» ومرة بين «ضرورة عدم خنق الديموقراطية ووأد الصندوق» و«ضرورة عدم التعامل مع الديموقراطية باعتبارها قيمة جامدة»!
باتت الشاشات صورة فجة من صور المصالح والغايات. لعبة السياسة والهيمنة والسيطرة محلياً وإقليمياً ودولياً باتت تمارس عبر الشاشات وتصوّب سهامها من خلال خبرائها ومحلليها وضيوفها، وكل واحد وشطارته. هناك من يمارس اللعبة بقواعد كلاسيكية قديمة، فيبدو أشبه بأبواق الحزب النازي، ومنها من يستغل تقنياته فيبدو أداؤه أكثر إقناعاً، لكنها تظل في نهاية المطاف لعبة. أما المشاهد المسكين، فيجد في غرفة جلوسه المتواضعة أطراف الصراع الدولي تطل عليه، ومعها أنظمة الهيمنة الإقليمية تداعب مشاعره وعواطفه، وممثلو الساحة المحلية تحرضه تارة وترهبه تارة وتجيشه تارة، فيخلد إلى فراشه محملاً بهموم الكوكب ولا أحد يفكر في همومه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق