بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يوليو 2013

حق الشعبين في الاستقلال الكسندر يعقوبسون


في سبعينيات القرن الماضي حينما التحقت بنادٍ لدراسة العبرية في القدس جاء ذات يوم الى فصلنا الدراسي أخ وأخت من سورية ـ في الثالثة عشرة والخامسة عشرة من عمريهما، وكان الأخ أطول وأكبر سنا. وقال بعضهم ان الموساد هربهما عن طريق لبنان. وكان فيهما شيء عجيب: فهما لم يفترقا قط ولم يبتسما قط. وكانا معا وبلا ابتسام طول اشهر الدراسة، وكان ذلك غريبا جدا. كان أكثر الطلاب في الفصل الدراسي مثلي، فتيانا من الاتحاد السوفييتي، وقد جئنا مع آبائنا من نظام قمع ومن دولة معادية للسامية، وقد عرفت معاداة السامية الروسية جيدا من قريب. لكن لا أحد منا بدا مثل هذين اليهوديين السوريين.
بعد بضعة أشهر من إنهاء الدراسة في النادي لقيت الفتى في مكان آخر وكان وحده بلا أخته فابتسم إلي وقال ‘مرحبا اليكس كيف حالك’. وكانت الكلمات عادية لكن شعوري لم يكن عاديا، إنني لم أرهما منذ ذلك الحين لكنني لم أنسهما.
وتذكرتهما على مر السنين حينما حج اعضاء كنيست عرب الى دمشق وأثنوا كثيرا على الرئيسين الاسد الأب والابن. وقد برز عزمي بشارة بذلك لكنه لم يكن الوحيد. فقد قال عضو الكنيست عبد الوهاب دراوشة ذات مرة بعد عودته من دمشق: ‘ليت وضع العرب في اسرائيل مثل وضع اليهود في سورية’. واعتقدت انه يمكن ان نجد مؤيدين غير قليلين من الجمهور اليهودي لهذا الاقتراح خاصة.
شاركت قبل بضع سنوات في لقاء اسرائيلي فلسطيني، وذكر الشباب الفلسطينيون الذين شاركوا فيه الدعوى المعروفة التالية، وهي ان الشعب الفلسطيني يدفع ثمن معاداة السامية الاوروبية. وذكرت ان نصف السكان اليهود في اسرائيل جاءوا من الشرق الاوسط لا من اوروبا. وبدأ الجدل التاريخي والعقائدي المعتاد، وقلت في النهاية: أريد أن أروي لكم حكاية شخصية ورويت قصة الأخ والأخت من سورية مع الابتسامة و’كيف حالك’ في نهايتها، وساد الصمت الغرفة. ولم يشك أحد من الحاضرين بصدق الرواية. وفي النهاية تنهد أحد الشباب الفلسطينيين وقال: ‘حسن، إننا نعلم كيف يعاملوننا نحن الفلسطينيين في الدول العربية فلماذا تُفاجئنا معاملتهم لليهود؟’. وفي استراحة القهوة تقدم مني شاب فلسطيني آخر وسأل أتعلم ما الذي حدث بعد ذلك لذلك الفتى؟ فأجبت: لا أعلم فقد فقدت الصلة به؛ وأفترض ان كل شيء على ما يرام وانه أصبح اسرائيليا ببساطة. وكانت تلك لحظة سريالية بالمعنى الطيب، فقد لاحظت ان الشاب الفلسطيني كان سعيدا لأنه سمع ان اليهودي السوري أصبح اسرائيليا.
يتألم عودة بشارات ألم اخوته اللاجئين الفلسطينيين المتروكين في غابة الدول العربية وهي غابة تحترق أجزاء منها وفي مقدمتها سورية الآن (‘ماذا عن اخوتنا الذين علقوا في الغابة’، ‘هآرتس′، 14/7/2013) وهو على حق: إن المقولة المحبوبة الى اسرائيليين كثيرين وهي ‘لهم 22 دولة’ هي مقولة بليدة الحس وجوفاء حينما يكون الحديث عن الفلسطينيين. فلا توجد أية دولة ترى نفسها وطنا قوميا أو ملجأ وقت الحاجة لأبناء الشعب الفلسطيني. ومن المناسب جدا ان توجد دولة كهذه. ومن المناسب ايضا ان يكون للشعب اليهودي دولة كهذه وان يستمر وجودها. إن الذي يؤمن بالمساواة بين البشر والشعوب لا بقانون الغاب، ويعلم ايضا أين يعيش، يجب عليه ان يؤيد . ويجب عليه ان يؤيد حق الشعب الفلسطيني في دولة دون ان يوهم نفسه بأن حق الشعب اليهودي في دولة مضمون ومفهوم من تلقاء نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق