بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يوليو 2013

مؤسسة‮ ‬الإفتاء‮ ‬والأونساجية - عدة فلاحي - الجزائر


imageعاد الحديث مرة أخرى حول ضرورة التقيد بالمرجعية الدينية الوطنية وعدم الانجرار وراء الفتاوى الغريبة عن ديارنا والتي لا تتماشى مع وضعنا السوسيولوجي والتاريخي ومع تقاليدنا وأعرافنا لأن ذلك يهدد تراثنا الفقهي والتماسك الاجتماعي، بل وقد يفضي إلى تهديد السلم والأمن الاجتماعي حينما يتعلق الأمر بقضايا تمس بالشأن العام ولكن ما هي الإجراءات التي اتخذناه حتى يتوقف هذا الجدل الديني الذي تثيره وسائل الإعلام وتتبنى انشغالات المواطنين ومطالبهم المتمثلة في ضرورة تنصيب مفتي للجمهورية يمكن الرجوع إليها بدل طرق أبواب الفضائيات والانترنيت التي نقلت لنا عبر أشباه الشيوخ العديد من الفتن والكوارث التي تسببت في البلبلة والتشويش على حياة المواطن الجزائري الذي لم يعد يثق في مراجعه لأسباب يجب دراستها ومعالجتها دون مجاملة أو تردد، ولكن في نفس الوقت هل يمكن القول أننا نعيش فراغا في مجال الفتوى ولا يمكن ملؤه إلا بتنصيب مفتي؟ الجواب على ذلك هو بالتأكيد ليس الأمر بهذا الوضع المفرط في السلبية، لأن المجالس العلمية المنتشرة عبر ولايات الوطن لم تغلق أبوابها على من يريد التفقه في دينه حتى في المسائل المعقدة ولكن لا بد لهذه المجالس أن تطعم تركيبتها بالنخب المثقفة والكفاءات التي تتمتع بالمصداقية وفي جميع التخصصات ولا بد وأن تخرج للشارع وتعرف بنفسها للناس وتتواصل مع المجتمع عبر الوسائط الالكترونية الحديثة أي أنها تخرج من الطابع التقليدي الذي تمارسه به وظيفتها الرسالية وتتجاوب مع نوازل العصر بالسرعة التي يتطلبها وبالخصوص الاقتصادية منها، فهل يعقل أن يبقى معلقا إلى أجل غير مسمى موضوع فوائد قروض "أونساج" التي عطلت العديد من مشاريع الشباب البطال الذي عزف عنها اعتقادا منه أن شبهة الربا قائمة والله تعالى يقول "يمحق الله الربا ويربي الصدقات"!؟ ، وإلى متى يبقى هذا الشباب ينتظر في الجواب الكافي الشافي وقد وعدت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بتنصيب لجنة خبراء لدراسة هذا الملف والرد على هذا التساؤل القديم الجديد؟ وهل فعلا الجزائر لا تتوفر على كفاءات لتجيب على مثل هذه المسائل المعقدة كما صرح بذلك الدكتور بوزيدي الذي‮ ‬من‮ ‬المفترض‮ ‬هو‮ ‬أحد‮ ‬أعضاء‮ ‬اللجنة‮ ‬التي‮ ‬نصبتها‮ ‬وزارة‮ ‬الشؤون‮ ‬الدينة‮ ‬للتكفل‮ "‬بجماعة‮ ‬أونساج‮" !‬؟‮. ‬
حينما خصصت عدة مقالات في هذه المساحة للحديث عن الوهابية والأحمدية والأحباش والشيعة وحتى عن غلاة المتدينين والعلمانيين من دعاة المعاصرة المزيفة التي تمارس القطيعة مع الأصالة وموقف المؤسسة الدينية الرسمية من ذلك، رد علي بعضهم في تعقيبات الكترونية  بالقول: عوض الاهتمام بهذه الطوائف والمذاهب لا بد وأن تلتفت وزارة الشؤون  الدينية كذلك لـ"طائفة الأونساجية" ويعني بذلك الشباب الذي ضاع بين مشروعية وتحريم قروض تشغيل الشباب وحينها أدركت أنه فعلا لم نحسن ترتيب أولوياتنا في التعاطي مع ما يشغل الناس البسطاء ولم نحسن قراءة نبض الشارع تماما كما يفعل بعض أشباه المثقفين حينما يكرسون كل جهدهم ووقتهم في عملية كسر الطابوهات المتعلقة بالجنس وغيره بحجة أن الجنس طبيعة بشرية ولا يجب التعامل معها بحساسية ونفاق ديني أو ثقافي ولكن يقينا أن مثل هؤلاء لا يشغل بالهم هموم "الأونساجية" لأنه‮ ‬ببساطة‮ ‬لا‮ ‬يحقق‮ ‬لهم‮ ‬نرجسية‮ ‬حب‮ ‬التميز‮ ‬ولا‮ ‬يفتح‮ ‬لهم‮ ‬أبواب‮ ‬أسيادهم‮ ‬من‮ ‬وراء‮ ‬البحار‮ ‬وينالهم‮ ‬جوائزه‮ ‬المسمومة‮. ‬

إن الإسراع في إنشاء المجلس العلمي الوطني ليكون مرجعاً للمجالس العلمية الولائية كما نص عليه البيان الختامي للاجتماع التنسيقي لأمناء المجالس العلمية المنعقد يوم 30 جوان 2013 بدار الإمام تحت إشراف الدكتور أبو عبد الله غلام الله هو الإطار المناسب في هذه المرحلة التي تتميز بهشاشة كل المؤسسات المدنية كما جاء في قراءة قدمها الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي  حول "القيم  في المجتمع الجزائري" وهذا خلال الندوات الرمضانية الليلية التي تنظمها جريدة صوت الأحرار، حيث أشار إلى أن البيانات التي تحصل عليها تؤكد بأن المؤسسة الوحيدة في الجزائر والعالم العربي التي تتمتع بالمصداقية والثقة لدى المواطن هي المؤسسة العسكرية وتأتي في آخر السلم المؤسسات المنتخبة البرلمان والأحزاب، وبالتالي ما هي أهمية وضرورة تنصيب مؤسسة الإفتاء إذا كانت هشة ولا تجد الرجل المناسب الذي يجلس على كرسيها وكيف‮ ‬يكون‮ ‬تعاملنا‮ ‬مع‮ ‬من‮ ‬يطالب‮ ‬بتنصيب‮ ‬الشيخ‮ ‬فركوس‮ ‬مفتيا‮ ‬للجمهورية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق