بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يوليو 2013

لا تفويض شعبيا أو دينيا يبرر القتل!-باتر محمد علي وردم


حصل الفريق عبد الفتاح السيسي على التفويض الذي يريده وبطريقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العالم العربي. إذا كان كل الملايين الذين نزلوا إلى شوارع المدن المصرية فعلوا ذلك تلبية لدعوة السيسي فهذا يعني أنه يحظى بشعبية أكبر من عبد الناصر، لكن غالبيتهم نزلوا تحت أمل أن يتمكن الجيش من إعادة الحياة الآمنة والمستقرة إلى مصر والقدرة على النظر بتفاؤل إلى المستقبل.
في المقابل هنالك ملايين يدعمون الرئيس السابق إما نتيجة التزامهم التنظيمي مع الاخوان المسلمين أو لأسباب مبدئية لها علاقة بضرورة احترام نتائج وتبعات الانتخابات الديمقراطية وعدم وضع “شرعية الشارع” في مواجهة “شرعية الصندوق”. ما يحدث الآن في مصر من استقطاب سياسي وفكري رهيب يهدد ليس فقط مكتسبات الثورة المصرية بل قيم الدولة والتعايش الإنساني.
فجر يوم أمس سقط عشرات الضحايا في مناطق قريبة من ميدان رابعة العدوية. الروايات الإعلامية المسيسة تختلف إلى درجة التناقض التام ولكن الحقيقة هي أن عددا كبيرا من الناس تعرض للقتل وبطريقة بعيدة تماما عن قيم الإنسانية. في أحد الأطراف وهو المعسكر المؤيد للجيش هنالك شعور بعدم الاكتراث بهؤلاء الضحايا وبأنهم “إرهابيين” لا يستحقون البقاء ولا يملكون حرية التعبير. في المقابل هنالك طرف آخر وهو الأخوان المسلمين يعتبر هؤلاء الناس مددا وسدا بشريا لحماية الطموحات السياسية للأخوان المسلمين وكلما زاد عدد الضحايا تزداد مصداقية الجماعية ودورها المفضل كضحية وجهة مظلومة.
تنهار الدول والمجتمعات عندما يصبح القتل الجماعي مبررا والنموذج الأوضح على ذلك هو سوريا. لم يعد الأمر الآن في مصر يتعلق بمرسي والسيسي أو بالأخوان وما يسمى “الدولة العميقة” لأن مشاعر الغضب والحقد والكراهية والتعبئة والتحريض والكذب الصريح اصبحت هي السائدة في المعسكرين وبدعم شعبي لا يمكن نكرانه. عندما تتحرك الجماعات بالملايين والآلاف للدعوة لمواجهة الجماعات الأخرى بكافة الطرق وشيطنة الطرف المنافس واستسهال تعريضه للقتل وتبرير ذلك تكون معاني الإنسانية قد أصبحت مفقودة.
ما هو أخطر من ذلك انتشار الخطاب العنصري وخاصة لدى الفئات المعادية للأخوان والتي تربط ما بين الأخوان وحماس والفلسطينيين وكذلك السوريين، وهو خطاب يذكرنا بما حدث في فترة العدوان الثلاثيني ضد العراق في 1990 والتي شهدت تعبئة وتحريضا رهيبا ضد العرب الذين رفضوا الاصطفاف في معسكر حفر الباطن.
مصر، مهد الحضارة البشرية وكبرى الدول العربية وذات التاريخ الثقافي والحضاري والسياسي المذهل تمر اليوم في مرحلة خطيرة تتجاوز تماما الصراع السياسي وتصل إلى مستوى الشعور الإنساني. لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير قتل الناس جماعيا ولا نشر الكذب والتضليل ولا قيادة الناس إلى هلاكهم لأسباب سياسية وتنظيمية.
المتظاهر الداعم للأخوان له نفس قيمة الشرطي والعسكري ونفس قيمة الشاب الثوري ونفس قيمة اي مواطن مصري له موقف ولا يوجد اي تفويض شعبي أو ادعاء بتفويض ديني يمكن أن يبرر قتل أي منهم لأن قتل النفس الإنسانية أهم عند الله تعالى من هدم الكعبة حجرا حجرا ومن إزاحة الأخوان المسلمين عن السلطة ومن مكافحة ما يسمى الإرهاب!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق