بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يوليو 2013

عندما تُحتكر الحكمة والوطنية.. - خالد الزبيدي



بعيدا عن نظرية المؤامرة، قائمة طويلة من الدول العربية منها مصر والعراق كانت في ستينيات القرن الماضي تتقدم اقتصاديا وتنمويا على كوريا الجنوبية، وتنافس اليابان، حيث قطعت مصر شوطا مهما في ذلك الوقت، وكان سعر صرف الجنيه المصري يعادل خمسة دولارات امريكية، اما العراق فكان يوصف بانه المانيا الشرق نظرا لوفرة الاموال والعلوم والموارد الطبيعية واعتدال تعداد السكان، الاردن الذي يوصف بمحدودية موارده الطبيعية المستغلة كان في اربعينيات القرن الماضي يصدر القمح و اللحوم الى الاسواق، وتبلغ صادرات يافا من البرتقال سنويا نحو 30 مليون جنيه فلسطيني ( الجنيه يعادل خمسة دولارات انذاك)، وهناك قائمة طويلة من الامثلة على مخزونات الامة العربية ومكامن قوتها.
مرة اخرى، وبعيدا عن نظرية المؤامرة، يطرح المراقب لماذا تقع المنطقة العربية في مسلسل ازمات قاسية ومدمرة منذ اكثر من قرن في العصر الحديث، بدءا من اتفاقية سايكس بيكو الى نتائج الحربين العالميتين والتقسيم والسطو على شعوب المنطقة ومقدراتها، الى سلب ارض فلسطين، واقامة كيان صهيوني بغيض ولد ميتا وفق معايير الدول والامم، الى سلخ تركيا للواء الاسكندرون والسيطرة عليه، واحتلال ايران لمنطقة عربستان ( الاحواز) من العراق، واحتلال ايران للجزر الثلاث في الخليج العربي من دولة الامارات العربية المتحدة، وهذه الاحداث مرت بمرارة وما زالت شوكة في حلق كل عربي حر.
ثم انتقلت الامة من التقسيم الى التفتيت، وهذه المرة وخلافا للعقود والسنوات الماضية، هذا التفتيت يتم بأيادينا، تحت وطأة سيئ الصيت والسمعة ( الربيع العربي)، وما نراه في عواصم عربية مؤلم بعد ان استعذب اهلها اللجوء الى القتل، واعلنوا احتكار الحكمة والوطنية وتجريد الطرف الآخر منها، وانتج هذا الربيع الخريف شخوصا وقوى لم تكن موجودة من قبل تنمو بسرعة مصطنعة، تتسلق كالطفيليات تترعرع على شرايين حياة شعوبها لايهمها واقعها ولا مستقبلها، حتى يكاد المرء ان يصل الى قناعة مفادها ان من يحرك هذا الربيع هم اعداء العصر بأقنعة مختلفة، وان الهدف الاول والاخير هو دفع المنطقة الى الوراء كلما سنحت فرصة للأمة التقدم كما بقية شعوب الارض.
نحن لسنا شعوب الارض الوحيدين الذين لديهم ثروات النفط والاسواق واجيال شابة في بنيتها، لكن ننفرد بنظم سياسية آخرى ما تهتم به هو مصلحة شعوبها، وحقوق المواطنين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فالسياسات تعتمد من الغير، لذلك نجد المنطقة تعيش حالة انكشاف كبير سواء من الدول الفقيرة التي تعاني من عجوز مالية وتراكم الديون او من الدول التي لديها فوائض مالية تفوق قدرتها على التوظيف،،،بشكل او بآخر ان الغالبية العظمى للنظم السياسية العربية هي كما يقال ...خيال المآتة...واليوم تتسلل إلينا مسميات قوى سياسية غريبة وفق مواصفات عجيبة...تدمرنا تقتلنا وتدفعنا عقودا الى الوراء...هل تتعظ العامة...لنأخذ فترة راحة للتقييم والتفكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق