بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 يوليو 2013

خلوة الديمان: «نحن فوقيون» - غراسيا بيطار-لبنان



وأخيراً أدرك المسيحيون، أو على الأقل بعض من يمثلهم، بأن عليهم النظر الى داخلهم لحل مشكلتهم قبل التفتيش عن الحل في ملاعب الآخرين. بعد الوقوف على رأي معظم من شارك في خلوة الديمان، يمكن اختصار مشكلة المسيحيين اليوم بعبارة «الفوقية». فالسواد الأعظم من المسيحيين في لبنان في حالة «طلاق»، لا بل «عداء»، مع كل ما له علاقة بالدولة. «الرسمي» ينفّرهم. من المدرسة الى الجامعة الى المستشفى فالعقار والأرض. قد يعتبر البعض أنه من الظلم الحديث عن «فوقية» لكن الواقع ان هذه الأخيرة متجذرة، خصوصاً أن عوامل عدة تسببت في نموها، تبدأ من التهميش ولا تنتهي بالإقصاء، سواء على مستوى الفرد أو القيادة. تعدّدت الأسباب لكن النتيجة واحدة: «المسيحيون خارج حضن الدولة». أصيبت اللجنة النيابية السباعية ببعض «الكسل» في المدة السابقة، لكن يبدو أن هذه النتيجة التي تتضح بشاعتها أكثر فأكثر هي التي تحفزهم على العمل والاجتماع مجدداً. «المصيبة» تجمع اللجنة في كل مرة، فتركن الى حين خلافات السياسة.
يمثل النواب السبعة مختلف القوى السياسية، وهم: إميل رحمة، سيمون أبي رميا، هادي حبيش، إيلي ماروني، إيلي كيروز وإيلي عون. وتغيّب النائب فؤاد السعد بداعي السفر. عقدوا خلوتهم المطوّلة في حضور النائب البطريركي العام المطران بولس صياح الذي من المقرر ان يشارك في كل الاجتماعات الدورية اللاحقة، وأولها على الأرجح في 6 أيلول المقبل. بالإضافة الى الأباتي انطوان خليفة و«دينامو» الشؤون المسيحية جمعية «لابورا» برئاسة الأب طوني خضرة. كما شارك في جزء من الخلوة، قبل رفع مقرّراتها الى البطريرك بشارة بطرس الراعي، رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر.
خلال الخلوة، جرى تقييم لعمل اللجنة خلال السنتين الماضيتين. وأمام انخفاض «المستوى» المسيحي، إذا جاز الوصف، سواء في الامتحانات الرسمية أو في الإحجام عن التقدم الى الوظائف العامة الرسمية أو الأمنية أو «الاستقتال» لبيع الأرض، يقرّ أكثر من نائب من المجتمعين أن «المشكلة فينا نحن كمسيحيين. فأنا كأي مسيحي آخر علمت أولادي في مدارس وجامعات خاصة. لم يتعلموا ثقافة الدخول في سلك الدولة وخدمتها. لا تشعرهم الوظيفة الرسمية بالأمان الذي يشعرونه في إقبالهم الكبير نحو القطاع الخاص». أدلى كل نائب بدلوه في الخلوة. بعضهم تحدث عن «افتخار» المسلمين بالعمل في «سلك الدولة» مقابل «خجل» المسيحيين من هذا الموضوع. «منّي وبالجر» يقول أحدهم متحدثاً عن أولاده وأقاربه و«ناسه» و«منطقته» من عكار الى بشري والبقاع وجبيل وبعبدا وكل لبنان. يصغون أكثر الى أرقام «لابورا» فيشعرون بـ«السخن» كما في كل مرة.
بعد التقييم اتفق المجتمعون على آلية عمل تدعم الوجود المسيحي في الدولة، وأوكلت «لابورا» القيام بالعمل التنفيذي لهذه الخطة والإحصائي والرصد. وأما الآلية فتقوم على أربع مراحل، هي: جمع المعلومات والقوانين والمراسيم المتعلقة بالموضوع، والنظر في تحرك مناسب يراعي التوازن الوطني، والتحرك في اتجاه المسؤولين لرفع المعطيات لهم، من أجل العمل على طرح مشاريع قوانين تنفذ المادة 95 من الدستور التي تنص على احترام مقتضيات الوفاق الوطني. يزداد المجتمعون قناعة بأن «الخلل يكمن في المسّ في التوازن الوطني، ولكن أيضاً في استقالة المسيحيين من دورهم». يقول أحد المجتمعين: «في قانون الانتخاب اصطدمنا بأن الشريك في الوطن لم يوافق فتوقف المشروع، لكن في موضوعنا اليوم، إنه داخلي بامتياز قبل أن يكون خارجياً، وبالتالي علينا النضال من أجل منع التمييز بين لبناني ولبناني». ويشرح: «في الطائف ألغوا المناصفة في وظائف الفئة الثانية وما دون، وبات يسمح للوزير بأن يُعيّن من يريد في وزارته من دون أي امتحان في مجلس الخدمة المدنية، وتبين أنه خلال الأشهر الماضية أدخل أكثر من ألف متعاقد موزعين لدى وزراء «كل أدخل جماعته أي أبناء ملته».
أمام المعنيين الكثير، أولها التوعية في المجتمع المسيحي، بدءاً من مقاعد المدرسة وصولا الى توصيات السينودوس من أجل لبنان. يكرّر المسيحي لازمة بأن «دولتنا بشعة لا أريدها». وفي خلوة الديمان، تتضح أكثر صورة التحدي أمام الكنيسة والمختلين في أروقتها، ويقولون إن شعارهم في اجتماعاتهم الشهرية موجه لكل مسيحي: «كفاءتك ضمانتك للنجاح، فادخل الدولة واجعلها على صورتك».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق