بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

الكتابة السياسية أم كتابة الاستدعاءات؟! -ماهر ابو طير -الاردن


لا يبقى للكتابة السياسية مكانة عندك، إذ ترى هذه الآلام في البلد: بقيت الحكومة أم رحلت. بقي البرلمان، أم سقط. جاء وزير، رحل وزير. اشتعلت مصر او انطفأت. انتصر الأسد او لم ينتصر..كلها لاتصمد أمام رؤية الفقر واليتم والمرض في الأردن.
كأني بكثرة تحرف اتجاهات الناس في مرات، ولاتذكرهم بالواقع الاجتماعي الصعب، باعتبار ان هذا ترف من فعل الشيطان، أو أن القلم في حالات يترفع عن الآم الناس، فيكون القلم للدنيا، لاحبر فيه للآخرة، او ان القلم وصاحبه ينظران بازدراء الى ما يمكن تسميته بالعامة ما دام القلم اسيراً للنخبة والطبقة المتنفذة في أرضها السابعة، ولأصحاب المقامات، ممن صغر بأغلبهم الذكر والمقام والمآل.
التحول من «كاتب سياسي يومي» في حالات الى «كاتب استدعاءات» وفقاً لتعبير أحد الزملاء أمر لا مفر منه، فأين يذهب الناس، ما دام الجميع أصيبوا بصمم مزمن، لا شفاء منه، وكأننا أمام طواويس صماء في هذا البلد، بحاجة الى من يطرقها على رأسها حتى تصحو؟!.
بين يدي هنا قصة مؤلمة جدا، لطالبة يتيمة عمّانية من عجلون، والطالبة فقيرة جداً، وهي تعيش في عمان، وقد انهت الثانوية العامة، قبل عام، وسجلت في جامعة خاصة، لتتدبر لاحقاً رسوم الفصل الاول، لتدخل الجامعة، وُتسجل في تخصص المحاسبة.
لأن المال غير متوافر، توقفت عن الدراسة، فلا مال معها لإكمال تعليمها، ولا مال للمواصلات، والبنت اليتيمة تغفو اللحظة في عين الحزن والقلق الشديد على مستقبلها.
إذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعهد لكافل اليتيم بالجنة وبرفقته المباركة أيضاً، فلا تعرف كيف يبخل بعضنا، على هكذا طالبة، بدلا من أن يتبنى تعليمها احدهم، ممن في قلبه نور، وقادرعلى اتمام تعليمها رفقاً بها، وبحياتها؟!.
إذ ترى وتسمع كيف ينفق كثيرون أموالهم على مناسباتهم الاجتماعية وحفلات الزفاف والموائد والسهرات الحلال والحرام، لكنهم يتكاسلون أمام مثل هذه اليتيمة، وقد يرسلون لها صدقة، أو يدفعون لفصل واحد ثم يتركونها، فأنك تأسف على حال الناس؟!.
الذي يتم إنفاقه ليلة العيد في النوادي الليلية في البلد احتفالا بمغادرة رمضان، ثقيل الدم على بعضهم، كاف لتعليم آلاف الطلبة، لكننا من مسلمي آخر الزمان، ينفق الواحد عشرة آلاف دينارعلى اثمه ومحرماته، وقلبه أعمى، وفي الآخرة يأتي وقد حشره الله اعمى ايضاً، فلا يسألن قائلا. (رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) ؟!.
كلما انفقنا المال في غير وجهه، وكلما اشتد بنا البخل، أو أنفقنا المال في الحرام، كلما عدنا الى الخلف، ورجعنا الى الوراء، مجتمعاً وافراداً ومؤسسات، فقبض اليد عن هؤلاء، زاد العسر، ولم يؤد الى اليسر، وقبض اليد بات سمة عامة للأسف الشديد.
أين هي «المحمدية» في قلوبنا وبصائرنا، واين هي الأخلاق التي وصف الله بها النبي اذ قال له..(وإنك لعلى خلق عظيم)؟!.
xهذه طالبة مكسورة الخاطر، وذهبت الى جامعة اخرى في عمان، لتسجل ولا مال معها لدفع الرسوم، ولا مصروف للذهاب للجامعة، وابنة عجلون العمّانية تستحق من يرفع عنها معاناتها، ويتبنى تعليمها لأربع سنوات دون مس اليتيمة، او خذلانها في منتصف الطريق.
مثل هذه الابنة اليتيمة يمكن مساعدتها وتبني تعليمها لمن يريد من أهل الله والخير، عبر الاتصال بأمها وهاتفها(0795676663).
يصير التعليم بحاجة لمعجزة، ويصبح كل شيء صعبا على الناس، من  إيجار البيت مرورا بفاتورة الكهرباء، وصولا الى قسط الجامعة، ثم يسألونك بكل غباء وسطحية: لماذا تغير البلد، ولماذا مزاج الناس بات حادا وعنيفا، في ظل المراهنة على أننا شعب لا نعرف إلا..الخضوع والسكوت أمام هذا الظلم. سيأتي يوم يندم فيه كل متكرش مقصّر، على تقصيره وفوقيته وعزلته التي ما جعلته يقف عند شعبه وحاجاتهم، ولاجعلته يفهم واجباته الدينية والدنيوية، ويلوذ بقصصه التافهة، وانتصارته الوهمية، بدلا من الواقع المرالذي ينغمس فيه أغلب البلد، ومن يعش سيرى بعينه مآلات الظلمة.
كل حبرك لابد أن يكون للآخرة، فإن لم يكن كله، فبعضه!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق